السورية مها حسن في رواية جديدة: "عمت صباحاً أيتها الحرب"

" مجلة جنى " عن منشورات المتوسط بإيطاليا، صدرت مؤخراً الرواية الأحدث للكاتبة السورية مها حسن تحت عنوان "عمت صباحاً أيتها الحرب"، والتي جاءت في 368 صفحة من القطع المتوسط.

وعن روايتها الجديدة تقول صاحبة "بنات البراري" و"حبل سري": "في هذه الرواية اتكأتُ على أمي في عملية السرد. كانت تغادر المقبرة لتساعدني في الكتابة. بعد 6 سنوات من الكتابة في زمن القتل والعنف واللامبالاة وانحدار العالم وتوسع مآسيه، قالت أمي (شهرزاد الحرب) كل ما عجزت أنا عن قوله، بعد كل هذا، قررنا، أمي وأنا، التوقف عن السرد قهراً من هذا العالم الذي يتجاهل موتنا وتشردنا وذلنا. لمن نكتب ونحكي إذن"!

وحمل الغلاف الخلفي للرواية كلمة للناشر جاء فيها: "لا شيء يمكنه أن يعوض عن خسارات الحروب، ولا منديلَ، مهما كان أبيض ونظيفاً ومقدساً، يمكنه أن يكفكف دمعنا على الذين قتلتهم الحرب، وأكثر ما سيؤلم في المستقبل حين نجلس ونستذكر سنوات الحرب، سيبدو أن كل شيء حدث بساعة واحدة من الزمن، على الأكثر، وانتهى. الرواية فقط ستنجو من هذه الممارسة اللاب أخلاقية التي قد ترتكبها جميع الفنون الأخرى. لأنها الوحيدة القادرة على إنتاج الشعور بزمن الحرب الطويل، الحرب بكل لحظاتها المظلمة، ورائحة جلدها الذي يتصبب رصاصاً وخوفاً. نعم الرواية فقط ستنجو وخاصة حين تأتينا من روائية متمرسة وصاحبة دربة طويلة".

في هذه الرواية تفعل مها حسن بالزمن الثابت والمتعارف عليه للحرب، ما فعله ودلياني بوجوه ورقاب شخصيات لوحاته. حين جعلها تستطيل فأصبحت أكثر تحريضاً لنا على التأمل واستيلاد الأفكار. هذه الحرب التي بدأها قاتل واحد أصبحت حرب الجميع الآن، حرب من لا حرب له. الكلُّ ضد الكلِّ.

هنا ترجع مها من بيتها الفرنسي إلى بيتها الحلبي الذي دمرته الحرب. تدعو الحرب إليه وتُقعدها في حضنها، وتبدأ تروي لها حكايات، مثلما فعلت شهرزاد مع شهريار. تحدثها عن أمها وخالاتها وأخيها، عن حارتها وبيتها، عما حدث مع شعبها، كيف أصبح فتى الحي الوسيم الخلوق أمير حرب، وكيف أصبح الدم ماء.

تقول مها حسن على لسان بطلتها في أحد مقتطفات الرواية: "ما تزال كوابيس الخراب تطالُنا نحن الراقدات هنا، كلّما سمعْنا أصواتَ القصف، سَكَتْنا، وتوقّفْنا عن التّحرّك، وحتّى عن الهَمْس، لدينا خوفٌ يشبهُ خوف الأحياء، هم يخافون من الموت، ونحن نخاف من فقدان هناءة الموت، أعني نخاف من فقدان هذه الحُفر الطويلة التي وضعونا فيها، أنا ملفوفةٌ بكَفَن أبيض نظيف، لم يتّسخ داخل التراب، لأنّ الحديقة أساساً ليست مُهيّأة لرقاد الموتى. إنها مكان للاستجمام والتسلية. أنا مرتاحة هنا، حين لا يكون هناك قصفٌ، وحين نسمع القصفَ، نخافُ على أماكننا، نخافُ أنْ تنبشَ القذائفُ التربةَ، وتقلبَ قبورَنا صوبَ السطح، فتتعرّى أجسادَنا وأكفانَنا.

تسألينني: ما هذا الصوتُ؟ إنها أصواتُ البنات، لديّ صداقات كثيرة، أسّستُها هنا. إنهنّ يضحكن، لقد تابعتُ ما كنتُ أفعلُهُ هناك في الحارة، ما تُسمّينه أنت تِقْنِيَّة شهرزاد، أنا شهرزاد الحارة، والآن، شهرزاد البستان".

ومها حسن روائية سورية مقيمة في فرنسا، صدر لها العديد من الأعمال الروائية، من بينها: "اللامتناهي – سيرة الآخر"، "لوحة الغلاف"، "تراتيل العدم"، "حبل سري"، "نفق الوجود"، "بنات البراري"، "الروايات"، "مترو حلب"، كما وصلت روايتاها "حبل سري" و"الروايات" إلى اللائحة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية البوكر.