"نحو المحكيات السردية" للناقد المغربي محمد معتصم عن فضاءات الأردن

" مجلة جنى " عن دار فضاءات الأردنية، صدر أخيراً بالعاصمة عمان الكتاب النقدي الجديد للناقد والكاتب المغربي محمد معتصم، تحت عنوان "نحو المحكيات السردية"، والذي يتناول فيه بالدراسة والتحليل عدداً من الأعمال الروائية والسردية العربية التي ظهرت في السنوات القليلة الماضية.

ومنذ الصفحات الأولى للكتاب، يوقفنا الباحث أمام منهجه النقدي في كتابه الجديد، مشيراً إلى أنه يتناول من خلاله "النحو" باعتباره "مفهوماً دالاً على كل علم يقوم على استنباط القواعد الضابطة التي تبرز أولاً حقيقة الموضوع المدروس، أي اللغة أو النص أو الخطاب أو المحكي السردي، وتقوم ثانياً بالحفاظ عليه من الانحراف ومن الدخيل (الأعجمي) الضروري، الذي يتم تقويمه ليكون، وتعديله ليصبح خاضعاً للبنية الصرفية العامة للكلمة في نظام ونسق اللغة العربية.

وفي هذا الكتاب يقدم محمد معتصم كما يقول في مقدمته الضافية: "نحواً للمحكيات" التي يتكون منها النص السردي الروائي العربي خاصة"، معتمداً في ذلك على عدد من النصوص الروائية المتفاوتة، "لإبراز الترابط و"الانسجام" بين جل أنواع المحكيات، وتضافرها في بناء نص سردي روائي حديث "مرَكَّب"، على اعتبار أن النص السردي الروائي يقوم أساساً على بنية مركبة من المحكيات المتنوعة في الحجم والوظيفة".

وفي سبيل تحقيق هذه الغاية، يتناول محمد معتصم في كتابه الجديد العديد من الأعمال الروائية، التي حاول تطبيق رؤيته النقدية عليها من خلال قراءته الخاصة لعوالمها الروائية ولمحكياتها السردية، ومن بين هذه الأعمال روايات: "الرجيف" لحكمت النوايسة (2017)، "أعالي الخوف" لهزاع البراري (2014)، "المحاكمة" (2014) لليلى العثمان، "ذئب الله" لجهاد أبو حشيش، كما يتناول في دراسة مطولة عملين للكاتب الفلسطيني رسمي أبو علي هما "الطريق إلى بيت لحم" (1991)، و"تلك الشجرة الجليلة.. ذلك الانحدار السحيق، أوراق من عمّان الخمسينات" (2005)، وغيرها من الأعمال الروائية العربية الأخرى.

والهدف من هذه الدراسات النقدية المتعددة، بحسب ما جاء في مقدمة الكتاب، هو: "وصف النص السردي الروائي"، وكذلك الوقوف على "سمْت النص السردي الروائي"، في محاولة تقعيدية للمحكيات، والتي يجد القارئ تفصيلاتها في الدراسات المعتمدة في الكتاب، وقد وضع الناقد المغربي توصيفاً دالاً لكل نوع، من قبيل: "المحكي الإطار: وهو محكي تام أكبر، يضم إليه خيوط كل المحكيات الأخرى الأدنى"، ثم "المحكيات التامة: وهي محكيات "موازية" ومستقلة، يمكنها أن تكون وحدة خاصة مستقلة تركيبياً ودلالياً، أي أنها "نص في نص"، وقسمها محمد معتصم إلى قسمين، هما: "المحكيات التامة الكبرى" و"المحكيات التامة الكبيرة"، جاء بعدها "المحكيات غير التامة: والتي يعرفها باحثنا بوصفها محكيات تكميلية، لا يمكنها الاستقلال بذاتها، كوحدة سردية مترابطة ومنسجمة ومفيدة وموازية، وقسمها بدورها إلى قسمين، هما "محكيات صغرى غير تامة" و"محكيات صغيرة غير تامة".

والجدير بالذكر، أن الناقد المغربي محمد معتصم له العديد من الكتب النقدية من بينها: "الشخصية والقول والحكي" (1995)، "الرؤية الفجائعية: الأدب العربي في نهاية القرن وبداية الألفية الثالثة" (2003)، "المرأة والسرد" (2004)، "الصيغ والمقومات في الخطاب الروائي العربي" (2004)، "الذاكرة القصوى، دراسات في الرواية المغربية المعاصرة" (2006)، و"القصة القصيرة المغربية في السبعينيات" (2006)، علماً بأن "نحو المحكيات السردية" ليس أول كتاب يتناول محمد معتصم من خلاله نحو المحكيات الروائية، بل سبق له أن تناول الموضوع ذاته في كتابيه السابقين "مكون الشخصية الروائية" (الجزائر، 2014)، و"قراءة الرواية وكتابة الذات" (الأردن، 2016).