المرأة والريادة والاقتصاد

" مجلة جنى " تمثل ريادة الأعمال النسائية مصدرا واسعا للابتكار، وخلق فرص العمل وللنمو الاقتصادي، ولكنه ليس مستغلا بالشكل الكافي في المنطقة العربية إلى الآن ، حيث أظهر المؤشرات في معظم دولنا العربية تقدما ضئيلا في تضييق الفجوة الاقتصادية بين المرأة والرجل. ولكن في الوقت نفسة بدأت تتزايد المبادرات الابتكارية الرامية إلى تعزيز روح المبادرة لدى المرأة، في القطاعين الخاص والعام. لأن الحكومات والمجتمع أدركوا أن دعم وتعظيم فرص النهوض بالمرأة في مجال ريادة الأعمال هي مسألة أساسية في دعم الاقتصاد المحلي، شأنها شأن دعم التصنيع أو الجودة أو تطوير المنتجات. ولأن دعم المرأة في مجال ريادة الأعمال سوف يسهم في زيادة مساهمة المرأة في الاقتصاد والمساعدة في التخفيف من حدة المشاكل التي تمر بها المجتمعات العربية، مثل العنف المنزلي والتمييز والطلاق والفقر والانحراف. فإن دعم المرأة في مجال ريادة الأعمال لن يسفر عن فوائد للمرأة ولا أسرتها التي تستفيد بشكل مباشر فقط، وإنما أيضا لقوة الاقتصاد الكلي للبلد.

حسب التقارير الدولية فإن المرأة تقوم بثلثي العمل في العالم، ولكنها لا تحصل إلا على 10 في المائة من الدخل العالمي، وتنتج نصف الأغذية في العالم، ولكنها لا تمتلك سوى واحد في المائة من الأراضي الزراعية. وهذا سببه أن التفرقة الاجتماعية والاقتصادية التي لحقت تاريخياً بالمرأة (في كل دول العالم وليس في منطقتنا فقط) لا تزال تترك آثارها السلبية على دورها الفاعل في الحياة العامة، بالرغم مما أثبتته من جدارة وأهلية في شتى المجالات.

إن دعم ريادة الأعمال النسائية تتطلب اهتماما تعاونيا متكاملا من جانب الحكومة وقطاع الأعمال والمجتمع والأسرة ورائدة الأعمال نفسها، وذلك يبدأ بمعالجة العقبات والقيود الاجتماعية والثقافية والقانونية والسياسية، وتمكينها من تجاوز رواسب المفاهيم المجتمعية الخاطئة، التي ما زالت في كثير من الأحيان تشكل خللاً كبيراً يتطلب سرعة المواجهة وتوفير الحلول لعلاجها والتخلص من مسبباتها، مثل: ظاهرة الزواج الخاطئ المتمثل في المقايضة، والزواج من الرجل الثري والزواج المبكر ـ وعدم الأخذ برأي المرأة في معظم هذه الحالات واستغلال الجهل والضعف في بعضها، وتحمل الأعباء المزدوجة في الأعمال الخارجية والمنزل وملاحقتها في التقصير أو التهديد بالطلاق إذا لم تفعل المعجزات لإرضاء الزوج، وهي تعاني إلى حد المرض من أعباء المهام الوظيفية والأسرية. ولا ننسى الأمية التي ما زالت تشكل عائقاً معرقلاً في الريف خصوصاً، والذي يحول دون تفهم المرأة لحقوقها وواقعها وإدراكها لأهمية تأدية واجباتها على أكمل وجه. إضافة إلى تفضيل الذكور وكثرة الأولاد ، أيضا النظرة الدونية للفتاة التي وصلت إلى سن الزواج ولم تتزوج وكأن عيباً حل بها جسدياً ونفسياً جعلاها في مشكلة وعليها حلها، فتبدأ الفتاة بترك تنمية نفسها عقليا واقتصاديا وتركز فقط عن البحث عن العريس المخلص!

كما يجب أيضا إزالة العقبات أمام النهوض بالمرأة في القيادة داخل المنظمات الحكومية والخاصة، فضلا عن دعم النساء الموهوبات، والقضاء على التحيز المتأصل والمعايير الاجتماعية التي تقلل من قيمة وعقل المرأة. حيث إن هذه العوامل كلها هي جزء من النظام الايكولوجي المترابط الذي يؤثر على رائدات الأعمال وتمنع استمرارهن في هذا المجال. بالإضافة لمعالجة المشاكل الأخرى التي تواجه كل رواد الأعمال من الرجال والنساء مثل الحصول علي الائتمان، الحصول علي التدريب اللازم، في أحيان كثيرة عدم القدرة على استخدام التكنولوجيا الحديثة، بالإضافة إلى القدرة على الإدارة، ومحو الأمية المالية، وقلة الإبداع نتيجة للسلبية المنتشرة في المجتمع، وضعف الديناميكية والمرونة وقبول الفشل، والثقة بالنفس.

وهنا سوف استعرض بعض الحلول العملية التي قامت بها بعض الدول التي نجحت في هذا المجال، مثل وضع بعض السياسات على مستوى الدولة عامة، والوزارات خاصة، لربط رائدات الأعمال بالمشاريع التنموية لضمان تسويق منتجاتهم، وإنشاء بند منفصل في الميزانية العامة للدولة أو في أي وزارة لإنشاء صندوق لتنمية روح المبادرة النسائية، لمعالجة مختلف العقبات التي تقابل رائدات الأعمال، بما في ذلك الحصول على التمويل، وتدريب صاحبات المشاريع، وتحسين فرص وصول المرأة إلى الأسواق. كذلك التركيزعلى المرأة في قطاعي الزراعة والصناعة، والتنمية الريفية، والنقل، والاتصالات ، والتعليم،والتكنولوجيا. ووضع برامج تدريبية للمرأة تركز على تكنولوجيا المعلومات، ودعم الصناعات الحرفية واليدوية التقليدية عن طريق توسيع نطاق برامج التعليم الفني وتكنولوجيا المعلومات. وينبغي تدريس مهارات التسويق والاتصالات لرائدات الأعمال، وعمل آلية لضمان وصول أفضل لصاحبات المشاريع إلى تسويق السلع التي ينتجنها. والأهم إنشاء مراكز موارد للمرأة على مستوى المحافظات لتوفير البحوث والبيانات اللازمة لتحديد المشاكل التي تواجهها صاحبات المشاريع، وتقديم المشورة والمشاركة في الدعوة والتوعية بشأن الدور الذي يمكن للمرأة أن تلعبه في الاقتصاد. وفي النهاية كما قالت مارجريت تاتشر، “إذا أردت كلاما جميلا، استعن برجل ، و إذا أردت فعلا وتنفيذا ، استعن بامرأه”، وأعتقد أن أمتنا تحتاج التنفيذ والتنفيذ السريع!

وكالة أخبار المرأة