دراسة ألمانية: الحب عند المصريين سر قدرتهم على التعايش!

" مجلة جنى " تظل القدرة على التعايش إحدى أهم سمات المصريين رغم كل الهموم وضيق الحال بالنسبة للغالبية منهم، ويظل الحب عند المصريين لغزا ربما لا يفهمه إلا المصريون أنفسهم ذلك أنه السر وراء قدرة التعايش تلك.

أحد الباحثين الألمان ويدعى “شتيفنشترومنجر” حاول فهم هذا السر ضمن دراسة بحثية ضخمه اختارها موضوعا لرسالته العلمية فجاء إلى مصر خصيصا وأقام وعمل بها واندمج مع المصريين لإكمال دراسته البحثية.

“شترومنجر” زار مصر لمرات عدة من قبل وتعلم العربية خصيصا من أجل شيء واحد فقط وهو محاولة فهم سر قدرة المصريين على التعايش.

وفهم آليات الحب لديهم،فضلا عن طبيعة أهل البلاد الذين أدهشته بساطتهم وقدرهم على التعايش في ظروف ربما لو عاش مائة عام آخرى في بلاده لم يكن ليراها أبدا.

الهدف الوحيد للباحث الألماني كان إجراء دراسة لمعرفة قواعد الحب في بلاد الفراعنة.

ويبدو وفق النتائج التي توصل إليها أن المصريين من داخلهم غير ما يبدون عليه من الخارج، فهم يبدون كأشخاص غارقين في الهموم والمشاكل والسعي وراء لقمة العيش باستمرار.

الباحث أكد أن ما لا يعرفه الكثيرون عن المصريين في العالم أنهم أكثر شعوب الأرض تأثرا بالحب، رغم معاناتهم المستمرة في بعض مراحل تاريخهم الصعبة.

وقال أن الحب عند المصريين وفى حياتهم غير مقتصر على العلاقة بين الرجل والمرأة فقط، بل أنهم يستخدمونه في كل علاقاتهم وحتى في حياتهم اليومية.

فهم يأكلون ما يحبون، ويشربون ما يحبون، ويعيشون في المكان الذي يحبونه، وتقوم علاقاتهم ببعضهم على أساس الحب بالمقام الأول.

هم أكثر من يقدر الحب ويفعله بالحياة، وأكثر خلق الله تطبيقا لتعريفه الشمولي، والذي يتعدى مرحلة الرومانسية، التي يتوقف عندها الكثيرون.

إنهم يبحثون عن الحب عند المصريين

الباحث الألماني البالغ من العمر 53 عاما، لم يكن قد بدأ جولته بعد في البلاد لبدء العمل في الهدف الذي قدم من أجله، لكنه لم يكن يدري أنه سيصل إليه بأبسط الطرق.

ففي أولى أيامه بالقاهرة، خرج لتفقد الأجواء هناك، ولفت نظره بائع فاكهة، يستمع إلى أغنية في الراديو للسيدة “أم كلثوم” بكل اندماج وراحة بال، فاتجه ناحيته وطلب منه شراء بضع برتقالات كي يتسنى له الحديث معه.

ثم قال له بلهجة عربية ضعيفة: قل لي، أليست هذه الأغنية التي تسمعها الآن في الراديو، هي أغنية إنت عمري؟” .

فاندهش البائع من قدرته على التحدث بالعربية من ناحية، ومن معرفته بالأغنية الشهيرة من ناحية آخرى، فما كان منه إلا نادى زملاءه البائعين حتى تجمعوا.

وفي غمضة عين تحلق الناس حوله، ثم أخذوا يصفقون في حماسة ويطلبون منه أن يغنيها!

رد الفعل المفاجيء للباحث الألماني لم يمنعه من تلبية رغبتهم، فأخذ نفسا عميقا، وبدأ يغني :إنت عمري الي ابتدى بنورك صباحه”.

بدا الذهول سمة كل الحاضرين الذين انطلقوا في الضحك واحدا تلو الآخر “أجنبي يتقن أغنية العظيمة أم كلثوم”! هذا شيء لم يرونه أبدا من قبل.

وبعد أن أنهى الباحث ترديده لأولى مقاطع الأغنية المصرية، سأله الناس عن سبب مجيئه إلى هنا، فلم يتردد في البوح لهم عن السبب الحقيقي.

وبدأ في التحدث معهم عن الحب في حياتهم . وبطبيعتهم المصريون يحبون الكلام، لكنهم أفاضوا في الحديث عن الحب بطريقة أعطته انطباعا أنه يتحدث مع أشخاص لا يقلون معرفة عن العلماء والباحثين الذين اعتاد الحديث دائما معهم في بلاده . والغريب أن من كانوا يحدثونه هم بائعي فواكه!

وعاد الباحث الذي تخرج من جامعة “مارتن لوثر” الألمانية إلى بلاده بعد أن قام بجمع نتائج بحثه الميداني التي وضعها بعد ذلك في كتاب قال في أهم فصل فيه أن ما يدهش الزائر الغربي لمصر أنه لا يكاد يرى أثرا للحب كما يجب أن يكون.

وأنه كلما تجول في شارع من شوارع تلك البلاد، فهناك أشياء عديدة قد يعتقد أنها أولوية بالنسبة لهم.

ولكن إذا حاول مراقبة أحاديثهم الجانبية، كأسعار الخضروات والفواكه أو السياسة، فسوف يكتشف بشكل مفاجىء أن ما يشغلهم بحق هو الحب!