طفلة بـ4 آلاف دولار...آباء يزوجون بناتهم القاصرات بسبب الجوع

" مجلة جنى " قالوا قديما في الأمثال العربية، إن "الجوع كافر"، فهو يجبرك على أن تتخلى عن كرامتك طلبا لرغيف الخبز، وإذا لم تكن ممن يفرطون، فأنت هالك لا محالة، ولكن هل تتصور أن الجوع في اليمن، تلك البقعة التي أصبحت ممزقة بفعل الصراع الدموي، يجبر الأباء على بيع بناتهم، مقابل المال، فأصبحت ظاهرة زواج القاصرات هي الأبرز الآن هناك.

حالات كثيرة تم توثيقها لزواج فتيات قاصرات من رجال كبار السن، بعضهم جاء إلى اليمن لشراء طفلة يستمتع بها، وليس امرأة ليتزوجها ويبني معها أسرة، فما الذي يمكن أن يقدمه رجل تجاوز الستين من عمره لفتاة في سن العاشرة أو أكثر قليلاً، وما الذي يتوقعه الآباء هناك من زواج كهذا، فهو إن استمر سيكون مآله انتهاء صفقة البيع بموت الزوج الطاعن في السن، وعودة ابنته إليه بطفل أو أكثر.

الإحصائيات الرسمية، حسب الدكتور مسعد المزين، الطبيب في إحدى مستشفيات صنعاء، تقول إن نسبة زواج القاصرات خلال العامين الماضيين في اليمن، تصل إلى 44% من حالات الزواج ككل، أي تقترب من النصف، حيث أن القاصرات، أقل من 15 عاماً، يتم تزويجهن لرجال طاعنين في السن، مقابل مبالغ كبيرة.

وحسب المزين، الذي تحدث عن الظاهرة التي تؤرق كثيرين في اليمن الآن، فإن الرجال يزوجون الفتيات القاصرات لهدفين، الأول أن يتقلص عدد أفراد البيت، في ظل حالة من الفقر المدقع الذي أصبحت الأسر تعاني منه بسبب الحرب، وأيضاً الحصول على مبلغ من المال يكفي لبدء نشاط تجاري، أي أن الفتاة تكون وسيلة لتحسين حياة الأسرة.

ويروي المزين قصة طفلة، رقدت في المستشفى نحو شهر كامل، لأنها لم تحتمل الممارسة الزوجية مع زوجها، الذي تجاوز 55 عاماً من العمر، والذي أصر على الدخول بها، على الرغم من كونها لم تتجاوز 9 سنوات، مبرراً ذلك بأن الفتيات في عهد الإسلام الأول كن يتزوجن في هذا السن.

الآن، مرت 3 سنوات من عمر الصراع في اليمن، وقفت فيه كثير من الأسر اليمنية على حافة هاوية الفقر، بعدما قتل عائلها، أو هرب فاراً بحياته من جحيم ونيران الحرب. وحسب إحصاءات غير رسمية، فإنه قد هرب ما لا يقل عن 3 ملايين شخص من اليمن، وبالتالي أصبحت الأسر مشردة، وغير قادرة على تدبير نفقاتها، وعاجزة عن تجهيز بناتها، لذلك وجدت أن تزويج البنات لجلب المال هو الحل.

في أحد تقاريرها الخاصة بالأوضاع في اليمن، صدر مؤخراً في شهر مايو/ أيار 2017، قالت منظمة "اليونيسيف" الدولية، التابعة للأمم المتحدة، إن زواج القاصرات في اليمن انتشر بشكل خطير، مؤكدة أن الآباء يزوجون بناتهم ليرتاحوا من عبء الرعاية والنفقة، ويرون أن أسرة الزوج ستقدم لبناتهم حماية أكبر، كما أن الأسر — في المقام الأول- تبحث عن المهر الذي يمكنها من مواجهة الفقر الذي خلفته الحرب.

وكشفت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية، في تقرير سابق لها، أن الظاهرة التي باتت مرعبة في اليمن، صارت منتشرة بشكل مخيف، لدرجة أن التجار الذين فقدوا أموالهم بسبب الحرب يحاولون تعويض هذه الأموال من خلال تزويج بناتهم القاصرات، حتى أن أحدهم منح ابنته ذات السنوات الـ10 لرجل تجاوز الـ70 من عمره، مقابل 4 آلاف دولار.

وتكشف الصحيفة البريطانية، أن أحد الآباء زوَّج ابنته 3 مرات في عامين، بحثا عن المهر، وأب آخر زوج ابنته ذات الـ13 عاماً لرجل كبير السن، واكتشف بعدها أن أسرة الزوج تعتدي عليها بالضرب والإهانة، ويتم معاملتها معاملة العبيد، كما تم إجبارها على مقاطعة أهلها، ما دفعها إلى الهرب من زوجها وطلب الطلاق منه.

يكشف السياسي اليمني أحمد عياش، أن 400 ألف فتاة في اليمن، قاصرات تحت سن الـ18 عاماً، تم تشريدهن، وتجبر الحرب أسرهن الآن على السير في نفق مظلم، وهو تزويجهن من أول طارق على الباب، بغض النظر عن المصير الذي قد يتعرضن له، فهذا الزواج يكفل للأب مبلغاً من المال، يعينه على الإنفاق على باقي أفراد الأسرة.

ويضيف "السياسة شردت الأسر في اليمن، من كان يتخيل أن اليمن السعيد يمكن أن تباع فيه الفتيات كالجواري مقابل المال؟ قد نتهم الحرب ونتهم السياسيين، ولكن في الأصل يجب أن نتهم من منعوا عن الموظفين رواتبهم، ومن حرموا الآباء من المنحة التي كانوا يحصلون عليها لتزويج الفتيات أو تعليمهن، هذا الوطن في حاجة إلى إنقاذ عاجل".