العادات والتقاليد تحرم المرأة اليمنية من حقها في الميراث

صنعاء ـ " مجلة جنى " قلة من اليمنيات يلجأن إلى القضاء لتحصيل حقوقهن، رغم أن السائد في مناطق كثيرة هو حرمان المرأة من حقها في الميراث لصالح إخوتها الذكور. تفضل الغالبية العظمى منهن الصمت على الحرمان، خشية قطيعة يفرضها عليهن الأشقاء والأقارب، في مجتمع ذكوري محافظ.

ولا تخفي هدى، وهي سيدة يمنية في الأربعين من العمر، شعورها بالحسرة بسبب استحواذ أشقائها على العائد المادي لأراض زراعية تركها والدها المتوفي منذ ثماني سنوات.

تقول هدى، التي تتحدر من محافظة الضالع، 245 كيلومترا جنوب العاصمة صنعاء، إنها تتعرض للعنف اللفظي من أشقائها كلما طالبتهم بحقها من الميراث.

وأضافت السيدة التي طلبت عدم ذكر اسمها بالكامل "بينما يستمتع أشقائي وأطفالهم بعائدات أرض والدي، لا أجد أنا غالبا قيمة العلاج إذا مرض أحد أطفالي".

العادات أقوى من القانون

تنتشر ظاهرة حرمان الإناث من الميراث، على نحو كبير، في المناطق الريفية في اليمن، حيث يقطن أكثر من 70 في المئة من السكان البالغ عددهم حوالي 26 مليون نسمة.

"الموروث الثقافي والعادات القبلية المتخلفة، أسباب رئيسة لحرمان الإناث من الميراث"، تقول فيروز الجرادي، محامية يمنية في العاصمة صنعاء.

وتؤكد أن غالبية المناطق اليمنية تنظر للمرأة بدونية وبالتالي "يرى الذكور أنه لا يجوز توريثها خاصة في العقارات".

وبالرغم من إنصاف التشريعات اليمنية للمرأة في هذا الجانب، إلا أن الإشكالية وفقا للجرادي، "تكمن في غياب التطبيق وتطويل أمد التقاضي في هذا النوع من القضايا الشخصية".

وتؤكد "تعاملت مع قضايا كثيرة من هذا النوع، حكم القضاء في جميعها لصالح النساء، لكنها أخذت سنوات طويلة قبل البت بها".

وتوافقها في ذلك انتصار سنان، وهي ناشطة حقوقية يمنية، قائلة إن "المجتمع اليمني غير منصف بشأن حقوق النساء".

وتحدثت عن تعرض نساء للاعتداء الجسدي من أشقائهن "بسبب مطالبتهن بالميراث".

ويرى ناشطون حقوقيون أن مقابلة هذا النوع من الدعاوى القضائية بالمماطلة، واحدة من أبرز الإشكاليات التي تجبر النساء على عدم اللجوء إلى القضاء.

الوازع الديني

وأكد القاضي حمير قيس، وهو وكيل نيابة في العاصمة صنعاء، أن لا علاقة للقضاء بحرمان المرأة من الميراث، نافيا إمكانية أن يحرم القضاء امرأة من إرثها إن هي لجأت إليه.

واعتبر أن المشكلة ليست في القضاء، بل في من يمنع المرأة من حقها بالميراث.

وقال إن "الجهل السائد في بعض المناطق اليمنية سبب رئيسي في حرمان المرأة من الميراث، فضلا عن ثقافة العيب في أن تقاضي المرأة أهلها".

ولفت قيس إلى أن إطالة أمد التقاضي أمام المحاكم اليمنية يعود لأسباب كثيرة أهمها "تراكم القضايا، وقلة عدد القضاة، وعدم وجود الكادر الإداري الكافي".

رائحة الجنة

وشدد الشيخ جبري حسن، وهو رجل دين يمني على عدم جواز حرمان المرأة من الميراث وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.

واعتبر حسن، وهو وكيل وزارة الأوقاف والإرشاد في صنعاء، أن "حرمان الإناث من الميراث تعد على شرع الله".

وروى حديثا نبويا ينص على أن "من حرم وارثا من إرثه حرمة الله من رائحة الجنة".

الحرة