دافينشي في المزاد ولوحته المفقودة بمئة مليون دولار

مجلة جنى - تعتبر لوحة “منقذ العالم” للفنان الإيطالي ليوناردو دافينشي المكتشفة أخيرا من أهم الاكتشافات الفنية الحديثة، كونها اكتشافا جديدا نسبيا يضاف إلى مجموعة أعمال دافينشي المنتشرة في المتاحف الوطنية حول العالم، وخصوصا بعد أن سيطر اعتقاد لدى مؤرخي الفن بأنها ضائعة أو تالفة.

اللوحة ستنتقل بين عدة أماكن قبل عرضها في مزاد علني يتم الإعداد له قريبا في مدينة نيويورك الأميركية، حيث ستبدأ رحلتها في هونغ كونغ ثم سان فرانسيسكو ثم لندن، وأخيرا نيويورك حيث ستباع إلى جانب عمل “ستون عشاء أخيرا” للأميركي أندي وارهول.

واللوحة ستعرض للبيع بعد أن حسم الخبراء الجدل القائم حولها منذ اكتشافها مرة ثانية عام 2005 وأكدوا أنها أصلية وليست نسخة مزورة أو طبق الأصل، وتعتبر هذه اللوحة من الأعمال القليلة جدا لدافنشي التي يُعرض بيعها للعلن، وخصوصا أن الكثير من أعماله موجودة في المتاحف العالمية، كون شهرته أثناء حياته أتاحت له أن يجد سوقا لكل ما يقوم بإنتاجه من لوحات، ففنانو تلك الفترة كانوا يعملون بالتعاون مع البلاط الملكيّ أو بابا الفاتيكان أو مع الزبائن من النبلاء وليكون إنتاجهم حسب الطلب.

ويذكر أنه قبل المزاد كانت اللوحة مملوكة من قبل جامع تحف أوروبي لم يُصرح عن اسمه لتعرض بعدها للعلن عام 2011 في معرض مخصص لدافينشي في لندن، وما يثير في حكاية هذه اللوحة هو ندرة المعلومات عنها، إذ إلى الآن لا نعلم من هو الذي طلب من دافنشي رسمها، لكن بعض الخبراء يظنون أن دافنشي أنجزها بناء على طلب الملك الفرنسي لويس الثاني عشر بين 1506 و1513، وبعد وفاة دافنشي انتقلت إلى إنكلترا، إذ وجدت عام 1649 لدى ملك بريطانيا تشارلز الأول الذي عرف باقتنائه للوحات والأعمال الفنية في تلك الفترة، لتنتقل ملكية اللوحة بعد وفاته بين نبلاء بريطانيا، ثم يختفي أثرها في منتصف القرن الثامن عشر ولما يزيد عن 137 عاما، لتعود بعدها إلى الظهور في سوق اللوحات في القرن التاسع عشر، لكنها كانت متضررة وبحاجة إلى ترميم إلى حين بيعها عام 1958 في أحد المزادات العلنيّة، إلاّ أنها خضعت منذ ذاك الوقت للعديد من عمليات الترميم والإصلاح والفحص الدقيق للتأكد من أصالتها ومحاولة إعادتها إلى صورتها الأصليّة.

وتقنية العمل التي اتبعها دافينشي في رسم “منقذ العالم” مشابهة لتلك التي اتبعها في الجوكاندا، إذ أوضحت الفحوصات المخبريّة التعديلات التي كان يقوم بها دافينشي على اللوحة أثناء الرسم وذلك عبر دراسة طبقات الألوان وتوزعها، وما حسم الشك حول أصالتها العثور على مخططين تحضيرييّن لها، أشبه بالمسودات التي كان يستخدمها دافينشي لضبط الأبعاد والتكوين، كما عُثر على أكثر من عشرين نسخة من اللوحة قام بإنجازها طلابه ومساعدوه، إلى جانب وجود نسخة منها أنجزها الفنان وينسيسلاوسهولار عام 1650.

ويعتبر دافينشي من أعلام عصر النهضة، فهو نحات ورسام ومخترع، كما تحيط بحياته الكثير من الحكايات الغرائبيّة عن عبقريته الفذّة، ما جعله مُلهما للكثيرين في العديد من المجالات الفنية والأدبية، كما أن أشهر أعماله الجوكاندا مازالت تثير الكثير من التساؤلات المرتبطة بهويتها وتقنية إنجازها، ليتحول دافنشي إلى موضوعة تحضر في الكثير من الأفلام والروايات، كفيلم “ابتسامة الموناليزا” بطولة الأميركية جوليا روبيرتس، إلى جانب الرواية الشهيرة “شيفرة دافنشي” التي أطلقت شهرة الكاتب الأميركي دان براون كونها توظّف تراث دافنشي الفني ضمن حبكة بوليسية مرتبطة بتاريخ الكنيسة وسلالة سرية للمسيح لا يعلم بها أحد.

(العرب)