الآثار الجانبية لتدخينك النرجيلة

تدخين (النرجيلة) عادة قديمة بين شعوب آسيا والشرق الأوسط، ولكنها مؤخرا بدأت تنتشر بشكل كبير حتى في الدول الغربية التي بدأت تعاني من آثارها الصحية. والانتشار الحديث الواسع لتدخين النرجيلة ظهر في أوساط الشباب والفتيات لاعتقادهم الخاطئ بأن النرجيلة أقل ضررا من التدخين وأن مرور الدخان على الماء يخلصه من الكثير من السموم.

ونحن هنا سنحاول التعرض للأبحاث العلمية التي تعرضت للآثار الصحية لتدخين النرجيلة. وقبل ذلك سنستعرض نبذة تاريخية عن النرجيله حيث تشير بعض المصادر إلى أن الشيشة ظهرت أولا في شمال غرب الهند بعد وصول التبغ إلى تلك المنطقة.  حيث طور طبيب يعرف بحكيم أبي الفتح الجيلاني وكان يعمل في البلاط السلطاني نظاما لمرور الدخان على إناء من الماء لتنقيته وتبريده حوالي العام 1588م. وأصبح تدخين الشيشة في ذلك الوقت عادة النخب الحاكمة في شمال الهند.  وانتشرت الظاهرة بعد ذلك غربا واصبحت عادة متأصلة في تركيا وبعض الدول العربية ومنها انتقلت إلى الغرب مع الهجرات العربية إلى أوروبا وأمريكا.

ومن المؤسف أن تدخين النرجيلة انتشر مؤخرا بين الشباب والفتيات بشكل كبير.  وتشير الأبحاث المنشورة من دول الشرق الأوسط إلى أن نسبة تدخين النرجيلة بين الشباب والمراهقين تتراوح بين 6-34%فيما بلغت النسبة 5-17%بين المراهقين في أمريكا. ويعود سبب كثرة انتشار هذه العادة بين الشباب كما ذكرنا أعلاه إلى اعتقاد الشباب أن تدخين النرجيلة أكثر أمانا من تدخين السيجارة وبسبب وجود نكهات مختلفة تحسن مذاق الدخان وكذلك انتشار المقاهي التي تهيئ جلسات مريحة وخدمات للشباب كما أنها أصبحت ملازما رئيسيا للشباب وبعض الفتيات خلال اجتماعاتهم الترفيهية والاجتماعية.

الابحاث الحديثة التي درست علاقة تدخين الشيشة بالصحة أظهرت أن تدخين النرجيله في أحسن الأحوال لا يقل ضررا عن تدخين السجائر.  وسنستعرض هنا بعض هذه الأبحاث.  ففي دراسة قام بها باحثون في الجامعة الأمريكية في بيروت وجد أن تدخين دورة واحدة من النرجيله يطلق ما معدله أربعة اضعاف المادة المسرطنة (PAH)، واربعة أضعاف الألدهايد الطيار وثلاثين ضعف أول أكسيد الكربون ما تطلقه سيجارة واحدة.  كما أظهرت الدراسة أن تدخين ساعة كاملة من النرجيلة يطلق في الجو المحيط من المواد المسرطنة والسامة ما تطلقه 10-20 سيجارة.  أي أن تأثير التدخين السلبي الناتج عن تدخين النرجيلة قد يفوق في خطره تدخين السجائر. ودعا الباحثون إلى منع تدخين النرجيلة في الأماكن العامة أسوة بالسجائر. كما أظهر بحث نشر في مجلة الصدر (المجلة الرسمية لكلية الصدر الأمريكية) (على عينة من المتطوعين الرجال والنساء أن تدخين النرجيلة نتج عنه زيادة مباشرة في ضغط الدم وسرعة التنفس.  وقد أظهر بحث آخر أن النساء أكثر عرضة لآثار التدخين الضارة مقارنة بالرجال.  وقد أظهر تدقيق علمي منهجي أن تدخين النرجيلة زاد بنسبة مهمة احتمال الإصابة بسرطان الرئة وأمراض الرئة الانسداديه المزمنة ونقص وزن حديثي الولادة وأمراض اللثة. وتوصل الباحثون خلال بحث نشر في مجلة الصدر (المجلة الرسمية لكلية الصدر الأمريكية) قاموا خلاله بعمل مراجعة علمية منهجية لكل الأبحاث التي درست تأثير النرجيلة في كل دول العالم، توصل الباحثون إلى أن تأثير النرجيلة على الصحة لا يقل بأي حال عن تأثير دخان السجائر وأن يسبب كل مضاعفات تدخين السجائر.

ويعتمد التأثير الصحي للنرجيلة على طول دورة التدخين والتي قد تتراوح بين 20-80 دقيقة وقد تطول عن ذلك، وعدد مرات الشفط في الدورة الواحدة وعمق الشفط حيث تتراوح عدد مرات الشفط من 50-200 شفطه في الدورة الواحدة بعمق نصف ليتر إلى ليتر من الهواء.

كما تظهر الأبحاث إلى أن كثيرا من الذين يدخنون النرجيلة يدمنون تدخين السجائر فيما بعد.

لذلك يمكن القول بأن تدخين النرجيلة أصبح مشكلة صحية كبيرة بين الشباب وان مضاعفات تدخين النرجيلة لا تقل بأي حال عن تدخين السجائر حيث تسبب الإدمان وتزيد من احتمالات الإصابة بالسرطان وأمراض الرئة الانسدادية المزمنة وامراض الأوعية الدموية وأمراض اللثة وأورام الفم والمريء.  كما أن تأثيرها في البيئة المحيطة أو ما يعرف بالتدخين السلبي لا يقل خطورة عن تدخين السجائر.