نافذة جديدة لإنعاش الاقتصاد السعودي من خلال تمكين المرأة

" مجلة جنى" الرياض – فتحت الحكومة السعودية جميع الأبواب أمام تعزيز دور جميع النشاطات الاقتصادية وأزالت آخر العقبات التي كانت تتمثل بحصولها موافقة من “ولي الأمر” في خطوة تتوج سلسلة واسعة من الإصلاحات التي تهدف إلى تمكين المرأة اقتصاديا.

ويرى محللون أن تلك الخطوة ستحدث تحوّلا اجتماعيا كبيرا من خلال توسيع قبول المجتمع بعمل المرأة وإزالة النظرة لعملها على أنه خروج على الأعراف الاجتماعية.

ولن تواجه النساء السعوديات مع دخول القرار حيّز التنفيذ تحديات من التي يواجهها الرجال عند تأسيس أعمال تجارية خاصة.

ويؤكد الخبراء أن تمكين المرأة السعودية يعزّز القدرة التنافسية للاقتصاد ويزيد انفتاحه على أحدث التقنيات والنشاطات الجديدة والتي ستكون حجر الزاوية في سياسات الرياض في السنوات القادمة.

وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز قد أصدر مرسوما في شهر مايو الماضي يقضي بتمكين المرأة في القطاعات الاقتصادية من دون أخذ إذن ولي أمرها، ما اعتبر تغييرا جذريا في السياسات الاقتصادية لأكبر منتج للنفط في العالم.

وقررت الرياض الأحد الماضي السماح للمرأة ببدء عملها التجاري والاستفادة من الخدمات التي تعتمدها المؤسسات الحكومية بهدف دعم القطاع الخاص.

ويرى مراقبون أن السعودية باتخاذها هذه الخطوة تسير في تحقيق هدفين مهمين وهو رفع معدلات النموّ وامتصاص معدلات البطالة المرتفعة.

وكتبت وزارة التجارة والاستثمار على موقعها “الآن بإمكان المرأة البدء بعملها التجاري والاستفادة من الخدمات الحكومية دون الحاجة لما يثبت موافقة ولي الأمر”.

وصدر القرار ضمن مبادرة “ما يِحتاج” أطلقتها الوزارة بهدف تسهيل أعمال القطاع الخاص. وقال المتحدث باسم الوزارة عبدالرحمن الحسين، في تغريدة على “تويتر” إن “نساء المملكة لم يعدن بحاجة لموافقة ولي الأمر لإقامة أعمال تجارية خاصة”.

وأوضحت تقارير سعودية أن حملة “ما يحتاج” هي إحدى مبادرات حملة “تيسير” الهادفة إلى تسهيل الإجراءات وتأسيس الشركات وممارسة الأعمال التجارية.
وأشارت إلى أنه لم يعد هناك حاجة زيارة كاتب العدل أو الموثق لتوثيق عقد تأسيس الشركة، حيث أصبحت هذه العملية تتم إلكترونيا من خلال الربط المباشر مع نظام “أبشر” للتحقق من هويات الشركاء عن طريق الرسائل النصية القصيرة عبر الجوال.

وتنصّ خطة الإصلاح الاقتصادية على رفع نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلّي الإجمالي من 40 إلى 60 بالمئة وزيادة نسبة النساء العاملات من 22 إلى 30 بالمئة بحلول عام 2030.

وعادة ما يطلب من المرأة موافقة “ولي أمرها”، الزوج أو الأب أو الأخ، لإنجاز معاملاتها في الدوائر الحكومية. كما أنها تحتاج إلى موافقة “ولي الأمر” للقيام بنشاطات أخرى بينها السفر للخارج.

لكن السعودية خفّفت في الأشهر الأخيرة بعض القيود التي تفرضها على النساء وتعتبر من بين الأقسى في العالم، وبينها حضور الفعاليات الرياضية في الملاعب، والسماح لهن بقيادة السيارات بدءا من يونيو المقبل.

وقالت نجود قاسم رئيس دائرة الأحوال الشخصية والإرث العائلي وحقوق المرأة والطفل في السعودية في تصريحات إعلامية، إن “تلك الخطوة نحو تمكين المرأة السعودية تتماشى مع حملة الحكومة للتنمية الشاملة”.

وأوضحت أن أحد محاور “رؤية السعودية 2030” تتمثّل في تفعيل دور المرأة السعودية في المجتمع، فضلا عن منحها حقوقها الكاملة التي تكفلها الشريعة.

ولدى كثير من المسؤولين السعوديين وخبراء الاقتصاد قناعة بأن هذه الخطوة ستفتح الباب على مصراعيه أمام السعوديات لتسليط الضوء على مواهبهن وأفكارهن وترجمتها إلى عمل واقعي بعائد مادي مربح.

وتسعى الحكومة ضمن خططها الإصلاحية، إلى إدخال النساء إلى سوق العمل وتحسين صورة السعودية في الخارج، مع محاولاتها إلى جذب الاستثمارات للتعويض عن تراجع عائدات الخام التي أحدث لها اختلالا في توازناتها المالية.

وبدأت السعوديات بالفعل في القيام بأدوار عادة ما كانت تقتصر على الرجال مثل العمل في متاجر البيع بالتجزئة وحركة المراقبة الجوية ومراكز اتصالات الطوارئ.

وكان مكتب النائب العام أعلن في وقت سابق أنه سيعيّن نساء في وظيفة محقق للمرة الأولى في تاريخ البلاد. كما أعلنت دائرة الجوازات أنها تلقت 107 آلاف طلب لتولي نحو 140 وظيفة شاغرة ومخصّصة للنساء في المطارات والمعابر الحدودية.

ونسبت صحيفة “اليوم” السعودية لنائب رئيس المجلس التنسيقي لعمل المرأة بمجلس الغرف السعودية شعاع الدحيلان قولها إن “المجلس سيطلق هذا العام عدة مبادرات تهدف إلى زيادة التواصل مع القطاعات وتحقيق مفهوم تمكين المرأة اقتصاديا”.

وأشارت إلى أن المبادرات تشمل حصر اللوائح التي تحول دون ممارسة المرأة للعمل الحر ومبادرة تحفيز القطاع الخاص لتوفير حضانات للعاملات ومراكز ضيافة الأطفال.