“حياة زيد” نصف قرن في صناعة الجبن

" مجلة جنى" تتربع الثمانينية حياة نجيب مصطفى زيد، من قرية كفيرت جنوب غرب جنين، على فراش اعتادت الجلوس عليه لساعات.. صباحا، ومساء، من اجل اعداد الجبن، عندما يكون قد مضى ساعة على تجهيز الحليب.

تمسك قطع القماش ناصعة البياض وتبدأ بتشكيل أقراص الجبن بكفيها، فهي اعتادت على ذلك لأكثر من 50 عاماً، قبل أن تضع مولودها الاول.

ما زالت معظم العائلات الفلسطينية التي تعمل على تربية المواشي تعد الجبنة بالطريقة التقليدية مثل عائلة زيد، التي تتباهي بصناعته، وتعتبره “لا مثيل له والكل يطلبه، حتى وصل صيته الى الولايات الأميركية، ودول الخليج”.

لا تؤمن زيد بالطرق الحديثة في صناعة الجبن، وتقول بتحدٍ “هم بعملوه مثلي، هاي شغلتي انا تعلمتها من حماتي إلى كان مضروب فيها المثل في الجبنة”.

بالنسبة للمواطنة زيد، فصناعة الجبن مهنة ومتعة بذات الوقت، فهي لا تمل أبداً، وتتمنى أن تعود الأيام الماضية عندما كانت تصنع أكثر من عشرين كيلو غراماً يومياً.

أوزان أقراص الجبن تدركها من النظرة، وتعرف زيادة او نقصانها، فيما لا يختلف قرص عن الاخر في الابعاد، وذلك دون استخدام أي من ادوات القياس، 11 قرصا من الجبن تزن 2 كيلو غرام، تقول زيد.

اللون الأبيض الناصع لأقراص الجبن التي تعدها زيد، ما يميز منتوجها من الاجبان كونه من حليب الاغنام وليس الابقار.

بالنسبة لها نظافة قطع القماش من الاولويات في صناعة الجبن، فهي تغسلها يوميا مرتين بالماء الساخن، والصابون المنتج من زيت الزيتون.

بعد ان تضع المواطنة زيد منفحة “مساة” في حليب الاغنام، وهي المادة التي تحول الحليب السائل الى جبن، حسب الطريقة التي تعلمتها من والدة زوجها، ويصبح جاهزا لإعداد الجبن بعد نحو ساعة، تبدأ بغرفه بواسطة وعاء، ووضعه على قطع قماش تحرص دائماً على تنظيفها وغسلها بيدها.

وتقول “في الماضي كانوا يستخرجون “المساة” من قلب أصغر المواليد بعد ذبحها، ووضعها في اواني فخار، أما اليوم نحن نستخدم السائل بعد إنقطاع الأقراص الصغيرة”.

وبمجرد الانتهاء من وضعها في قطع القماش البيضاء، تربطها بطريقها حتى يتصفى من مصل او شرش اللبن، وهو السائل المتبقي أو المفصول من اللبن الرائب أو من الحليب، ثم تعود ليطيها ثلاث مرات اخرى، او” ترددها” حسب زيد.

بين لوحين خشبيين يصل طول كل منهما ما يقارب المتر الواحد وبعرض النصف، تضع أقراص الجبن، وتضع فوقها وزناً ثقيلاً حسب عدد اقراص التي اعدتها.

تغيب ساعة اخرى تعود لتخرج الجبن من قطع القماش، ثم ترش عليه الملح، حتى يصبح جاهزا للبيع.

رغم انها امتهنت صناعة الجبن، إلا المواطنة زيد لم تحلب الأغنام في حياتها، فأولادها جميل ومحمد اعتادوا على تربية الأغنام، وإطعامها، وحلبها، فهي تعتبر مصدر رزق أساسي ومساند لهم في حياتهم.

يدخل نجلها محمد (42 عاماً) على بركس الأغنام، ويبدأ بوضع الأعلاف للأغنام قرب حاجز حديدي أعده سلفا، فيه فتحات تخرج الأغنام رأسها منه، ثم يقوم بحشر رأسها قليلا، ويبدأ عملية الحلب، التي طور فيها قليلاً.

“الطريقة التي ابتكرها مربو المواشي عوضا عن حالة الفوضى القديمة بمسك كل راس على حدة وحلبه، وهو ما وفر بالجهد والزمن”.

ويعتبر أن شهر أذار ذروة الموسم في إنتاج الحليب، والجبن، خاصة بعد ولادة الأغنام بفترة.

ويرى أن نوعية الطعام تنعكس على طبيعة وإنتاج الحليب، فهو يطعمها تشكيلة من: خاصة حبوب الذرة التي تأتي على عصارة الأعشاب التي تأكلها المواشي خاصة في فصل الربيع.

 وتتركز صناعة الأجبان والألبان في مناطق شمال الضفة الغربية، أكثر منها في الجنوب التي تستغل غالبية الحليب في صناعة الجميد من الاغنام، حسب يؤكد مدير الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة محمود فطافطة.

ويقول أن معدل إنتاج الأجبان يقدر بـ 10500 طن سنوياً، فيما يصل معدل إنتاج الحليب للراس الواحد من الأغنام نحو 120 لتر سنوياً.

ويوضح أن فلسطين فيها حوالي 18000 من مربي المواشي، ثلثهم يعملون على صناعة الاجبان.

وبين فطافطة أن عدد الاغنام في فلسطين يقدر بـ 840 الف راس.

إلى ذلك، يؤكد رئيس مجلس الحليب الفلسطيني، كامل مجاهد، أن عدد رؤوس الاغنام في فلسطين انخفض منذ العام 2007 من مليون وثلاث مائة الف إلى ما يقارب 840 الف راس من الاغنام، وذلك بسبب أزمة الغذاء العالمي.

ويضيف “أن غالبية الحليب الناتج عنها يستغل في صناعة الأجبان الطرية خاصة في الفترة ما بين شهري شباط ونيسان من كل عام”.

ويوضح أن عدد الأبقار الحلوب في فلسطين يصل الى 34 الف نتتج ما يقارب 440 الف لتر من الحليب، يستغل 200 الف لتر منها في صناعة الألبان والأجبان 14% من نسبة الحليب البقري في المصانع تستخدم في صناعة الاجبان الطرية.

 ويشير إلى أن 240 الف لتر المتبقية يتم إستغلالها يدوياً لصناعة الاجبان والألبان. ويؤكد أن فلسطين فيها 14 مصنعاً مرخصاً لصناعة الأجبان، والألبان.

المصدر: غزة أونلاين