الحركة النسوية تودّع المناضلة سامية بامية

مجلة جنى - “النسوية قضية سياسية بحتة والفصل المتعمد لن يفيد نساء فلسطين ولا تحرير الوطن”، بهذه الكلمات لطالما صدحت حنجرة المناضلة الفلسطينية سامية بامية “68 عامًا” والتي رحلت عن دنيانا أمس الاتنين 26-2-2018 بعد رحلة شاقة في النضال من أجل المرأة والوطن إذ كانت تؤمن بأنه لا يمكن الفصل بينهما.

والسيدة بامية هي أحد الكوادر الرئيسية في بناء وزارة الخارجية الفلسطينية ووزارة شؤون المرأة و عضو المكتب الحركي المركزي للمرأة و عضو الامانة العامة للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية ورئاسة طاقم شؤون المرأة سابقا ومثلت فلسطين في العديد من المؤتمرات الدولية

وُلدت سامية بامية في بيروت عام 1949 لعائلة هجّرت من يافا، كرّست حياتها للدفاع عن حقوق المرأة الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، شغلت العديد من المواقع النضالية داخل وخارج الوطن، منذ كانت في مخيمات اللجوء في لبنان وكانت من الكوادر الفتحاوية المهمة وترأست الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في الإمارات وكانت عضوًا في المجلس الوطني، ولدى عودتها ساهمت في بناء وزارة الخارجية وتقلدت عضوية أمانة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية ورئاسة طاقم شؤون المرأة ومثّلت فلسطين في العديد من المحافل الدولية، وتقلدت منصب سفيرة.

تقول زينب الغنيمي مديرة مركز الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة في نعي السيدة بامية، إنها كانت من النساء اللواتي عملن من المبدأ سواء على المستوى الوطني والنسوي، فمنذ صباها في السبعينات انطلقت برفقة مجموعات نسوية لإغاثة أهلنا في لبنان عقب الاجتياح الصهيوني، وبحكم موقعها في الاتحاد العام للمرأة نشطت في هذا الميدان.

وأضافت أن سامية كان لها بصمة قوية بعد خروج الثورة من لبنان إلى مناطق الشتات استمر عملها ودورها الريادي، وارتقت إلى عضوية المجلس الإداري في الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية عام 1985 حتى عام 2009 بعد تراجع وضعها الصحي ففضلت العمل التنفيذي كي تواصل العطاء.

واستذكرت أن سامية كانت تتقن العديد من اللغات الأجنبية وهذا جعل العبء مضاعفًا عليها من أجل نقل رسالة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية وطاقم شؤون المرأة الذي كان ترأس مجلس إدارته ومن أجل نقل رسالة الشعب الفلسطيني حتى توفيت تاركة خلفها تاريخ من العطاء.

أما مديرة طاقم شؤون المرأة في غزة نادية أبو نحلة، فقد وجهت رسالة لروح الراحلة :”عشت مناضلة وفية مخلصة نظيفة قوية امرأة الحق والواجب ، سامية بامية انت تستحقين ان تكوني في مرحلة المجد لتزيديه مجدا لابأس أن ترحلي وتترجلي في مرحلة العار والهزيمة واشباه القيادات لا تليق بك مرحلة الهزائم ، خسارتنا كبيرة برحيلك، ووجعي اكبر بفقدانك مدرسة وطنية ونسوية بامتياز ارقدي بسلام بعيدا عن وسخ المرحلة وقياداتها المهزومة”.

وتذكّرت أبو نحلة في حديثها لنوى كيف تعرّفت على السيدة بامية حين كانت معجبة بإنجازاتها ومن ثم حظيت بفرصة التعرّف عليها عند تأسيس وزارة شؤون المرأة عام 1993 ، وعقّبت :”شعرت كم هي امرأة دقيقة وقوية، كانت تسأل عن تفاصيل غاية في الأهمية تنمّ عن وعي وعمق ومعرفة وقدرة على ربط القضايا الوطنية بالنسوية وهي مميزة بحديثها ومنطلقاتها الثقافية والخطاب من منظومة حقوقية ونسوية وأخلاقية، إذ كانت ترى أنها لا تنفصل”.

وتابعت :”هذا النموذج لم أجده على مدار 35 عامًا إلا في سامية، وعلى مدار هذا العمر لم تقدم التجربة سيدة يمكن أن نختلف ونتفق معها وتجمع هذا القدر من المتناقضات، وتبقى تحترم قناعات غيرها ومواقفهم وداعمة لهم”.

من جانبها قالت نهى البحيصي مفوضة المرأة بالهيئة القيادية العليا لحركة فتح بالمحافظات الجنوبية إننا ما زلنا بحاجة إلى فكر ووعي سامية بامية على الصعيد الوطني والنسوي فهي إنسانة لا تتكرر، وأضافت:”تعرفت عليها خلال مؤتمرات خارجية ولفت انتباهي وعيها وإلمامها الشامل بما تتحدث عنه، وحملت رؤية نسوية مميزة”.

وبرحيل المناضلة سامية بامية، تكون الحركة النسوية الفلسطينية فقدت إحدى أهم أعمدتها التي طالما مدّت عضواتها بالخبرة اللازمة وبالرأي الحصيف لتجاوز معضلات رئيسية، وبرؤية نسوية حقوقية إنسانية ثاقبة، والبقية في حياتنا.