تعلم “الموسيقى” في غزة .. الكثير من المواهب تنتظر الفرصة

"مجلة جنى" كان الهدوء سيد الموقف في “معهد إدوارد سعيد” الوطني للموسيقى بمدينة غزة، لا يقطعه سوى أصوات الموسيقى الهادئة المنبعثة من إحدى قاعات التدريب هناك وما أن تتوغل قليلاً حتى تلحظ بسهولة الحركة النشطة للأطفال والصبية الذين يصلون فرادى لتعلم الموسيقى.

الهدوء داخل المعهد الذي يرتاده العشرات من المتدربين من مناطق مختلفة، يتناقض كلياً مع الصورة خارجه، حيث حركة الناس وضجيج ابواق السيارات في شوارع حي تل الهوى جنوب المدينة.

في غرفة جانبية كان الطفل “عبد الرحمن طه” (13 عاماً)، يؤدي أمام إثنين من معلميه امتحاناً عمليا في الإيقاع وعلامات السرور بادية على وجهه قبل أن يقول انه شعر بتغيير واضح في حياته نحو الايجاب بعد أن التحق بالمعهد قبل سنتين لتطوير موهبته في الإيقاع بتشجيع من الأهل.

ويؤكد طه الطالب في الصف الثامن أن التحاقه بالمعهد لم يؤثر على دراسته الاكاديمية لأنه نجح في الجمع بين ممارسة هوايته والدراسة في المدرسة، الأمر الذي أكده المدرس.
استهل مدير المركز إسماعيل داوود حديثه مع “الأيام”، بالقول “أن الموسيقى علم ولغة وحضارة وممارسة وتربية تلعب دوراً مهما في تربية الأطفال وتغيير سلوكهم وطباعهم اليومية فيميلون الى الهدوء والتوازن والانتظام في حياتهم”.

وتابع بشيء من الحماس، هنا يمكن أن تلحظ بسهولة التغيير الذي تلعبه الموسيقى على نفسية وطبائع المتدربين الذين يتعرفون على الموسيقى بسبب غياب المنهاج التربوي من حصص الموسيقى، الامر الذي جعلنا ننجح في اكتشاف وتنمية الكثير من المواهب رغم الظروف الصعبة للناس في غزة.

ويؤكد داوود أن الموسيقى تستطيع إيصال معاناة الناس وظروف حياتهم بإعتبارها لغة عالمية يفهمها الجميع وهي لغة جميلة وسهلة مشيراً إلى ان وفداً من المعهد شارك قبل سنوات في رحلة الى بريطانيا وهناك لمس أعضاء الوفد كيف تفهم الناس معاناة الفلسطينيين وحياتهم الصعبة.

ويستقبل معهد الموسيقى أصحاب المواهب الذين تتراوح أعمارهم بين السادسة والسادسة عشرة بعد أن يجتازوا اختبار مهارات ذاتية لمعرفة مدى إحساسهم بالنغمات الموسيقية وكيفية تفاعلهم مع الإيقاع والنغم.

وتستمر الدراسة في المعهد (9) سنوات متواصلة تنقسم إلى مرحلتين أساسية وتستمر (5) سنوات والمرحلة المتوسطة (4) سنوات، ويدرس المعهد إضافة سنتين اخريين ليتخرج الطالب بعدها ولدية كثير من الكفاءة والخبرة اسوة بمدرسية العرب والأجانب الذين يشرفون على التدريس في المعهد.

وقال داوود، ينتظم في المعهد الآن نحو (2009) طالب وطالبة، وتم الاحتفال العام الماضي بتخرج أربعة طلاب انهوا المرحلتين الدراسيتين وفق المنهاج المحدد.

وتحاول إدارة المعهد تسهيل إلتحاق الطلبة بالدراسة من خلال تخفيض الرسوم السنوية مراعاة لظروف الناس في قطاع غزة الى جانب اجراء تخفيض للاشقاء.

ويواجه المعهد كما قال داوود الكثير من العقبات التي تعترض عمله، خاصة نظرة بعض الافراد في المجتمع ومحاولتهم تكفير دراسة الموسيقى، الى جانب الحصار وأثره على وصول الأدوات الموسيقية والفنانين الى غزة، أو الخروج منها للمشاركة في المسابقات الاقليمية والدولية، لافتا الى ان طلبة من المعهد شاركوا في مسابقات عربية وحققوا نجاحات كبيرة، خاصة في مسابقات thevoice kids ،arab idiol ،the voice.

وأضاف، هناك العديد من الطلبة الين يسجلون في هذه البرامج ويتم اختيارهم بشكل اولي دون ان يتمكنوا من الاشتراك فيها بسبب الحصار كما يحول الوضع الاقتصادي السيئ دون التحاق عدد من الموهوبين لدراسة الموسيقى الأمر الذي يدفع إدارة المعهد لمحاولة استقطابهم وتقديم المنح لهم وفق قدراته.

ويشير داوود الى ان العديد من طلبة المعهد هاجروا من غزة بحثا عن حياة أفضل مما افقده الكثير من المواهب التي كان يمكن ان يكون لها دور مميز.