وثائقيات عن فلسطين .. في آذار “الأربعاء سينما” بمتحف محمود درويش

"مجلة جنى" بعد النجاح الذي حققه مشروع “الأربعاء سينما” في شهر شباط بعرض ثلاثة أفلام مرشحة للمنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي (غير ناطق بالإنكليزية) للعام 2018، قررت إدارة متحف محمود درويش وبالتعاون مع “نفائس”، تخصيص عروض شهر آذار من المشروع لوثائقيات فلسطينية أو عن فلسطين، متنوعة من حيث المواضيع المتناولة، وحديثة الإنتاج (2017).

جرّب في ساحة المعركة
في الأربعاء الأولى من آذار، وبالتحديد في السابع منه، تستضيف قاعة الجليل في المتحف، فيلم “جرّب في ساحة المعركة” للمخرجة الفلسطينية مروة جبارة.

وفيلم “جرب في ساحة المعركة” فيلم استقصائي، تحقيقي، بذل فيه مجهود كبير وتعرض طاقم العمل فيه لمخاطر عدة، حيث هدف إلى فتح ملف تجارة الأسلحة في إسرائيل، والتي تصدرت المرتبة السادسة وأحيانا الرابعة عالمياً، منافسة بذلك أقوى وأغنى دول في العالم، وفحص مدى شرعية هذه التجارة ومراعاتها للقانون الدولي، والتي تجاوزت أرباحها 4.5 مليار دولار.

وحول الفيلم وأهدافه، صرحت المخرجة والمنتجة مروة جبارة: تدور أحداث الفيلم حول السعي للإجابة عن ما إذا كانت تستغل إسرائيل احتلالها لفلسطين كاستثمار في سبيل تجارتها بالأسلحة؟ وللترويج لها كأسلحة مجربة؟، وهل جربت أيضا هذه الأسلحة كأداة فعالة ونفاذة قادرة على تجاوز القانون الدولي في ساحات صراعات الإبادة والقتل خارج نطاق القانون الدولي كما حدث في روندا والبوسنة؟!

وأضافت: خلال سنتين من العمل المضني، والتنقل بين فرنسا، بريطانيا وإسرائيل، نجح فريق العمل بالخروج بفيلم تحقيقي واعد، خرج بإنتاج شركة “زينب” للإنتاج .

خيوط السرد
وفي الحادي والعشرين من آذار، ذكرى معركة الكرامة الباسلة، واليوم العالمي للأمهات، يكون جمهور “الأربعاء سينما” على عرض مع فيلم “خيوط السرد” للمخرجة اللبنانية كارول منصور، في أول عرض له بمدينة رام الله، قبل التجول بعدها في عروض بمدن وقرى ومخيمات في كامل الأرض الفلسطينية.

الفيلم يتتبع قصص 12 امرأة فلسطينية من خلفيات وطبقات اجتماعية وتجارب وأعمار مختلفة مع اللجوء والشتات، المشاركات هن: سعاد العامري، وليلى عطشان، وملاك الحسيني عبد الرحيم، وهدى الإمام، وأمل كعوش، وليلى خالد، وماري نزال بطاينة، ودينا ناصر، ونظمية سالم، ورائدة طه، وسيما طوقان غندور، وسلمى الأسير.

العمل من كتابة سحر مندور وإنتاج منى خالدي، وقد بدأت المخرجة العمل عليه قبل خمسة أعوام، حيث عرضت مؤسسة “إنعاش” 12 قطعة مطرزة بتطريز فلسطيني ضمن معرض متنقل، وكانت الفكرة سؤال نساء مختلفات عن هذه المطرزات وبماذا تذكّر كل واحدة منهن لصناعة 12 فيلماً قصيراً حول كل مطرزة، انتهت المخرجة إلى تحويلها إلى عمل واحد طويل.

في الفيلم نرى النساء وهن يتحدثن عن حيواتهن وذكرياتهن قبل ترك فلسطين وقبل الشتات، ومنهن من لا تعرف فلسطين ولم تطأها طيلة حياتها حيث تقيم في أحد مخيمات اللجوء.

تلجأ المخرجة في بناء خيوط الفيلم إلى العلاقة الوطيدة بين المرأة الفلسطينية والتطريز والذاكرة التي ارتبطت بالثوب التقليدي وأصبح يمثلها، وتصبح كل حكاية من الحكايات الـ12 خيطاً من خيوط سردية فلسطين، كل واحدة تعود إلى الخطوات التي سلكتها واحدة إثر أخرى. 

بعض القصص تعود إلى فلسطين، حيث ما زالت الحكايات التي وقعت لبعض النساء المشاركات قبل 48 تبدو كما لو أنها حدثت الآن؛ يسردنها بتأثر ولغة تتألم ألم صاحبتها، وبعض الحكايات تحاول العودة إلى فلسطين ولا تستطيع.

الفيلم يحاول الإمساك بالمشترك بين النساء الفلسطينيات: تلك التي تعمل بكدّ لسدّ قوت يومها، والتي تنحدر من طبقة برجوازية، وتلك التي تعيش في المخيم أو في بيت كبير، وربة البيت والفنانة والمناضلة والسيدة العادية.

لكل سيدة قصتها. سناراتها. ألوانها المفضلة. الطرقات التي كانت تأخذها إلى المنزل، في القدس، أو في يافا، أو في حيفا. وغيرها، كما لكل واحدة منهن حربها ضدّ أنماط الهيمنة المختلفة. الاحتلال، الذكورية، نمط الإنتاج الرأسمالي، وغير ذلك.

سيمفونية الشتات
والعرض الأخير في الثامن والعشرين من آذار، هو الفيلم الوثائقي “سيمفونية الشتات” للمخرجة الفلسطينية سوسن قاعود، وتتبع فيه رحلة هذه السيمفونية التي تعكس الحالة الفلسطينية المعيشة، منذ النكبة إلى الآن، ولا تزال.

فالأوركسترا الفلسطينية تأسست في العام 1936 في عهد الانتداب البريطاني، وكانت في حينه تحمل اسم أوركسترا فلسطين وكان أعضاء الأوركسترا مزيجاً من الفلسطينيين والإنكليز واليهود، واستمرت الأوركسترا حتى العام 1947 تحمل اسم الأوركسترا الفلسطينية، لكن بعد إعلان تقسيم فلسطين واحتلالها العام 1948، وشتات الفلسطينيين كانت الأوركسترا من ضمن هذا الشتات، فأصبحت تحمل اسم أوركسترا محبي الموسيقى الإسرائيلية.

وكما اختفى اسم فلسطين في حينه، وباتت تعرف الأراضي المحتلة باعتراف دولي باسم دولة إسرائيل، اختفى اسم الأوركسترا الفلسطينية منذ العام 1948، إلا أنه وبعد 52 عاماً بادر معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى في فلسطين بفكرة إنشاء وإعادة إحياء أوركسترا فلسطين، ولكن المعضلة كانت كبيرة، فالفلسطينيون في شتات، ومعظم الموسيقيين في بقاع مختلفة من هذا العالم وعملية البحث هي الأصعب، وهنا بدأت عملية البحث لتتكون الأوركسترا الوطنية الفلسطينية، في رحلة كان لعين قاعود السينمائية ما يضيف إلى الحكاية نفسها.

من الجدير بالذكر أن عرض فيلم “جرّب في أرض المعركة” سيليه نقاش مع مخرجته مروة جبارة، في حين يتكرر الأمر نفسه عقب عرض فيلم “سيمفونية الشتات” مع مخرجته سوسن قاعود وعدد ممن شاركوا في الفيلم، في حين تجري الترتيبات لحضور أكبر عدد ممكن من السيدات صاحبات الحكايات الشيقة والعميقة في “خيوط السرد” ممن يعشن في فلسطين.