إبراهيم نصرالله: رواياتي كانت على دفاتر «الأونروا»

"مجلة جنى" لأن الكتابة ابنة الحياة والتجربة الإنسانية بخصوصيتها وعموميتها وتبادلات تأثيرها، كانت محاضرة الروائي الفلسطيني ابراهيم نصرالله، تحمل عنوان «كيف تكتبنا الحياة.. كيف نكتبها». تحدث نصرالله في هذه المحاضرة عن طفولته في مخيم الوحدات أو مخيم اللجوء، الذي وصله في يوم ضبابي ممطر، لم يكن فيه مدى لرؤية أي جهة على الاطلاق، ووصف هذه اللحظة التي لم ينسها قط بنقطة الصفر التي عاشها مثله كل أبناء المخيمات، واعتبرها النقطة الدافع الى البحث عن جهته الخاصة، فحياة الطفل كما قال في انعدام الجهات، كان يعيشها كل الشعب الفلسطيني المحروم من الوطن والبيت والمدرسة والطعام، فقد كان يعيش أكثر المراحل مأساوية على الإطلاق، ولم تكن هناك بارقة أمل وقتها، ولكن وعلى مشارف الستينات تغير كل شيء تماماً والتقط الشعب الفسطيني أنفاسه وظهر ذلك في الأدب حين بدأ أدب المقاومة بالتبلور.

كتاب وسينما
حكى نصرالله عن علاقته الأولى بالكتاب، حينما كان يدرس في خيمة بالمخيم، جالساً هو ورفاقه على التراب أو الطين، يدرسون في كتاب واحد، يبقى مع المعلمة عندما يغادرون مدرستهم، فصار يحلم بكتابه الخاص، ومر وقت طويل حتى حقق هذا الحلم، عندما بدا بشراء الكتب من على الأرصفة وهو في المرحلة الإعدادية. وأشار إلى أنه رغم اهتمام الأونروا والأسرة بالتعليم فإنه كالعادة كان الكتاب غير مرغوب فيه إلا ككتاب مدرسي. كتبه الأولى التي اقتناها وقرأها، كما قال، كانت كتبا كلاسيكية بطبعات شعبية، مثل «كوخ العم توم» و«أحدب نوتردام» و«آلام فارتر»، التي ما إن تقرأها حتى تبكي، مما جعله يخرج بانطباع وقتها أن العالم كله حزين، ولكن السينما والأفلام التي شاهدها فيما بعد كشفت له أن العالم به بشر سعداء، وأن تصوره كان خاطئا، وقال انه مدين للسينما بكتابة كتابين، لما فعلته بحياته على المستوى الإنساني والكتابي.

روايات على دفاتر «الأونروا»
تحدث نصرالله أيضاً عن الشعر وقصائده الأولى في المرحلة الإعدادية، وتأثره بابراهيم طوقان، وقال إنه بعدما كتب قصيدة في رثاء معلم اللغة العربية، الذي استشهد أيام أحداث أيلول الأسود، اصبحت لديه تساؤلات حول القصيدة والشعر، وأن أهم درس تعلمه هو أن القصائد تكتب دفاعاً عن الناس، الذين يتعرضون للظلم، وعن الحرية. ثم تحدث عن أول روايتين كتبهما، وكانت كل منهما بحدود 80 صفحة على دفاتر وكالة غوث اللاجئين، واكتشف وقتها أن لديه موهبة الجلوس، التي لا يستطيع كتابة رواية من لا يمتلك هذه الموهبة كما قال، وأشار إلى أن الروايتين بدا فيها تأثره بالسينما.

أدب وشعب
تطرق نصرالله إلى رواية «زمن الخيول البيضاء»، الرواية الأقرب له، التي قال إن دافعه لكتابتها وقتها هو تساؤله عما حدث لفلسطين، والذي لم يقله له أحد، وكان يتذكر مقولة غولدا مائير «لو كان الفلسطينيون شعباً لكان لديهم أدباً»، فيشعر بضرورة الكتابة عن النكبة، وضرورة وجود الأدب الفلسطيني، وقال ان الرواية، التي استغرق في كتابتها اثنين وعشرين عاما، أخذت منه جهدا في الإعداد والبحث، واكتشف أن فلسطين مشروع كبير، لذلك كتب «الملهاة الفلسطينية». تطرق نصرالله في حديثه إلى تثقيفه لنفسه في مراحل عمره الأولى، بعد ان حرمته ظروف أسرته من إكمال تعليمه الجامعي، والتأثير المتبادل بين الشعر والرواية في كتاباته، وكيفية ولادة بعض مشاريعه الأدبية ومعنى الصدق الفني في الرواية.