وجُوهٌ علىَ أوراقِ اللّعِب - فدوى الزياني

مُعَلـقّان هَذَا الوَجْهُ وهَذِهِ الرُّوحُ

عَلَى حَالِهِمَا مُنْذُ وِفَـادَةِ اللَّيْلِ الأَوَّل

لَكِنْ مَا الذِي أفْعَلُهُ هُنَا عَلَى أَرْضِكُم

أرضِكُم التِي لَمْ تَسَعْ رُؤَايَ

ولَمْ تَعْرِفْ حُدُودَ  امْتِدَادِي

أرْضِكُم التِي لَمْ تَصْنَعْ أَرْوَاحًا

تَلِيقُ بِأَجْسَادِنَا الفَاتِرَةِ

هَذَا السُّخَامُ، هَذَا الحَطَامُ

هَذِي وُجُوهُنَا الحَجَرِيَّةُ التِي اسْتمْرَأَهَا التَّارِيخُ

مَنْ نَسَخَهَا يَوْمًا عَلَى أَوْرَاقِ اللَّعِبِ

مَنْ زَيَّنَ أَعْنَاقَهَا التِي تَطَاوَلَتْ عِنْدَ مُنْتَصَفِ الصَّبَاحَات؟

مَنْ أَطُفَأَ شَمْسَهَا فِي مُنْتَصَفِ الظَّلاَمِ ؟

حِينَ أَقْبَلَ الصَّبَاحُ  بـِوِزْرَةٍ بَيْضَاءَ 

يُعَلَّمُنَا كَيْفَ نَتَنَاسَلُ عِنْدَ مَدَارِجِ القَصَبِ

كَيْفَ نَتَنَفَّسُ  الضِّفَافَ العَّارِيَّة مِنَّا ..

العَصَافِيرُ الرَّمَادِيَّةُ عَلَى حَافَّةِ النَّهَار

تِلِكَ التِي لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ كيَفَ تَشْرَبُ الضَّوْءَ بـِقَلْبِ فَرَاشَةٍ

كَيْفَ تُشَارِكُ الحَمَائِمَ صَلَوَاتِ الهَدِيل

هي أرواحنا الجَائِعَة  تُحَاوِلُ يَائِسَةً

  قَضْمَ عُشْب المَعْنَى 

ألَمْ يَكُنْ يَكْفِينَا الحَيْزُ المَمْتَدُّ إلَى القَلْبِ

لِنَكْتُبَ قَصَائِدَ فَرَحٍ عَلَى نَهِرٍ رَصَاصِيّ المَجْرَى..؟

أَلَمْ يَكُنْ  يَكْفِي أَنْ تَهْبِطَ السَّمَاءُ قَلِيلاً

لِنَمْتَطِيهَا صَهَوَاتٍ إلىَ طَيْفِ  قُزَح

 كَمْ كُنَّا بِالصُّدْفَةِ مَدًّا لـِلَوْنٍ  بِلَا لَوِن

 كمَخْلُوقَاتٍ مِنْ غَيْرِ قَرِين

فِي هَذَا الليَّلِ  المُتَكِرَّرِ

كَمْ ألْعَنُكِ أيَّتُهَا الشَّمْسُ

قَالَتْهَا  ظِلَالُنَا  وهِيَّ  تَسْتُرُ   عَورَتَهَا

الآنَ ..

كيَفَ نَكْتِمُ إِشَارَاتِنَا ونَحْنُ نَعْبُرُ الصَّمْت؟

هَاتُوا أَيِدِيكُمُ الصَّقيَلَةَ كَأَرْضٍ  مِرْآةٍ

سَنْغْرِسُ سُلاَلَتَكُم الزَّرْقَاءَ فِي جِينِاتِنَا

عَلَى هَذِهِ الأَرْضِ المُسْتَعْصِيَّةِ ،

هَاتُوا أَيْديكُمُ التِي تُشْبُهُ الفُؤُوسَ

وَانْحَتُوا أجْسَادًا غَائِرَةً

  عَلَى تَجَاوِيفِ الكُهُوفِ

فَوْقَ تَصَاوِيرِ الأشْجَارِ

لِيَسِيلَ الدَّمُ شَرِيعَةً إلَى آبائِكُمُ القَادِمِين

هَاتُوا أَيْدِيكمُ

عَلَّكُم تَحِلّونَ مُومْيَاوَاتٍ جَاحِظَةً فِي آخِرِ جِيلٍ مِنْ نَسْلِكُم

هَاتُوا أَيْدِيكمُ المُتَكَوِّمَةَ مِنْ

حمُىَ الطِّينِ و المَاَء

وخَزَائِنَ مِنْ نُفَايَاتِكُم الغَامِضَةِ

هَاتُوا ظِلاَلَكمُ التِي سُرِقَتْ وُجُوهُهَا

هَاتُوا أَعْنَاقَكُم التِي فُـُقِـــئَت ذَاكِرَتَهَا

فـَذَاكِرَتُنَا قَفَزَتْ إلَى لَوْحٍ مَصْهُور

عَلَّهَا تُصْرَعُ  مِنْ عِلٍّ

عَلَى صَخْرِ الشَّمْس

وُجُوهُنَا الحَجَرِيَّةَ التِي اسْتمَرَأَهَا التَّارِيخ

لَمْ تَخْبَأْ يَومًا عَلَى أَوْرَاقِ اللَّعِب

وأَنْصَافُ أَسْرَارِنَا مَغْلُولَةٌ عَلَى جِبَاهِنَا

والنِّصْفُ الآخَرُ مُتَمَرِّدٌ كَحَقِيقَةٍ

فِي بَطْنِ حُوتْ

 نُصَلِّي  لِهَزَائِمِنَا المَنْصُوبَةِ

تَحْتَ أَقْدَامِ جَلْجَامِش

مِثْلَ رِيحٍ مَغْلُولَةٍ بِطقُوسِ كَاهِنَة

مِثْلَ حَنْحَنَةِ شَاعِرٍ تَدَاعَت  لُغَتُهُ الصَّمّاء

هَكَذَا نَحْنُ

مَنْحُوتَاتٍ أَرْضٍ لَمْ تُذكَر كُلَّمَا أَيْنَعَ المَجْدُ

هَكَذَا نَحْنُ

 مَزِيجٌ سَحِيق مِنْ هَبَاء

نَضْحَكُ.. نَبْكٍي

نَبْكِي .. نَضْحَكُ

ووُجُوهُنَا الحَجَرِيَّةُ التِي اسْتَمرَأَهَا التَّارِيخ

لَمْ تَخْبَأْ يَوْمًا عَلَى أَوْرَاقِ اللَّعِبِ

تُغْوِينَا المُعَلَّقَاتُ القَدِيمَةُ

وكَانُوا وكَنَّا و غَابُوا و مَا سِرْنَا

هُنَا بَقِينَا

هُنَا فِي المَوْتِ تمـَادَيْنَا

ومَا مِنْ دِيكٍ عَلَى سَقْفِ خَيبتِنَـا لِنسْتَفِيق

ومَا مِنْ غَدٍ نَحْكِيهِ لأَحْفَادِنَا عَلَى الطَّرِيق

وَحْدَهَا الحَنَاجِر فِينَا يُغْوِيهَا علَى الأَطْلاَلِ النَّعِيقُ

وُجُوهُنَا الحَجَرِيَّةُ التِي اسْتَمْرَأَهَا التَّارِيخ

لَمْ تَخْبَأْ يَوْماً علَى أوْرَاقِ اللَّعِبِ

كنَا أَطْفَالًا يَغْسِلُنَا مَاءٌ  أُجَاج

تَغْسُلُنَا الأَمْكِنَة ..  يَسْكُنُنَا المَوْجُ

يَسْكُنَنَا الزَّبَدُ العَتِيق

كُنَّا شَمْسًا  كُنَّا نُورًا

كُنَّا فَتْحًا  كُنَّا مَجْدًا وسَرَابًا قُرْمُزيًّا سَحِيق

أَوغَرَتِ النَّارُ فِينَا فَأضْحَيْنَا غَوْرًا لحِزُنٍ عَمِيق

مَتَى نَغْرِسُ فِينَا  القَشَّ و الطِّينَ و المَاء

مَتَى نَسْقِي الجِرَاحَ السَّائِرَةَ عَلَى وُجُوهِنَا الحَجَرِيَّةِ

التِي اسْتَمْرَأَهَا التَّارِيخ

عَلَّهَا يَومًا عَلَى أوْرَاقِ اللَّعِبِ  يَعْلُوهَا شَهِيق