متحف باردو التونسي في ذكرى تأسيسه الـ130... أكبر تشكيلة فسيفسياء عالمية


يعتبر «باردو» من أكبر المتاحف في بلاد المغرب العربي حيث تقدر مساحته بحوالي 20 ألف متر مربع

خضع لترميمات في 2012 وباغته هجوم إرهابي بعدها بثلاث سنوات

"مجلة جنى" لا يمكن لزائر تونس أن يغمض عينية ويتغافل عن زيارة متحف الوطني بباردو (غربي العاصمة التونسية) الذي يعكس مختلف الحقبات التاريخية التي عرفتها البلاد. ففي هذا المتحف من الكنوز الأثرية التي تغري بالزيارة والاطلاع وإشباع الفضول.


يحوي المتحف 5 آلاف متر مربع من الفسيفساء تقريباً

الزيارة التي نظمتها وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية (وكالة حكومية تعود بالنظر لوزارة الثقافة التونسية)، تزامنت مع احتفال المتحف بمرور 130 سنة على افتتاحه لأول مرة. هذا الافتتاح يعود إلى السابع من مايو (أيار) 1888 وبذلك يكون هذا المتحف الأعرق في تونس على الإطلاق.

متحف باردو اتخذ سمعته العالمية من كنز الفسيفساء المميزة التي يقتنيها، فهو يحوي 5 آلاف متر مربع من الفسيفساء تقريبا، وهي من أجمل لوحات الفسيفساء في العالم. ولعلّ أحسن ما يمثّلها اللوحات التي رسم فيها الشاعر «فرجيل» وقد أحاطت به ربات الفنّ والتبليط. وقد يكون الأول على المستوى العالمي ويزاحمه في هذا الأمر متحف نابولي الإيطالي اعتبارا إلى أن الكمية الأكبر من الفسيفساء تعود إلى العهد الروماني.

يعتبر «باردو» من أكبر المتاحف في بلاد المغرب العربي حيث تقدر مساحته الإجمالية بنحو 20 ألف متر مربع. وخضع سنة 2012 إلى أشغال ترميم وتوسعة قدرت تكلفتها بنحو 13 مليون دولار، ليصبح إثر هذه التوسعة متحفا دوليا يخضع للمواصفات الدولية. إلا أنه تعرض لهجوم إرهابي في 18 مارس (آذار) 2015 عندما قام ثلاثة أشخاص مسلحين بكلاشنيكوف وقنابل يدوية حاولوا الدخول لساحة مجلس نواب الشعب، وبعد عدم استطاعة الدخول توجهوا لمتحف باردو الملاصق للمجلس وقتلوا في طريقهم 21 شخصا منهم 20 سائحا وجرحوا 42 آخرين. بعد ذلك احتموا في مكان داخل المتحف مع عدة عشرات الرهائن. وتبنى تنظيم «داعش» الإرهابي الهجوم في اليوم التالي.

وبعد عام على الهجوم، قررت وزارة الثقافة والمحافظة على التراث التونسية تحويل ذكرى هجوم متحف باردو الذي أودى بحياة عدد من السياح العام الماضي إلى حدث فني بعنوان «ليالي متحف باردو» في الفترة من 20 إلى 24 مارس الحالي. قررت تونس إحياء الذكرى الأولى لضحايا الهجوم ونظمت حفلا فنيا قدم خلاله مقطوعات موسيقية أبرزها معزوفة «باردو» على آلة البيانو للأوركسترا الفيلهارموني بقيادة شادي القرفي.

وبالعودة إلى ذكرى الـ130 عاما، أفاد كمال البشيني المدير العام لوكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية، بأن المتحف الوطني بباردو كان يطلق عليه اسم المتحف العلوي نسبة لعلي باي إلى حدود استقلال تونس، وكانت منطقة باردو مقر إقامة البايات (حكام تونس في العهد الحسيني) ومقر المتحف نفسه كان من بين إقاماتهم الملكية ولكنه خصص انطلاقا من 1888 لاحتضان تراث تونس الثري.

ومن ناحيته، قال علية عمار المكلف بالإعلام بالمتحف الوطني بباردو، إنها فرصة للوقوف على أهمية هذا المعلم الوطني وما يتميز به من جمال هندسته المعمارية وثراء مجموعاته المتحفية وفسيفسائه النادرة فضلا عن رمزيته التاريخية فهو يضم نبذات عن مختلف الحقب التاريخية. وأضاف أن المتحف يحاكي مختلف الحقب التاريخية والحضارات التي مرت على تونس على امتداد ثلاثة آلاف سنة، ويقدم الحضارات البربرية والفينيقية والوندالية والبيزنطية وصولا إلى الحضارة الإسلامية في أبهى حللها. وإلى جانب رسوم الفسيفساء، يضم المتحف تماثيل وأعمدة من مناطق مختلفة من تونس تعود للعصر الروماني وأيضا آثارا للحقبة الفينيقية والعربية الإسلامية.

يذكر أن وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية قد نظمت في السابق زيارات لوسائل الإعلام المحلية والأجنبية إلى عدد من المواقع الأثرية على غرار منطقة قرطاج الأثرية، ومدينة القيروان العريقة من الناحية التاريخية والمعمارية وأعادت بذلك اكتشاف هذه المعالم أمام عدسة الإعلاميين ونفضت الغبار عن بعض مكوناتها التي لا يعرف عنها الكثير من الناس إلا القليل والشحيح من المعلومات العلمية المؤكدة.