«ركض» فتاة يثير جدلا حول حرية المرأة بالجزائر

"مجلة جنى" تشهد الجزائر جدلا حول حرية المرأة وخصوصية المجتمع منذ أن تعرضت فتاة جزائرية محجبة لعنف جسدي ولفظي خلال ممارستها رياضة الركض، قبل أذان المغرب في شهر رمضان.

وفي 4 يونيو/حزيران الجاري نشرت «ريم» فيديو تظهر فيه وهي تبكي؛ بسبب ما قالت إنها «مضايقات تعرضت لها أثناء ممارستها رياضة الركض في منتزه صابلات بالعاصمة»، قبل الإفطار. ‎ وتساءلت: «أريد أن أعرف.. هل حرام أن تمارس فتاة ما الرياضة قبل المغرب في رمضان أم لا».

وأردفت «ريم»: «خرجت كالعادة أمارس الرياضة ساعة قبل الإفطار، ومرّ بقربي أحد الشباب وضربني بطريقة سيئة وأخذ يضايقني بأسلوب سيء، ويقول لي: "بلاصتك في الكوزينة (مكانك في المطبخ)».

«بلاصتي وين نحب»

عقب انتشار الفيديو شن نشطاء على مواقعي «فيسبوك» و«تويتر» حملة بعنوان «خليها طرانكيل» (أو دعها وشأنها)، تعاطفا مع الفتاة، وتنديدا بتعرضها للعنف.

ونظمت نساء وشباب في كل من العاصمة الجزائر ومحافظة قسنطينة (شرق)، السبت الماضي، سباقا للركض، حاملين شعارات تنديد بما تعرضت له «ريم» من عنف.

وحملت المشاركات في الحملة، ومعهم بعض الشباب، لافتات مكتوب عليها: «بلاصتي وين نحب ماشي في الكوزينة» أو بما يعني (مكاني حيث أريد وليس في المطبخ).

وخلفت الحملة مؤيدين ومعارضين، حيث يرى البعض أن المرأة الجزائرية تعيش في حرية، ولابد أن تراعي خصوصية المجتمع، في حين يعتقد آخرون أنها مضطهدة.

ملابس رياضية

من جهتها، أعربت منظمة العفو الدولية (مكتب الجزائر) عن تعاطفها مع «ريم».

وقالت المنظمة، على صفحتها بـ«فيسبوك»: «شاركنا اليوم (9 يونيو/حزيران) في سباق ركض في منتزة الصابلات، تضامنا مع الفتاة التي اعتُدي عليها لسبب بسيط أنّها ارتدت لباسا رياضيا قبل الإفطار في رمضان». وأضافت: «دعونا نحارب معا العنف ضد المرأة».

وقالت «فاطمة سعيدي»، نائبة برلمانية عن حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي بالجزائر)، لـ«الأناضول»، إن «المرأة الجزائرية تتمتع بكامل الحقوق وتمارس حريتها كاملة».

وأضافت أن «حرية المرأة في بلادنا واقعة فعلا وعززتها القوانين وبفضل الدساتير المتعاقبة، ولكن يجب أن تتغير الذهنيات، كنظرة الرجل الدونية للمرأة، رغم أن التعليم قلل هذه النظرة قليلا».

وتابعت: «رغم حرية المرأة في بلادنا إلا أن العنف الجسدي واللفظي ما يزال يمارس عليها، رغم ترسانة القوانين التي تصب في صالحها، ويجب الحد من هذا العنف».

وشددت النائبة الجزائرية على أن «المرأة قادرة على القيام بأدوار أخرى في المجتمع، إضافة إلى وظيفتها الأساسية المعروفة، والتي يجب أن لا تتخلى عنها أو تهمل عائلتها».

فيما دعت رئيسة الجمعية الجزائرية، «نادية دريدي»، لترقية وحماية المرأة الجزائرية (مستقلة)، إلى «احترام قدسية شهر رمضان، وخصوصيات المجتمع الجزائري».

وأردفت «دريدي»، في حديث لـ«الأناضول»، أنه «من حق المرأة ممارسة الرياضة في رمضان، لكن شريطة أن لا تغضب الرجال بلباس فاضح أو تصرفات غير لائقة».

ومعلقة على فيديو الفتاة التي تعرضت للعنف اللفظي بسبب الركض وشكل لباسها الرياضي، قالت «دريدي»: «يجب أن لا تخرج الفتاة متزينة بمساحيق في رمضان لتغضب الرجال». وشدد على أن «ذلك لا يبرر أن تُعنّف، فهذا مرفوض تماما».

وتابعت أن «المرأة الجزائرية تتمتع بحقوق كبيرة، ولديها حرية واسعة، خلافا للسنوات السابقة، حيث كان لا يمكنها التعبير عن حقوقها».

في المقابل انتقدت «دريدي» مشاهد «نساء يقمن بتصرفات غير لائقة، كالسب والشتم في الشوارع وأمام الملأ».

انقسام حول الحملة

تباينت ردود أفعال ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بشن ما تعرضت له «ريم».

وقال «هشام ربيعي» على «فيسبوك»: «إنه أخر الزمان، أصبحت المرأة تخرج إلى الشارع بلباس فاضح وفي رمضان وتحمل لافتة مكتوب عليها: مكاني ليس في المطبخ». 

وتابع: «مكانك في المطبخ والمنزل لتربية أطفالنا، ومكانك في المسجد حافظة للقرآن الكريم وفي المدرسة أستاذة محترمة وفي مكان محترم يليق بك يا حواء».

وعلقت ناشطة تدعى «أم منعم»: «أنا ملكة في بيتي وفي مطبخي سلطانة»، وأردفت: «الحمد الله على نعمة الإسلام وكلي احترام للمرأة العاملة الشريفة».

فيما وصف الناشط «علي يحياوي» معارضي الحملة بـ«الجهلة». وقال: «معظم الجهلة الذين هاجموا حملة (بلاصتي ماشي في الكوزينة) لا يعرفون كيف بدأت».

وتابع: «الحملة لم تنطلق من العدم كتمرد على العادات، بل ردا على الاعتداء الذي تعرضت له فتاة كانت تمارس الرياضة»، ودعا الجميع إلى الوقوف مع هذه الحملة لرفض الاعتداءات على الفتيات في الشوارع.

السكوت غير مقبول

وأبدى الكاتب والإعلامي الجزائري، «احميدة عياشي»، تضامنه مع «ريم»، وأيد حملة «مكاني ليس في المطبخ». وقال عبر صفحته على «فيسبوك»: «لماذا جريت من أجل ريم؟، ريم فتاة تعرضت لاعتداء لأنها جرت في ساحة عمومية وفي فضاء عام.. جرت لأنها اعتقدت أنها حرة في مجتمع حي».

وأردف: «من أجل أن لا نتواطأ بصمتنا ولامبالاتنا لكل ما هو مشين ومسيء للحريات جريت»، وشدد على أن السكوت عن مثل هذه التجاوزات غير مقبول.

وخلال عام 2017، سجلت أجهزة الأمن الجزائرية 7500 حالة عنف ضد المرأة، (مقارنة بـ8400 حالة في 2016)، منها 190 حالة تحرش جنسي و17 حالة قتل عمد.

وصادقت الجزائر، عام 1996، على الاتفاقية الدولية لمحاربة كل أشكال التمييز ضد المرأة، التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 1979.