نجاح مئات السيدات بمسابقة مهنة «المأذون» يجدد جدلا مغربيا

"مجلة جنى" أثارت نتائج مسابقة نظمتها وزارة العدل في المغرب، لتولي مهنة المأذون أو «العدول» جدلا واسعا؛ سببه نجاح مئات النساء في هذه المسابقة، التي جرت قبل نحو شهرين، وأتيحت للنساء المشاركة فيها لأول مرة في تاريخ البلد.

واندلع الجدل منذ أن أصدر الملك «محمد السادس» توجيها لوزارة العدل بتمكين المرأة المغربية من ولوج هذه المهنة، بعد أن ظلت حكرا على الرجال منذ تنظيمها بقانون صادر في 1914.

واستند توجيه العاهل المغربي إلى رأي من المجلس العلمي الأعلى، وهي أعلى هيأة فقهية وشرعية في البلاد، الذي قدم رأيه في الموضوع مع بعض «الاستدراكات»، استند فيها إلى رأي جمهور علماء المذهب المالكي المعتمد في البلاد.

وأثار فتح مهنة «العدول» أمام النساء، جدلا واسعا في المغرب، إذ اعتبر فريق من الفقهاء أن الإشهاد في عقود النكاح ليس من شأن النساء، ويستدلون بآيات قرآنية في هذا الباب، ليخلصوا إلى أن الفقه المالكي يُقصي المرأة من هذه المهنة؛ كونها تتضمن التحرير والإشهاد معا، ويُذكرون في هذا الشأن بآيات قرآنية تناولت الموضوع، منها قوله تعالى: «وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى».

وإن كان مؤيدو القرار يرون أن تأويل هذه الآية تحديدا كان مبتسرا، بل يطيلون النجعة ويقولون إن الآية أقرت شهادة المرأة الواحدة، وإن الثانية إنما دورها تذكير الأولى إن هي نسيت.

ويذهب جناح من أصحاب هذا الرأي إلى أن النساء لم يوثقن العقود أبدا في التاريخ الإسلامي، وأن القانون المغربي ساير هذا الاجتهاد.

واستدعى بعض الخائضين في هذا النقاش مشهور أقوال علماء المالكية الذين أجازوا شهادة المرأة في الشؤون المالية، ولكنهم رفضوها في شؤون الأحوال الشخصية.

ويرى فريقٌ آخر من الفقهاء، ومعه عدد من الباحثين الشباب المهتمين بالدراسات الإسلامية، أن الخطوة تعتبر «تحول ثوري تأخر كثيرا». ويؤكد هؤلاء، بأن حرمان المرأة من هذه المهنة ليس سببه الفقه الإسلامي، وإنما الثقافة المحلية الأبوية التي تُقصي المرأة من الحياة النشطة، خاصة مجالات محددة ظلت حكرا على الرجال.

ويُسند القانون المنظم للمهنة للمأذون، مهمة توثيق العقد والإشهاد عليه، وهو ما يثير إشكالا في حالة عقود النكاح التي يقول مشهور المذهب المالكي بقصر الإشهاد فيها على الرجال دون النساء، مع الأخذ بشهادتهن في الأمور المالية.

ولتطويق هذا الجدل، تؤكد السلطات الرسمية أن إدماج النساء في هذه المهنة سيقتصر أولا على تدوين العقود، بما فيها النكاح، دون الإشهاد، على أن يحال الموضوع لاحقا إلى المجلس العلمي الأعلى لتقديم رأيه في الموضوع.

وتجسيدا لهذا التوجه، أعلنت وزارة العدل والحريات أنها ستضع دراسة عملية بالتعاون مع المجلس؛ لتقديم إجابة فقهية عن تولي النساء مهنة العدول.