"جودلية" خلود هواش: ميثولوجيا عراقية ملونة

"مجلة جنى" لغاية الثامن والعشرين من الشهر الجاري، يتواصل في غاليري "دار الأندى" في عمّان معرض "جودلية" للفنانة العراقية خلود هواش (1977) الذي افتتح في الثامن عشر منه، وتقدّم من خلاله رموزاً من الحضارات العراقية القديمة كالآشورية والأكادية والبابلية منسوجة على الأقمشة.

يعيدنا عنوان المعرض إلى التسمية التي تطلق في التراث العراقي على "لحاف" كان يستحدم لتغطية أثاث المنزل ويصنّع من القطن أو الكتّان أو الصوف أو بقايا الثياب، ويجري تزيينها برسومات بعضها مأخوذ من أساطير الرافدين وأخرى كتطريزات تمثّل أشكالاً هندسية أو ورود أو مناظر طبيعية.

ابتدأت الفكرة لدى هواش حين حاولت أن تنسج سجادة لمرسمها من الملابس القديمة، فقررت إنتاج أعمال مشابهة، لكن بصورة جمالية معتمدة على المواد الأولية ذاتها التي كانت تستخدمها النساء العراقيات في الماضي، وبعد محاولات عدّة استقرّت على ثيمة أساسية للمجموعة التي أنتجتها.

تبتعد المعروضات عن الحس التجاري الذي تعكسه المنسوجات التقليدية التي يصنّعها الحرفيون، مع الإبقاء على حس طفولي في تناول بعض الرسومات المستمّدة من الثيران المجنحة والغزلان والطيور وغيرها من الحيوانات، في توظيف لتجربتها في العمل رسامة لكتب الأطفال في دور نشر مختلفة في بغداد ولندن.

كما تركّز على المرأة بوصفها منبع الحياة الإنسانية ورمزاً للخصب والجمال والتحرر سواء في الميثولوجيا القديمة، أو في الحكايات الشعبية التي تتكئ عليها لإبراز جماليات الجسد الأنثوي.

تحضر ثنائية الإنسان والحيوان في أعمال الفنانة، والتي تحتشد بها نقوش حضارات ما بين النهرين، لكنها اختارت أن تنوّع أكثر في ألوان أعمالها التي تعكس الطبيعة العراقية متمثلة بزرقة النهر وخضرة أشجار النخيل، والتربة بألوانها البنية والحمراء والصفراء، في محاولة لتقديم الجودلية المعروفة بغنى ألوانها الزاهية.

وكانت هواش قد بدأت تجربتها بالرسم بالألوان المائية والأكريليك، قبل أن تنتقل إلى استخدام القماش بشكل أساسي في أعمال الكولاج التي تنفذها بمساحات كبيرة في أكثر من تجربة سابقة، وغلب عليها استعارة ثيمات من التراث العراقي أو إعادة توظيف لوحات لعدد من الفنانين العراقيين المعاصرين في أعمالها.