الطهو على نيران عالية

"مجلة جنى" لقد اجترحت البشرية مفردات ملائمة في تصالحها مع دلالتها مثل كلمة: crush التي تفيض بمعنى مخطط الحب عن بعد، مثل ثمرة تينٍ مغدقة السكر.

واستجلبها المصريون عبر السوشال ميديا إلى حياتنا، لنحسن لمس أفكارنا ولنحسن الحب والشعر.

ومثل كلمة: غيرة. التي تتشكل في الذهن على صورة ذئبٍ فقد صوابه من الغضب.

ما زالت الغيرة تنتشر من عقلي إلى قلبي إلى أعلى كتفيّ على هيئة حرارةٍ قارصة. كالبرد.

عجزُ الحيلة هو الجديد، جراء حقائب أربع سنوات حُمِّلْتُها، منذ كتبت:

"أغارُ أغارُ أغارْ...ويبرد قلبي وإن لم تفارقه نار"

في حضرة الليل والجار الغريب

الذي انشققتُ عنه منذ مائدة أرسطوفانيس، وهمتُ في الحيوات، إلى أن التقيته في الألفية الثانية، يضحك بتعاسة ويشتري نبيذ حزني في المزادات العلنية.

آخ..

لقد طهتني الحياة على نيرانٍ عالية. لكنني احتجت سنيناً، لا لأنضج؛ بل لأُقَدَّم على مائدة خطوب الدنيا الشرهة.

والفرق بين المعطى والنتيجة أنني اليوم لم أعد أواجه الواقع بلطمية شعرية، بل بسؤال: ماذا سأفعل في حضرة الواقع؟

لم أقل أنني وجدت إجابةً للسؤال. لكن السؤال تخلق في رحم عقلي. لقد تقدمت خطوة.

فهمت متأخراً أن اللغة لاعبٌ أساسي في تنفيذ فكر المباراة، وأن الترادف مبحثٌ أصيل. 

الكذب عرف. والعرف غالب حتى في اللاهوت.

فهمت متأخراً كديدني في التعلم البطيء، أنه ليس بمشهدٍ صحي أن أتتبع رجلاً غرتُ عليه. ليس لأن هذا لا يليق بعمري، أو يهدد منسوب ثقتي في ذاتي، بل لأن هذا عبثي، ومتعب. متعب. وجدية الخبرة السابقة تجعل من هذا الحكم مستحقاً بالفعل لا بمجرد شرعية المجاز.

فهمت متأخراً أنه يجب على تفكيري أن يخرج من صندوق أن هذا الذي أحسبه يحبني لا يمكن له أن يحب غيري في لحظة أخرى مختلفة.

أن اللحظة هي اللحظة.

وأن اللحظة الثانية هي لحظة بهوية جديدة. ما يختلف أننا في العادة لا نمنح مفردات الزمن أسماءً.

الدين تجربة ذاتية وخاصة وداخلية حسبَ ايميرسون. والحب بين الرجل والمرأة حالة غير مزمنة، خلاف الحب الكوني؛ فهو خصلة وطبع، حسبي أنا.

الدنيا في التراث الديني لا تساوي عند الله جناح بعوضة. لأن مساوقتها سياسة. والسياسة كذب. 

أتعلم ببطء. أنا ملكة الإنسانيات، لكن سيميوطيقا الدنيا أشق علي من الفيزياء أيام المدرسة.

فداء العايدي: كاتبة من الأردن

اقرأ أيضا