«سمر الكردي».. أول حكمة كرة سلة في غزة

"مجلة جنى" تُعتبر «سمر الكردي» أول شابة تعمل حكمة لكرة السلة في قطاع غزة، بجانب 4 فتيات آخريات، وقع عليهن الاختيار من بين 20 فتاة خضن دورة تدريبية لانتقاء الأفضل بينهن.

وغزة مجتمع محافظ، ويضع حدودا للنساء في كثير من المجالات، خاصة الرياضية؛ ويرى بوجه عام في مشاركتها في لعب الكرة أو قيادة الدراجات وغيرها، خروجا عن عاداته وتقاليده.

وتعمل «سمر» حَكمة للذكور والإناث دون سنة السادسة عشرة، في ملعب يتبع جمعية الشبان المسيحية في غزة.

وتقول «سمر» في تصريحات لـ«الأناضول»: «أنا خريجة تربية رياضية من جامعة الأقصى بغزة، وقد درستها عن قناعة وتشجيع من عائلتي الرياضية».

وتابعت: «عندما أنهيت دراستي عملت مدربة لياقة بدنية وكرة سلة للإناث من سن 13 إلى 16 سنة، وشغفي في كرة السلة جعلني أتابع المباريات، وأعجبت بالتحكيم».

أسرة رياضية بامتياز

ولا يقتصر الاهتمام بكرة السلة على «سمر» فقط في أسرتها، فلديها شقيق في الاتحاد الفلسطيني لكرة السلة.

وقالت إنه كان يُحكم في الملاعب من سن 16 عاما، كأصغر حكم على مستوى العالم، وحكم في الدوري المحلي الممتاز في غزة عام 2015/2016.

وأضافت أنه شارك في دورة بعُمان عبر الاتحاد الفلسطيني، وغادر بعدها إلى بلغاريا للهدف نفسه، وأصبح حكما ضمن الاتحاد البلغاري لكرة السلة، وعمره حاليا 22 عاما.

وأفادت «سمر» بأنها التحقت بدورة لتعليم الفتيات التحكيم، تحت إشراف الحكم الدولي، «حسين حمدان»، في جمعية الشبان المسيحية، قبل أن تلتحق بالعمل فيها بشكل دائم.

وأوضحت أن الدورة كانت برعاية جمعية الثقافة والفكر الحر (غير حكومية)، وتنفيذ الأكاديمية الرياضية الفلسطينية، واستمرت 4 أيام، بمشاركة عشرين فتاة، تم اختيار 5 منهم، وهي أفضلهن.

تعنت الاحتلال

يشار إلى أن هذا التفوق منح الشابة الفلسطينية الضوء الأخضر لإدارة مباريات، سواء لفتيات أو فتية، وهي حاليا ضمن الاتحاد الفلسطيني لكرة السلة.

حيث تلقت «سمر» دعوةً من الاتحاد الفلسطيني في الضفة الغربية للمشاركة في بطولة للمرأة، بمناسبة يوم المرأة العالمي، في 8 مارس/آذار الماضي.

لكن الاحتلال الإسرائيلي رفض السماح لها بمغادرة غزة، عبر حاجز بيت حانون (إيريز)، بُحجة «الرفض الأمني».

وتأمل «سمر» أن تتمكن من مغادرة غزة، للمشاركة في تحكيم كأس الفتيات في الضفة.

وتحاصر (إسرائيل) غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني نسمة، منذ 12 عاما.

نظرة المجتمع

وتنشط سمر في أكثر من مجال رياضي، ولديها خبرات كبيرة متنوعة في رياضات، منها: العدو، وقد شاركت في أحد السباقات وفازت بميدالية قبل سنوات.

كما شاركت مؤخرا في سباق للدراجات الهواية مع 50 فتاة، وهي عضو في اتحاد الدراجات بغزة.

وحول نظرة المجتمع للفتاة الرياضة، خاصة في مجتمع محافظ، قالت: «أعتقد أن المجتمع كان في الماضي لا يقبل أن يرى الأنثى في الرياضة، ويقصر الأمر على الذكور».

واستدركت: «حديثا أصبحت الفتاة تشارك على الصعيدين الرياضي والسياسي، وتوجد فرق رياضية نسوية بكرة السلة والقدم، وتم مؤخرا تدشين فريق بيسبول (كرة القاعدة)، وزاد حضور المرأة الرياضي».

وتطمح «سمر» أن تصبح «شيئا كبيرا في عالم الرياضة، وتحديدا كرة السلة».

وقالت إنها تنظر قبولا من جامعة لابيزج في ألمانيا للمشاركة في دورة مدربين دولية لكرة السلة، مدتها خمسة أشهر.

كما تطمح للحصول على الشارة الدولية للتحكيم، لتكون مسجلة ضمن الاتحاد الدولي لكرة السلة، ما يُمكنها من تحكيم مباريات في أي دولة.

دمج المرأة في الرياضة

الحكم الدولي، «حسين حمدان»، قال لـ«الأناضول»: «فكرة دمج المرأة في عملية التحكيم نبعت مني، لإيجاد عنصر نسائي في التحكيم».

وتابع: «تُقام في غزة بطولات نسوية كثيرة، ولا نجد مُحكمات، ومنا هنا كان من الضروري وجود مُحكمات، خاصة في ظل وجود فئة من الفتيات لديهنّ خبرات وقدرات».

وأوضح أنه جرى تدريب عشرين فتاة، تم اختيار خمسة منهم، وكانت «سمر» أفضلهن، واعتمدت الدورة على حوالي 70% تطبيق عملي.

ولفت إلى أن إحداهن، وهي «أميرة إسماعيل»، حصلت على لقب «حكم طاولة دولي».

وبين أن الفتيات سيُحكمن للنساء فقط في هذه المرحلة، وربما قريبا في مباريات للرجال، لكن لن تكون من ساحة الملعب، بل على طاولة التحكيم.

واستطرد: «ليس لأن المجتمع لا يتقبل ذلك، بل خشية من مسبة وشتام الجماهير، والتي يتحملها الحُكام أحيانا».

وحول نظرة المُجتمع تجاه الفتاة في مجال الرياضة، شدد على «ضرورة تغيير تلك النظرة، فالفتاة عندما تُحكم أو تلعب تنزل الساحة بملابس مستورة».

وتابع أنهم سيقومون بتهيئة الظروف لتشارك الفتاة في التحكيم بالملاعب، ضمن الضوابط الأخلاقية والاجتماعية.

وشدد «حمدان» على أن التحكيم في الدوري الممتاز ليس سهلاً، ولذا تحتاج الفتيات المزيد من التدريب محليًا ودوليًا.

وأضاف أنه سيتم ترشيح أسماء للتدريب والتطوير في الخارج، حسب الفرص المتاحة، ورحبت وزارة الشباب بالمُحكمات، وأصبحن أعضاء في الاتحاد الفلسطيني لكرة السلة، وعما قريب في اللجنة الأولمبية.

وبشأن ما يواجه الرياضة عامة من مُعيقات، أجاب بأن «أكثر المشاكل هي أن العمل الرياضي في غزة تطوعي، أو مقابل مبلغ مالي زهيد، كنوع من الهواية وليس وظيفة، فضلا عن مُعيقات السفر للخارج، بسبب المشاكل على المعابر».