الذكاء الصناعي يرسم لوحة فنية ودار كريستيز تعرضها للبيع


لوحة «إدموند بيلامي» من تنفيذ الذكاء الصناعي (كريستيز)

"مجلة جنى" على مر التاريخ كان الفن ملجأ للإنسان للتعبير عن كل تفاصيل الحياة والموت وما بينهما، الإبداع الفني نبع من النفس البشرية دائما ولكن هل يتغير ذلك مع عصر التكنولوجيا والذكاء الصناعي؟ يبدو أن هناك من يحاول إدخال الفرضية إلى كتب التاريخ والعمل على تغييرها لينهي احتكار الإنسان للعملية الإبداعية أو هكذا يدعي فريق مؤلف من ثلاثة فنانين أطلقوا على أنفسهم اسم «أوفيوس» حيث استعانوا بالبرمجة والذكاء الصناعي لرسم اللوحات الفنية. وكدليل على أن ذلك الاتجاه يمكن أن يأخذ طريقه للحياة الفنية ولعالم أسواق الفن الشهيرة فإن دار كريستيز الشهيرة للمزادات تعرض لوحة للثلاثي من إنتاج الكومبيوتر للبيع في مزادها القادم في نيويورك في شهر أكتوبر (تشرين الأول) القادم.
هي المرة الأولى التي تتعامل دار مزادات عالمية مع «فن» مصنوع بواسطة الذكاء الصناعي، ويترك للمزايدين قرار إن كانت اللوحة يمكن أن تغري أحدهم بدفع الثمن المقدر لها وهو عشرة آلاف دولار.
وحسب ما أوردت صحيفة «ديلي تلغراف» أمس فاللوحة التي تصور رجلا غائم الملامح تحمل اسم «إدموند بيلامي» منفذة على القماش ومحاطة ببرواز مذهب ما يمنحها مظهر اللوحات التقليدية وهي نتاج عمل ثلاثة فنانين في العشرينات من عمرهم يشقون طريقهم في عالم الفن متسلحين بكومبيوتر لخلق «الفن الرقمي». منهم غوثري فيرنييه قال لـ«ديلي تلغراف»: «هناك مساحة لنا كلنا» في رده على سؤال عما إذا كان «الفن الرقمي» سيصبح بديلا للفنانين التقليديين، وأضاف: «نرى ما نفعله كاتجاه جديد في الفن مثلما كان التصوير فنا وليدا في بدايات القرن التاسع عشر، نحن ننتمي لجيل جديد من المبدعين ولكننا بالتأكيد لن نحل محل الفنانين الآخرين».
يعتبر ثلاثي «أوفيوس» أنفسهم فنانين مشيرين إلى أن بعض أعمالهم تعرض في المتاحف. يتكون فريق «أوفيوس» من ثلاثة أصدقاء يعيشون سويا في باريس وهم: بيير فوتريل وغوثري فيرنييه يدرسان إدارة الأعمال بينما يدرس ثالثهما هيوغو كاسل دوبريه التكنولوجيا.
بدأت مغامرة الثلاثي في العام الماضي حين أرادوا اكتشاف احتمالات استخدام التكنولوجيا في المجال الفني وقاموا بتطوير تقنية لتلقين الكومبيوتر بيانات لـ15 ألف لوحة فنية رسمت ما بين القرنين الرابع عشر والعشرين، واستخدموا نظاما إلكترونيا يمكنه إنتاج عمل فني معتمدا على كمية المعلومات التي استقاها الكومبيوتر من بيانات تلك اللوحات.
اللوحة الناتجة عن تلك العملية المعقدة والتي يطلق عليها «جنيراتور» (مجمع المعلومات) تبدو كعمل فني أنتجه أحد كبار الفنانين القدامى، كاملة بآثار الفرشاة وإن كانت تنحى للمنهج التجريدي. الخطوة التالية هي إخضاع اللوحة الناتجة لنظام آخر يطلق علية «ديسكريميناتور» (المميز) والذي يعمل على محاولة إيجاد الفرق بين اللوحة المنفذة إلكترونيا واللوحات التي يرسمها بشر.
حتى الآن أنتج الثلاثي إحدى عشرة لوحة (بورتريه) وحصلوا على دعم قوي من لوغيرو لاسير وهو فرنسي صاحب صالة فنية قام بشراء إحدى اللوحات بتسعة آلاف جنيه إسترليني وعلقها بالفعل في الغاليري الخاص به في باريس.
لاسير شرح لصحيفة «آرت نت» سبب تشجيعه لفريق «أوفيوس» قائلا: «أراه أمرا مدهشا أن يقوم شباب بتطوير برنامج يمكنه إنتاج عمل فني معتمدا على معلومات منتقاة من التاريخ الفني».
وبعد دعم صالة فنية شهيرة جاءت مكالمة تليفونية من أحد الخبراء بدار كريستيز يعرض على الفريق عرض إحدى اللوحات في مزاد الدار القادم بنيويورك. من جانب كريستيز يعد ذلك أمرا جيدا من عدة نواح، فهو سيسجل اسم الدار كأول صالة مزادات تعرض عملا فنيا من إنتاج كمبيوتر، وهو أمر سيلقى ترحيبا من أجيال جديدة من الفنانين والمقتنين. وحسب ما قالت ليندسي غريفيث مديرة المزاد القادم لـ«ديلي تلغراف» فإن عرض لوحة «بيلامي» يمثل «اهتمام كريستيز في إنشاء حوار حول التقنيات الحديثة وتأثيرها على خلق أعمال فنية وتأثير ذلك على الأسواق الفنية».
تراهن كريستيز على أجيال شابة تستخدم التكنولوجيا كما تتنفس وتشير غريفيث إلى ذلك في حديثها مشيرة إلى أن التقنية التي استخدمها ثلاثي «أوفيوس» قد تكون مكلفة الآن ولكنها ستصبح متداولة في المستقبل وهو ما سيفتح الباب أمام أنواع جديدة من الفن المنفذ عبر الذكاء الصناعي.
بالنسبة لثلاثي «أوفيوس» عرض اللوحة في نيويورك يعد ختما بالشهرة من صالة عرض فنية ودار مزادات شهيرة، فمن يطمع لأكثر من ذلك؟