مها الغنيم نائبة الرئيس والمديرة التنفيذية لمجموعة بيت الاستثمار العالمي الكويتي

" مجله جنى " بطاقة هويتها معجونة بالنجاح، ممهورة بختم الجودة في الأداء عبر فتح الأبواب أمام الأفكار المبدعة لتتحول الى مشاريع استثمارية تنطلق من الكويت وتجوب أصقاع الأرض، لتخرج العوائد والأرباح متى ما وجدت الأرض الخصبة.
هذه العقلية المبدعة وتلك المسيرة العلمية والعملية الحافلة تم وضع أساسها العلمي في جامعة سان فرانسيسكو الأميركية حيث تخرجت عام 1982 حاملة بكالوريوس الرياضيات. وتم صقل هذه العقلية بتقلدها عدة مناصب في شركات استثمارية كبرى مارست خلالها الاستثمار داخل الكويت وخارجها.

مما يميز مها أنها سيدة عصامية من أوائل النساء اللاتي احترفن مجال الاستثمار وإدارة الأصول في الكويت. بدأت حياتها المهنية في مجال الاستثمار والاستشارات المالية عام 1983 كضابط استثمار في الشركة الكويتية للتجارة والمقاولات والاستثمارات الخارجية، التي تعد المدرسة الحقيقية للاستثمار والتي عمل وتخرج فيها «صناديد» الاستثمار في الكويت. وأصبحت الغنيم بعد فترة وجيزة مدير إدارة المحافظ الاستثمارية في الشركة، وهي من القلائل الذين تقلدوا هذا المنصب في قطاع الاستثمار. برز نشاطها المهني عندما توسع حجم المحفظة ووصل إلى مليار دولار أميركي. نجحت بعدها في تأسيس قسم إدارة الأصول في الشركة الكويتية للاستثمار التي عملت فيها حتى عام 1998 وكان لها دور كبير في تأسيس الصناديق الاستثمارية المتخصصة، الفكرة التي كانت الغنيم والكويتية للاستثمار رائدتين في ارسائها في السوق الكويتي.

مناصب عدة
لم يتوقف طموح مها الغنيم عند احتراف الاستثمار وادارة الأصول وتولي مناصب قيادية، بل كانت تشعر أن بداخلها طموحا وطاقة أكبر من أن يحدهما اطار العمل في شركة حكومية. فجاء عام 1998 ليضع حدا فاصلا في حياة الغنيم المهنية بالانتقال من العمل في شركات الآخرين الى العمل في شركة تديرها وتملكها بمشاركة الآخرين. التقى فكرها وطموحها مع فكر وطموح أربعة آخرين من رفقاء دربها الذين عملوا معا لفترة طويلة. فقرر «المغامرون الخمسة» تأسيس شركة استثمارية جديدة في عام 1998 تحت اسم «غلوبل»، كانت الغنيم صاحبة الفكرة، أو لنقل المغامرة في ذلك الوقت، ورحب الفريق كله بالفكرة المبدعة. انطلقت الشركة بمساهمة الأعضاء الخمسة، كل واحد منهم بجزء من أمواله واستقطبوا معهم عددا محدودا من المساهمين الآخرين، لكن تحت إلحاح واصرار آخرين من ذوي الملاءة المالية على الدخول كمساهمين في الكيان الجديد في ضوء ثقتهم اللامتناهية بأعضاء الفريق، اتسع عدد المساهمين ليصل الى 84 مساهما من دون «بروباغندا» و «ضجيج» اعلامي كبير. لم يتم تسويق الشركة على ورق فخم متعدد الألوان بل قام الفريق بمخاطبة بنك الكويت المركزي عبر مسودة على ورق أبيض وأسود. حيث كان الفريق منخرطا أكثر في الدراسة واستشراف الفرص لتأمين النجاح للكيان الوليد. وحقق أكثر من حدود خططه، حينما تحول ذلك الكيان الى بنك استثماري يدير في غضون عشر سنوات فقط أكثر من 10 مليارات دولار، ويتدثر بعباءة اقليمية وعالمية.

وبعد ضربة كبيره خلال انهيار عام 2008، أعادت الغنيم هيكلة الشركة بنجاح، والتي تدير الآن أصول أكثر من أربع مليارات دولار.

مراحل التأسيس
نجحت «غلوبل» بامتياز في المرحلتين الأوليين من استراتيجيتها، عبر الانتشار محليا ثم اقليميا. وها هي الآن تعبر المرحلة الثالثة من استراتيجيتها بالانتشار عالميا. وكانت بمنزلة «ضربة معلم» أن تبدأ أولى لبنات هذه المرحلة الصعبة بالادراج في بورصة لندن. ولعل من أبرز شواهد نجاحات الغنيم مع «غلوبل» أن الشركة تدير اليوم ما يقارب المليار ونصف المليار دينار كويتي على هيئة صناديق استثمارية متنوعة يربو عددها على 30 صندوقا، حققت جميعها أرباحا جيدة وتمارس أنشطتها في أسواق محلية واقليمية وعالمية. ومن أبرز تلك الشواهد كذلك نجاح الشركة في تحقيق نمو مطرد في الأرباح على مدار السنوات الماضية حتى في أحرج الظروف التي مرت بها أسواق المال.
عدم رغبة مها في الحديث كثيرا عن نفسها اضافة الى تواضعها، تجعل المهتم والمتتبع لسيرتها يبحث في أعمالها ليكتشف أنها تسعى لانتهاز الفرص الاستثمارية، لكن دونما اندفاع بل بنضوج وقدرة على فهم لحاجات الأسواق وأدراك للفرص والامكانات الواسعة غير المطروقة في الأسواق المالية. حتى قيل عنها: «مها الغنيم قادرة على تحويل تلال الكثبان الرملية الى فرص استثمارية ذات جدوى». سر نجاحها كما يقول أحد أعضاء فريقها يكمن في التزامها التام بالعمل وحبها واخلاصها له، اضافة الى ايمانها بالمقولة التي رددها الرومان «إذا كنت جريئا فمن الممكن أن تفشل ولكن إذا لم تكن جريئا فمن المؤكد أنك ستفشل». هناك أيضا عامل آخر ومهم، كما يقول أحد المقربين لها، وهو ميلها الدائم للعمل كفريق متكامل مع أعضاء الادارة التنفيذية الذين عملت معهم لسنوات عدة واستطاعوا أن يصلوا بـ«غلوبل» الى ما هي عليه اليوم.
الحكمة في القيادة
اكتسبت الغنيم سمعة واعجابا تجاوزا المجال الاقتصادي في العالم العربي. فشخصيتها وأسلوبها في العمل يكشفان عن قدرة على الحكمة في القيادة، ومن أجل كل ذلك والكثير الكثير سواه، وجدت الجوائز التكريمية والاعترافات العالمية طريقها الى مها الغنيم من جهات عالمية محايدة دققت في انجازاتها ونتائج أعمالها، فوجدت أنها تستحق بجدارة الجوائز التي نالتها والتي كان آخرها جائزة الاسهام المتميز في الصناعة المالية من مجلة بانكر ميدل ايست، بعد أن أدرجتها مجلة فوربس في نسختها العربية على رأس قائمة أكثر 50 شخصية عربية تأثيرا في منطقة الشرق الأوسط، كما أدرجتها مجلة فوربس العالمية أكثر من مرة ضمن أقوى 100 سيدة في العالم، وصنفتها مجلة أرابيان بزنس أيضا ضمن قائمتها لأقوى 100 سيدة في العالم. وفي نوفمبر 2007 منحتها منظمة القادة ـ دبي سيدة أعمال العام.
وكانت مجلة أرابيان بزنس قد منحتها عام 2006 لقب سيدة أعمال العام، واختارتها مجلة نيوزويك عام 2004 كواحدة من بين أفضل 43 شخصية مؤثرة في الشرق الأوسط.

وفي اواخر 2014 اختارتها مجله فوربز العربية ضمن اقوى 50 سيده عربيه في مجال العمل الاجتماعي والسياسي والمالي والاقتصادي والاستثماري.

 هذا اضافة الى سلسلة لها أول وليس لها آخر من الجوائز والميدليات التي خصتها بها حكومات ومؤسسات مالية عالمية مرموقة، لم تأت جميعها من فراغ، بل حصيلة حتمية لذلك الدرب الذي شقته مها الغنيم بعزيمة ومثابرة وثقة بالنفس.
وقد يدل ما قالته الغنيم عقب تسلمها احدى الجوائز العالمية على شخصيتها باختصار: «أن تكون مؤثرا في مجال عملك ونطاقك الجغرافي، هو أمر مرض، ولكن أن تكتشف أن التأثير يصل الى أبعد من تلك الحدود، فهو شيء رائع ويدعو الى التواضع».

وتقول الغنيم: "هناك الكثير من النساء اللواتي يشعرن أن موضوع المال ثقيل، ولا يشعرن بالشغف تجاهه، والأمر ذاته بالنسبة للرياضيات والعلوم. نحن بحاجة إلى مساعدة المرأة على تخطي الخوف المرتبط بالأرقام، والذي سببه التعليم."