رسامة أفغانية تسلط الضوء على "قاسيات الملامح" و"مشعرات الوجوه"

"مجلة جنى" لفتت لوحات فنية لرسامة أفغانية شابة، الأنظار إليها، بعدما جسدت فيها الفتيات من بنات جنسها وجنسيتها، وهن يظهرن في صورة قلما يتم التعبير فنيا عنها؛ حيث رسمت الفتيات بوجوه مُشعرة وملامح خشنة، وحواجب كثيفة.

وأعادت الرسامة الأفغانية تعريف مفهوم الجمال في عالم تهيمن عليه المعايير الأوروبية التي فرضها الماضي الاستعماري، ومؤسسات الموضة العالمية ذوات المعايير المتطابقة في العقود الأخيرة.

وفي تقرير لـ"سي إن إن"، تبدو أعمال الرسامة الأفغانية الأصل، "مشتري هلال"، مُفاجئة بما فيها من الوجوه والأجساد الأنثوية التي تغطيها سمات عادة ما تُشار إليها بـ"ذكورية" مثل الشعر الكثيف، والملامح الحادة.

وتقول "مشتري" إن "هذه هي طريقتها في إعادة استكشاف معنى الجمال نتيجة هيمنة معايير الجمال الأوروبية البيضاء في وسائل الإعلام التي يتحكم فيها الغرب منذ فترة الاستعمار".

ووفقا لـ"مشتري"، فمن رؤيتها المستمرة لعارضات وممثلات ذوات بشرة ناعمة ملساء، تتساءل: "لماذا نحن نشعر بالخوف بشكل كبير من شعر جسد الإناث؟".

وانتقادا للمعايير الجماليّة السائدة، قالت "مشتري": "تعودنا بشكل كبير على رؤية الوجوه ذاتها الشبيهة بالدمى، والأنوف الصغيرة، والملامح المتناظرة، والأجساد الخالية من الشعر، والطويلة القامة إلى درجة أننا بدأنا نصدق بوجود خطب بنا، وأننا غير جديرين بأن يتم تمثيلنا بشكل مرئي".

وشكل هذا الأمر تحديا بالنسبة إلى "مشتري هلال" لدى انتقالها إلى ألمانيا كلاجئة من موطنها الأم أفغانستان في التسعينيات، وخصوصا خلال فترة مراهقتها.

وأكدت أن "الفن ساعدها على إدراك جمالها الخاص ومحدودية كل شيء في الإعلام"، وشرحت ذلك قائلة: "كفنانة، يقول لك الجميع أن تستكشف الشيء الذي تخاف منه بكثرة، وبالنسبة لي كمراهقة، كان ذلك الأمر هو نفسي. وأدركت من خلال النظر إلى ذاتي أنني أشعر بالخجل والنفور من ملامح وجهي سواء كان ذلك بسبب الشعر الأسود اللون فوق الشفاه، أو حواجبي الكثيفة، وعظامي الواضحة وأنفي".

وفي الوقت ذاته، تؤكد "مشتري" أنها لا ترسم الأجساد المكسوة بالشعر، بسبب عدم تقدير المجتمعات الأوروبية لها، بل ترسمها لكون هذه الأجساد "هي من نوع الأجساد التي أصادفها بشكل يومي، ومن أوائل الأجساد البشرية التي صادفتها من خلال والدتي وأخواتي، وهو الجسد البشري الوحيد الذي أملكه".

وتعتقد "مشتري هلال" أن "آثار الاستعمار لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية، والجغرافية، والتاريخية فحسب، بل إنه يؤثر أيضا على ما نعترف به كحقائق، ومعرفة، وما نعتبره جديرا بالملاحظة ومرغوبا به".

وتختتم الفنانة الشابة بالتأكيد على أن أعمالها الفنية تقدم لغة مرئية يفتقر إليها الوسط الفني، ذلك بسبب كون الفن، إلى الآن، يُنتج من قبل أفراد نخبويين، على حد تعبيرها. ولذلك، تعتقد أن إنتاج الصور المرئية لتجارب مختلفة بشرط عدم عرضها كشيء غريب أو خارج عن المألوف هو جزء من حل بنطاق أوسع لتصفية المفاهيم الاستعمارية في المؤسسات الثقافية والقطاع الفني.