معرض لندني يستكشف لمحات خفية من حياة آخر قياصرة روسيا

ألبوم صور نادر بعدسة مدرس إنجليزي ومتعلقات أخرى تغطي فترة تمتد ما بين 1908 و1916

"مجلة جنى" ما الذي يدعو متحف العلوم في لندن، وهو المتخصص في المعارض التي تدور حول عالم الفضاء وعالم التكنولوجيا، لأن يقدم معرضاً تاريخياً يدور حول عائلة القيصر الأخير لروسيا نيكولاس الثاني؟ أحد الأسباب هي الصدفة البحتة التي أوقعت صندوقاً مليئاً بالصور الفوتوغرافية لأفراد عائلة القيصر الروسي الأخير في يد ناتاليا سيدلينا، المنسقة الفنية بالمتحف، ليصبح ذلك الاكتشاف الكبير نواة المعرض الضخم الذي أطلقه المتحف الأسبوع الماضي تحت عنوان «القيصر الأخير: الدم والثورة». الصندوق الذي اختبأ في مخازن متحف العلوم في مدينة برادفورد لسنين طويلة ضم ألبومات عديدة من الصور لأفراد عائلة القيصر نيكولاس الثاني التُقطت بعدسة المدرس الإنجليزي هربرت غالاوي ستيوارت الذي تولى التدريس لبنات شقيق القيصر في الفترة ما بين 1908 و1916.

لدهشتها وجدت سيدلينا الصندوق الخشبي الذي يحمل ماركة متاجر «هارودز» في أثناء بحثها في المخازن عن قطع من روسيا للعرض ضمن معرض المتحف «رواد الفضاء». وسط قطع متنوعة كلها تدور حول رواد الفضاء وصور لمركبات فضائية، وهي الأشياء المتوقع وجودها في مخازن متحف العلوم، وجدت سيدلينا الصندوق الذي ضم 22 ألبوماً من الصور التاريخية التي لم يَدُرْ بخلد أحد وجودها في هذا المكان. تقول سيدلينا لصحيفة «إيفننغ ستاندرد» حول الاكتشاف: «كانت كلها ألبومات جمعها معلم إنجليزي تولى تدريس اللغة لبنات أخت وأخ القيصر». وتروي الصور التي عرضها المتحف تحت طبقة زجاجية عازلة ووضع بجانبها نسخة إلكترونية لتيسير رؤيتها للزوار، الحياة اليومية والرحلات العائلية والنزهات التي شارك فيها القيصر نيكولاس الثاني وزوجته الإمبراطورة مع أطفالهما وتوقفا لالتقاط الصور أمام كاميرا المدرس الإنجليزي الذي يبدو أنه نجح في كسب ثقة العائلة بشكل كبير.

تغطي الصور فترة زمنية تمتد ما بين 1908 و1916 وتعطي للجمهور سرداً لتفاصيل الحياة اليومية للعائلة قبل أن تلاقي مصيرها القاتم في عام 1918. وتُعرض الصور إلى جانب متعلقات أخرى لأفراد العائلة من المجوهرات والملابس وغيرها.

ولكن بما أننا في متحف العلوم فمن الطبيعي أن يجد الجانب العلمي طريقه للمعروضات التاريخية، فنجد في العرض صندوق العقارات الطبية التي كان القيصر يحملها معه في أسفاره. ويضم المعرض أيضاً تفاصيل للعقارات التي كان يتناولها ولي العهد أليكس الذي كان يعاني من مرض «هيموفيليا» (نزف الدم الوراثي)، وأيضاً تناول الحالة العقلية للإمبراطورة، وتم الكشف عن ذلك بإجراء تحليل للحمض النووي الذي أُجري على رفات أفراد الأسرة.

تعلق سيدلينا بأن العثور على الصور جعل مسؤولي المتحف يخططون للاستفادة منها وربطها مع قطع أخرى في المستودعات، خصوصاً أن هذا العام يصادف الذكرى المئوية لنهاية حكم القياصرة. ولكنها لا تغفل الجانب العلمي للمعرض وهو التاريخ الطبي للعائلة، وتضيف في حديثها للصحيفة: «بدأنا النظر في دور الطب في حياة العائلة، فنحن نعرف الآن كل المعلومات الأخرى مثل الحروب والمصاهرة بين الأسر وأيضاً الصراع على السلطة وهو أمر يهدده مرض كالذي أصاب ولي العهد الصغير».

العرض لا يخلو من القطع الأخرى التي تعكس ثراء وجاه العائلة، فهناك فستان للإمبراطورة ألكسندرا، وبيضتان ذهبيتان من صنع الصائغ الشهير فابرجيه، كانت العائلة قد وجهت الصائغ لصنعهما. هناك أيضاً بيضة من الحديد تحمل الطابع العسكري أرسلها القيصر نيكولا إلى زوجته الإمبراطورة ألكسندرا في عام 1916 بينما كان على الجبهة الروسية في أثناء الحرب العالمية الأولى. كما ضم العرض بعض المتعلقات من المنزل الذي شهد آخر لحظات أفراد الأسرة مثل الثريّا المصنوعة من الكريستال من غرفة نوم الدوقة. هناك أيضاً نتائج التحقيقات وتقارير الطب الشرعي التي أعدها فريق من الأطباء والعلماء الروس وبقيادة الخبير البريطاني بيتر غيل على بعض العظام التي تم استخراجها من القبر الذي دفنت فيه العائلة. كما تضم التقارير نتيجة تحليل الحمض النووي التي استعان الفريق في تحديدها والتأكد منها بعيّنة من دم الأمير فيليب زوج الملكة إليزابيث، وهو من أقارب الإمبراطورة ألكسندرا.