2018.. عام بزوغ نجم المرأة الإثيوبية

وصلت فيه المرأة في إثيوبيا إلى رئاسة البلاد والبرلمان وحظيت بنصف الحقائب الوزراية ومن بينها الدفاع

"مجلة جنى" لم يعد دور المرأة الإثيوبية، مقصورا على الأعمال الهامشية والوظائف الإدارية التي سجلت فيها حضورا طاغيا بعد اقتحامها مهنا ووظائف كانت مقصورة على الرجال، وإنما تعدته إلى تقلدها أرفع المناصب التنفيذية والتشريعية في بلادها.

وفي إثيوبيا اليوم، يلحظ الزائر بوضوح الحضور الذي تشكله المرأة في كل المهن والوظائف، على عكس قريناتها في العديد من الدول الإفريقية اللاتي لم تتجاوز طموحاتهن أعتاب منازلهن، ولم يولين للتعليم أهمية تذكر.

ورغم أن بزوغ نجم المرأة الإثيوبية، واحتلالها موقعا مميزا في المجتمع، لم يكن وليد اللحظة، بل نتاج جهد وكفاح امتدا لسنوات، إلا أن وصول رئيس الوزراء الحالي "آبي أحمد"، إلى السلطة، في أبريل/نيسان الجاري، منح المرأة قفزة هامة.

فمنذ تسلمه مهام منصبه درج "آبي أحمد"، على إعطاء المرأة الفرص الأكبر في الحكم، لتصبح رئيسة للبلاد، وتشغل نصف الحقائب الوزراية في حكومته الحالية، بما فيها حقيبة الدفاع، فضلا عن توليها رئاسة البرلمان.

ويجمع مراقبون على أن آبي أحمد، قام منذ وصوله للسلطة بسلسلة من الإصلاحات غيرت الوضع السياسي في دولة متنوعة الأعراق واللغات والثقافات، إذ تحتضن إثيوبيا أكثر من 84 قومية، موزعة على 9 أقاليم سياسية، فضلا عن مدينتين تتمتعان بحكم ذاتي هما: العاصمة أديس أبابا، ودريدوا (شرق) .

بل يذهب المراقبون إلى أن آبي أحمد، نجح في الاستفادة من هذا التنوع، وتوظيفه ليكون مصدرا للثراء وليس للصراع، ما جعل بلاده تتقدم تحت قيادته بثقة وقوة لبناء دولة المؤسسات والقانون .

عام المرأة الإثيوبية

وينظر الكثيرون إلى العام 2018، على أنه عام المرأة الإثيوبية بلا منازع، وصلت خلاله الأخيرة إلى مناصب تنفيذية وتشريعية رفيعة، بدأت في فبراير/ شباط الماضي، عندما تولت السفيرة ساميا زكريا، رئاسة المجلس الوطني للانتخابات (الجهة المشرفة على إجراء الانتخابات في إثيوبيا)، لأول مرة في تاريخ البلاد.

ويؤرخ لأبريل، على أنه الشهر الذي شهد التحول الأكبر في تقلد المرأة الإثيوبية أرفع المناصب التشريعية، إثر انتخاب مجلس نواب الشعب (البرلمان)، السيدة "مفريات كامل"، رئيسة له، كأول امرأة تتولى المنصب في تاريخ البلاد، خلفا لرئيسه السابق "أبا دولا جمدا".

ولم يأت هذا الصعود النسوي من فراغ، إذ أن نسبة المرأة ظلت ثابتة بنسبة 30 بالمائة في البرلمان بغرفتيه الأولى مجلس النواب (547 نائبا)، والثانية المجلس الفيدرالي (108 نواب).

إلا أن قرار انتخاب "كامل"، رئيسة لمجلس نواب الشعب، لم يكن الوحيد في تلك الجلسة، الذي يشهد على ترسخ مكانة المرأة الإثيوبية، إذ تم إسناد رئاسة المجلس الفيدرالي (الغرفة الثانية) إلى "خيرية إبراهيم".

وتشكل المرأة عنصرا أساسيا في الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في البلاد، وهو ما يدفع إلى ضرورة تمثيلها في المناصب التنفيذية والتشريعية.

وبحسب آخر إحصاء أجرى في 2007، بلغت نسبة النساء 51 بالمائة من تعداد السكان، مقابل 49 بالمائة للذكور.

حكومة نصفها نساء

وزادت فرصة المرأة في المناصب التنفيذية، حتى ارتفعت إلى 19 بالمائة في أول حكومة لـ"آبي أحمد"، بعد أن كانت نسبتها تتراوح بين 10 إلى 15 بالمائة، مستحوذة على 5 وزارات من مجموع 29 حقيبة وزارية، في الحكومة السابقة.

إلا أن عملية الصعود الرأسي للمرأة، نحو قيادة البلاد تواصلت وبسرعة، لتحصل المرأة في الحكومة الجديدة على حصة غير مسبوقة، بشغلها نصف الحقائب الوزارية، بما في ذلك حقيبة الدفاع المهمة والحساسة.

ففي ثاني تشكيل وزاري لـ "آبي أحمد"، نالت المرأة نصف التشكيلة الحكومية، في منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعدد 10 حقائب من بين 20 حقيبة وزارية، بينها وزارة الدفاع التي تولتها عائشة محمد موسى.

كما تقلدت رئيسة البرلمان، بعد استقالتها من منصبها، وزارة السلام التي تم استحداثها، وستتولى أيضا الإشراف على الاستخبارات وجهاز الأمن، بما في ذلك لجنة الشرطة الاتحادية في البلاد.

وقال "آبي أحمد"، في خطاب إعلان الحكومة أمام البرلمان إن المرأة ستساعد في محاربة الفساد لأنها أكثر كفاءة، و"أقل فسادا من الرجل"، مضيفا أن "وزيراتنا سيحطمن المقولة القديمة بأن النساء لا يصلحن للقيادة".

وتعد الحكومة التي تضم 20 عضوا الثانية التي يشكلها "آبي أحمد"، منذ توليه منصبه في أبريل الماضي.

ولاقت الخطوة ترحيبا محليا ودوليا، ووُصِفت بـ"الأمر المهم"، في تعزيز ثقة المرأة، وتحقيق عملية المساواة بين الجنسين .

وبعد أقل من أسبوعين على إعلان التشكيل الوزاري، حصلت المرأة بموجبه على نصف عدد حقائب الحكومة، انتخب البرلمان في 25 أكتوبر المنصرم، السفيرة "سهلى زرق زودي"، رئيسة للبلاد.

ويعد انتخاب "سهلي"، رئيسة لإثيوبيا خلفا لـ "مولاتو تشومي"، الذي قدم استقالته طوعا قبل انتهاء ولايته المقررة في 2019، الأول في تاريخ البلاد، ويأتي تتويجا لسلسلة إصلاحات جذرية بدأها "آبي أحمد".

وتوالت الإشادات والتهاني سواء الإقليمية أو الدولية، بالخطوات التي اتخذتها إثيوبيا في إعطاء المرأة مزيدا من الفرص في الحكم، حتى وصلت رئاسة الدولة، وهو ما يكشفه تسابق الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية للتنمية (إيغاد)، والاتحاد الأوروبي، وعدد من رؤساء الدول الصديقة، لتهنئة "سهلي زودى"، على انتخابها رئيسا جديدا للبلاد.

أسماء رياضية بارزة

وبعيدا عن السياسة خطت المرأة الإثيوبية اسمها بحروف من ذهب في عالم الرياضة، وتميزت في العديد من الألعاب الرياضية وألعاب القوى وخاصة الركض.

ومن بين الأسماء التي لمعت في هذا المجال خلال السنوات الماضية، "ماري ديبابا"، عداءة المسافات الطويلة، والتي توجت بالميدالية البرونزية في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، وحصلت على المركز الثاني في ماراثون شيكاغو إلى جانب فوزها بالمركزين الثاني والثالث في ماراثون بوسطن بالولايات المتحدة عامي 2014 و2015، وسباق المرأة في العاصمة الصينية بكين 2015.

ولا يمكن الحديث عن مسابقات العدو، دون الإشارة لـ "ليزا دييزا"، وهي عداءة للمسافات الطويلة، وحصلت على أول ميدالية دولية في بطولة ألعاب القوى الإفريقية للناشئين عام 2009 في جزر موريس، كما حصلت على الميدالية الذهبية لمسافة 10 آلاف متر، فضلا عن فوزها في ماراثون بوسطن عامي 2013 و2015، وماراثون دبي 2011.