هل التعليم المنزلي أنسب لطفلك؟.. تعرفي على سلبياته وإيجابياته

"مجلة جنى" مع ازدياد عدد الآباء الذين يرغبون في أن يتلقى أطفالهم تعليمًا مختلفًا عن التعليم النظامي المقدم في المدارس، يصبح التعليم المنزلي أكثر شعبية كل يوم، وحاليا هناك ملايين الأطفال يدرسون منزلياً، وهذا العدد ينمو بحوالي 10% سنويا.

وكان التعليم المنزلي يُعد في الماضي بمثابة وسيلة لتعريف الأبناء مفاهيم دينهم، لكن أسلوب هذا التعليم اختلف كثيرا بما يتناسب مع القرن الـ21، لكن الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة أصبغت عليه سمات جديدة جعلته السبيل الأفضل لتعليم الأطفال في هذا القرن وفق عدد لا بأس به من الآباء.

وفي حين يعارض البعض التعليم المنزلي بشدة، تشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يدرسون في منازلهم يؤدون أداء جيدا في الاختبارات المعيارية، ويتفوقون في الكلية، ويصبحون متعلمين ذاتيين، وينجحون كموظفين بالغين.

وعلى الرغم من ذلك، عند التفكير في خيار التعليم المنزلي للأطفال، فهناك العديد من العوامل التي يجب وضعها في الاعتبار للتأكد من أنها مفيدة لهم.

وقبل الاختيار، يجب الإحاطة بمختلف الإيجابيات والسلبيات الواردة لهذا النمط من التعليم وفقا لتجارب العائلات التي اختبرت هذه الطرق.

اختيار الوقت والمحتوى المناسب

من المحتمل أن أكبر ميزة في التعليم المنزلي هي القدرة على اختيار المنهج الدراسي للطفل.

الأهل يختارون ما يدرسه الطفل، ومتى يدرسه، وإلى كم من الوقت.

ووفقا لأهالي قرروا خيار التعليم المنزلي مع أولادهم، فإنه لا أحد يعرف طفلك أفضل منك، ولا أحد يهتم بتقدم طفلك أكثر منك.

لذلك إذا كنت ترغب في قضاء المزيد من الوقت في دراسة الرياضيات، يمكنك القيام بذلك، وإذا كان التاريخ ذا أهمية خاصة، يمكنك إدراجه في المناهج الدراسية له.

كما يتيح نظام التعليم المنزلي لأطفالك أن يقضوا المزيد من الوقت في دراسة مجالات اهتمامهم، مثل الفن أو العلوم؛ حيث يتمتع الأطفال الذين يدرسون في منازلهم بالاستقلالية التامة لاستكمال مناهجهم التعليمية بالسرعة التي تناسبهم.

وعلى الرغم من أن البيئة الأكثر استرخاء هي المدارس، لكن الأطفال الذين يدرسون في منازلهم يميلون إلى التعلم بالسرعة نفسها التي يتعلم بها الأطفال في المدارس النظامية، وأحيانا أسرع بكثير.

حرية الاختيار

بينما يمكن أن تكون مهام التعليم المنزلي ضاغطة على الأسرة، لكن العائلات التي تقوم بتدريس أطفالها في المنزل لم تعد مقيدة بالجدول اليومي والأسبوعي والشهري التي يفرضها نظام المدارس.

ويمكن للعائلة أن تختار الروتين الذي يناسبهم، حيث لم يعودوا مضطرين لجعل حياتهم تدور حول تقويم المدرسة وساعاتها المدرسية؛ ما يتيح للعائلات حرية أكبر في الذهاب لقضاء إجازة، والحياة وفقا لجداولها الخاصة.

السلامة النفسية والعاطفية والجسدية 

زادت حالات التنمر والتسلط بشكل كبير جدا في معظم المدارس، ويحدث هذا لعدد غير قليل، والنتيجة يمكن أن تكون مدمرة على مدار الحياة، فالأمر لا يعتبر مضرا عاطفيا فقط، ولكنه يجعل تلقي التعليم الجيد والتعلم قريبين من المستحيل بالنسبة لبعض الأطفال.

كما تظهر المخدرات والعصابات في داخل المدارس أحيانا، والتعليم المنزلي يتجنب كل هذه التأثيرات الضارة المحتملة. 

كما تشمل التأثيرات السلبية الأخرى التي يتجنبها التعليم المنزلي ضغط الأقران والمنافسة وقضايا احترام الذات الضعيفة، وخلال سنوات الدراسة الثانوية، تكافح الفتيات للحفاظ على مستوى عال من احترام الذات.

وتُظهر الدراسات أن الفتيات اللواتي يدرسن في منازلهن يتمتعن بتقدير ذاتي عال يظل سليما طوال سنوات دراستهن الثانوية.

كما لا يضطر الأطفال الذين يدرسون في منازلهم إلى القلق بشأن مسألة "التلاؤم" برمتها التي تصيب كل طفل في النظام المدرسي.

زيادة الإنتاجية

في معظم الفصول الدراسية يوجد معلم واحد لكل 20 إلى 30 طفلا، ولا يحصل كل طفل على تعليم واحد فقط من معلمه، بل ينتهي به الأمر أيضا إلى القيام بالكثير من الأعمال غير الضرورية، أما في التعليم المنزلي فيمكن للأطفال إنجاز الكثير في وقت أقل من الوقت المستغرق في الفصول.

وغالباً ما يكون لدى الأطفال الملتحقين بالمدارس العامة الكثير من الواجبات المنزلية، لأن الفصل الدراسي بشكله الحالي لا يفضي إلى تحقيق الكثير من الإنجازات، وفي المقابل نادرا ما يكون عند الأطفال الذين يدرسون منزليا واجبات، حيث يتم الانتهاء من الواجبات المنزلية أثناء وقت الدراسة.

الالتزام والمرجعية الدينية

تعتبر المعتقدات والقيم الدينية مهمة للعديد من العائلات، ويسمح التعليم المنزلي للوالدين بدمج نظام معتقداتهم وقيمهم الدينية بالمناهج التعليمية لأطفالهم بما يتوافق مع رؤيتهم الشخصية الأنسب.

علاقات اجتماعية أفضل

يتصور بعض معارضي التعليم المنزلي أن الأطفال المنتمين إلى منازلهم هم أقل اجتماعية وأكثر انطوائية من الأطفال المتعلمين، وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة، فالأطفال الذين يدرسون في منازلهم ليسوا أذكياء فحسب مثل طلاب المدارس، بل هم أكثر استقرارا عاطفيا، ويظهرون سلوكيات أقل تدميرا، وهم مهتمون اجتماعيا تماما، والبالغون منهم ناجحون في علاقاتهم الشخصية والمهنية.

المزيد من الاستقرار

تشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يدرسون في منازلهم هم أفضل استعدادا للتعامل مع التحديات التي قد يواجهونها، مثل وفاة أحد الأحباء أو المرض أو الانتقال.

وعندما يتم تعليم الأطفال في منازلهم، يكون الانتقال إلى مدينة أو بلد جديدة أقل صدمة بكثير من الأطفال في النظام المدرسي لأسباب عديدة، أبرزها كون الأسرة ذاتها هي الفئة الأقرب للطفل والتي يستهلك معها جل وقته، وبالتالي لن يشعر بأنه يتخلى عن مجتمعه ومحيطه عند الانتقال.

مزيد من الراحة

تشير الدراسات الحديثة وفقا لمجلة "صحتك" الأسرية، إلى أن الحصول على القدر المناسب من النوم هو أكثر أهمية للصحة العاطفية والجسدية للأطفال مما كنا نتخيله - خاصة بالنسبة للشباب في سن المراهقة.

ويمكن أن يكون النوم في الصباح الباكر مفيدا بشكل خاص، وهي ميزة لا يمكن تحقيقها لأطفال المدراس الذين يذهبون إلى المدرسة مرهقين، ويعودون إلى المنزل مرهقين، يبذلون طاقة جسدية قد تكون أكثر مما يحتمله بعض الأطفال.

أما عن سلبيات التعليم المنزلي فهي تشمل التالي:

على الرغم من وجود العديد من الإيجابيات للتعليم المنزلي، لكن هناك العديد من السلبيات؛ منها على سبيل المثال قلة عدد الأصدقاء، وعدم وجود أنشطة خارج المنهج الدراسي، وفرص محدودة للتفاعل مع الأطفال الآخرين، وغيرها.

زيادة التوتر لدى الأهل

الحياة بها ما يكفي من الإجهاد بالنسبة لمعظمنا، ومع التعليم المنزلي للأطفال يمكن أن يصبح الموضوع أكثر توترا؛ حيث يستغرق التعليم المنزلي الكثير من الوقت والجهد اليومي لإعداد الدروس وتعليم الأطفال.

التعليم المنزلي يستهلك وقتك ويمكن أن يستنزف طاقتك؛ وهو ليس بهذه البساطة التي يتخيلها معظم الناس، حيث يتخيلون أن الأمر لا يزيد على التعامل مع عدد محدود من الأطفال المطيعين المهتمين الذين يتبعون التعليمات.

ولكن الحقيقة أن الآباء الذين يعلمون منزليا عليهم أن يتعاملوا مع العديد من المشكلات التي يواجهها المعلمون، ويجب عليهم تزويد أطفالهم بخبرات وأنشطة تعلم عملية.. فالتعليم المنزلي يمكن أن يستنزف الوالدين جسديا وعاطفيا.

التعليم المنزلي قد يكون مكلفا

التعليم المنزلي ليس رخيصا، خاصة إذا كنت معتادا على أن تكون أسرة ذات دخلين، حيث يضطر أحد الوالدين للتفرغ للتعليم، ويصعب على الوالدين الموظفين أن يلتزما بمهام ومسؤوليات التعليم المنزلي، والعيش على دخل واحد يمكن أن يسبب ضغطا شديدا للأسرة.

ولكن غالبية العائلات المنزلية تعتبر هذه التضحية أمرا مرضيا في مقابل أن يحصد أطفالها فوائد التعليم في المنزل.

كما أن هناك أيضا تكلفة الكتب واللوازم، حيث إن التعليم المنزلي غير مدعوم من قبل دافعي الضرائب؛ لذا يجب على الوالدين تغطية جميع التكاليف المرتبطة بالتعليم المنزلي.

كل الوقت مع الأطفال

جميعنا يحب الأطفال، ونفكر في التعليم المنزلي لتحقيق الأفضل لهم، ولكن قضاء الوقت كله مع الطفل على مدار 24 ساعة طوال أيام الأسبوع يمكن أن يكون مسببا للتوتر والتعب.

وعند قرار تدريس أطفالك في المنزل، فاستعد لتكون معهم طوال الوقت، وإذا كنت لا تستطيع أن تتعامل معهم كثيرا، فعليك أن تعيد النظر في قرار التعليم المنزلي.

وبالنسبة إلى معظم الآباء الذين يقررون الدراسة في المنزل، فإن الوقت الذي يقضونه مع أطفالهم هو فرصة أخرى للتقرب من بعضهم البعض.

كما ينبغي خلق فرص ومناسبات اجتماعية عديدة ومناسبة لتعويض احتكاك الطفل بمن هم في سنه.

محدودية الأنشطة اللاصفية (أحيانا)

التعليم المنزلي لا يعني البقاء في المنزل طول الوقت مع الكتاب، ولكن مطلوب ممارسة الكثير من الأنشطة اللاصفية، وعلى الوالدين أن يصحبوا أولادهم لهذه الأنشطة، وهذا يمكن أن يكون عملية مستهلكة للوقت والجهد.

ويصبح الأمر أكثر صعوبة عندما ينتقل الأطفال إلى سن المراهقة ويصبحون مهتمين بالرياضة، حيث يعاني المراهقون من محدودية الأماكن التي تسمح لهم بالمشاركة في الرياضات الجماعية.

زيادة التدقيق

على الرغم من انتشار التعليم المنزلي اليوم أكثر من أي وقت مضى، لكنه يواجه المزيد من التدقيق والنقد والضغط السلبي من الحكومات والمنظمات التعليمية الرئيسية؛ حيث ينظر إليه الكثيرون على أنه خارج عن التفكير السائد وما هو مقبول، فيما يراه البعض تهديدا للأنظمة التعليمية السائدة، ويشعرون بأنه يجب تعليم جميع الطلاب من خلال التعليم النظامي.

ويعتقد المنتقدون أن تعليم الآباء العاديين لن يصل إلى مستوى تعليم المهنيين المدربين "ذوي الكفاءة العالية".

وينظر العديد من الطلاب إلى التعليم المنزلي على أنه مؤسسة هامشية موجودة خارج القواعد الاجتماعية ما يجعلها غير مقبولة.

وفي النهاية، يختلف كل طفل عن الآخر، كما تختلف كل أسرة عن الأخرى سواء من الناحية التربوية أو الثقافية، أو حتى بالنسبة للقدرة على التخطيط والتنفيذ والاحتمال؛ وبالتالي عند العمل على اتخاذ قرار محوري في حياة الطفل كاختيار التعليم المنزلي من عدمه، يبنغي البحث بشكل كاف والإلمام بكل جوانبه

ويُنصح باستشارة ذوي الخبرة، والتجربة مع الطفل بأكثر من وسيلة لتحديد استعداده وإمكانياته، وفهمه بما يتناسب مع اتخاذ قرار تعليمه ما هو أفضل له.