سيدة المثلث مي يونس : فلسطينية تحمل ثلاثة قناديل، الفكر والمعرفة والجمال

"مجلة جنى" كتب نضال العضايلة - من قرية عارة في المثلث خرجت تحمل معها ثلاثة قناديل، الأول قنديل الفكر، والثاني قنديل المعرفة، والثالث قنديل الجمال، ولكل قنديل حكايته، والأهم من ذلك كله، حكاية مي التي كتبها الزمن ومضات خالدة في تاريخ فلسطين المحتلة عام 48، وسطر لها الكثيرون أن مثلها يخلقون للتألق والإبداع، والريادة في عالم مليء بمختلف أنواع الأمل.

مي يونس من اللواتي والذين بادروا إلى بعث حركة حقوق المواطن في المجتمع العربي في فلسطين المحتلة عام 48، وهي ممن يدركن ضرورة وجود دور للمرأة العربية في رسم ملامح الدولة الديمقراطية ، وتحقيق النهوض في مختلف المجالات حيث استطاعت بفضل اصرارها، وحنكتها أن تقود العديد من الأنشطة والفعاليات الفكرية والاجتماعية والثقافية والسياسية في مجتمع مدني متقلب.

لقد عمدت سيدة المثلث مي يونس الى تجاوز شروط مجتمع عربي يجنح الى ‘الذكورية’ حدّ تهميشها وصولا الى الدور النضالي الذي ما فتئت المرأة الفلسطينية تقوم به على مدى عقود، خصوصاً مع تآكل الحيّز الديمقراطي في إسرائيل، والذي تجلّى في إسكات الآراء والنقد العموميّ، المسّ بالتعدّدية وبشرعيّة وجود تشكيلة من المواقف والأفكار والآراء المختلفة، ونزع الشرعية عن الخصوم السياسيّين، الصحفيّين، الأقلّيات ومنظمات حقوق الإنسان، ووصمهم كـخونة والمس بحرية التنظيم والتضييق على أصحاب المواقف والنشاطات غير المقبولة على الأغلبية السياسية.

لم تختلف مي يونس عن غيرها من نساء عرب 48 في سعيها إلى تطوير مجتمعها، فهي ممن اغتنمن الفرص ليتركن بصماتهن في التّاريخ، وهي ممن يدركن إن الصورة بألف كلمة، لكن ليس دائما، لأن الكلمة أيضا تختزل أحيانا عالما كاملا وهي لا تقل قوة بالتعبير، كيف لا وهي ذاتها وعاء الحضارة وأداة للتأثير على الوعي، لا وسيلة اتصال فحسب.

وتدلل التجارب أن مي يونس بنيت أولا من مارج من نور، ويكفيها انها تحارب على سبيل المثال لئلا تشطب تاء التأنيث لتغييب المرأة من النص ومن الحيز العام وتكريس المجتمع الذكوري.

تنتفض  مي يونس بحق ضد اعتماد اللوثة الفكرية، التي نحتها مهندسو الأسرلة لهم فيرددونها غافلين عن كونها سما بالدسم.

وكما حمل التاريخ العربي أسماء سجلت بحروف من نور، لمناضلات عربيات، واجهن الموت دفاعًا عن القضايا التي آمن بها، دون التفكير في العواقب، فالأهداف بالنسبة لهن، كانت أكثر قيمة من الحياة، ومن بينهن حمامة المثلث مي يونس، التي اثبتت أن اسم المرأة الفلسطينية التصق بالشجاعة والمقاومة بمختلف أشكالها، فعند النظر إلى أحداث حياتها  بشكل تسلسلي منذ بزوغ نجمها   حتى اليوم فإنه من الملاحظ أنها كانت شريكة للرجل في كل الميادين التي يمكن من خلالها الدفاع عن حق الفلسطينيين في الأرض وضمان حماية هويتهم وثقافتهم.

وتعد مي يونس، إحدى أكثر النساء تأثيرا في إسرائيل، التي تعنى بحماية حقوق المرأة وهي ترى أن الديمقراطية التي تقصي النساء ليست سوى ضربا من النفاق.

لقد خلقت مي فضاءاً يكون بمثابة منبر لمناقشة أفكار تعزز حضور المرأة في الميادين السياسية والاجتماعية، فضلا عن ذلك، فهي ترى مشاركة المرأة في عملية صنع القرار وسن قوانين جديدة، بدلا من انتظار الحصول على هذه الحقوق المكتسبة من أطراف أخرى، وعموما، مؤمنة بأنه عندما تصبح المرأة في السلطة، سوف يتغير كل شيء.

ومي يونس امرأة واعية وقادرة على الكفاح في سبيل نيل حقوق المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين.

وتبقى يونس إمرأة فلسطينية  قوية بتركيبتها الشاملة لكل ما ينبغى أن تحتوية المرأة فى داخلها من قوة ونضال ورحابة فكر وأنوثة حاضرة.

واما القنديل الثالث، فهي أنثى تتمتع بحضور براق، وجمال فتان، إمرأة من طراز النساء اللواتي يتمتعن بجمال بنت البلد، وانوثة طاغية في كل مكان وزمان.