أينما زرعك الله ... أزهر !!!

"مجلة جنى" الوجوه ستائر تخفي خلفها الكثير من الأسرار والخبايا والقصص ؛ فمنهم ما يخبئ الجمال والصدق والشفافية والنقاء فتبقي روحه مشرقة عذبه بعيدة عن أي تشوهات وأمراض نفسية ؛ ومنهم من يخبئ الشر والكذب والخبث والحقد والغل فتبقي روحه شريرة مهما فعل ؛ والبعض له أكثر من شخصية هؤلاء أشخاص يستحقون الشفقة لأنهم في الأساس مشوّهون من الداخل ونفوسهم صغيرة، يظهرون أمام الناس على غير حقيقتهم ويلجؤون إلى ارتداء أقنعة لتحقيق غاياتهم ومصالحهم متجاهلين كل المشاكل التي قد تسببها أقنعتهم الكاذبة؛ وتبقي النوايا هي الفاصل بينهم ؛ فقد نجد الكثير من الناس على قيد الحياة ولكن قليلون جدا على قيد الإنسانية ؛ فمن الجميل معاشرة الناس البسيطة الذين لا يملكون شيئا في الحياة يفخرون به سوى أخلاقهم ؛ فنجدهم دوما يرددون دائما طيب الله البقاء... وعمر الله الأثر.

أينما زرعك الله أزهر وأبتعد عن الذين يقولون لك بأنك لا تستطيع ولن تستطيع فهم على الأرجح المذعورين من كونك ستستطيع ؛ فأنت لست مضطرا للاحتفاظ بأناس يغيرون وجوههم كما يغيرون ملابسهم ؛ وحسب مصالحهم تكون مواقفهم , فتحية لمن لم يتأثر بموجه السخف التي اجتاحت العالم وحولت الكثير الى كائنات غريبة تهوي المظاهر والنفاق والتقمص والطبطبة وتحية لمن اختار أن يكون حقيقا ؛ فمن الخطأ أن تغمض عيونك عن عيوبهم وتتجاهلها بحجة أنك تحبهم ولأنك لا تريد أن تشوه صورتهم التي رسمتها في مخيلتك ؛ ومن الخطأ أن تسد أذنيك لكي لا تسمع حقيقتهم كوضوح الشمس؛ ومن الخطأ أن تمنح شخص محبتك وثقتك وعطاؤك وهو غير أهل لذلك ؛ ومن الخطأ الكبير أن تكون كالكتاب الأبيض الشفاف المفتوح يقرأه الناس فقط حين يحتاجون لقراءته حسب مصالحهم وأوقات فراغهم ؛ ومن الغباء أن تنخدع من الشخص مرتين وأكثر وتوجد له شماعه وتبرير لتصرفاته بأنه لا ينوي خداعي وجرحي ؛ ومن الخطأ أن تقنع نفسك أنك انسان صبور يتحمل المشاق والتجريح لتحتفظ بأشخاص لا يمتوا للإنسانية بأي صفه ؛ ومن الخطأ أن تكون إمعة في مجتمع منافق ساد فيه المحسوبية والواسطة والغش والفساد  لكي ترضي نفوس الناس لتجلس على كرسي زائل ؛ ومن المصيبة أن تكون أنت الخطأ بعينه ولكنك لا تدري.

يعجبني الأناس الذين يتعالون كل صباح على صغائر الأمور ويترفعون عنها ؛ الذين قرروا أن يعيشوا الحياة كامله فهم ليسوا أنصاف لأحد ؛ فتجدهم حينما لا يعجبهم المكان يستبدلونه وحينما يملون يبتكرون أفكارا جديدة وحينما تسد في وجوههم الدنيا يفتحون نوافذ أمل جديدة مشرقه كلها تحدي وقوة وصبر وعزيمة وتفاؤل  ؛ في بعض الأحيان يجب أن نبني حولنا جدار ليس لنبتعد عن الناس بل لنري من سيهدم ذاك الجدار ليكون بجوارنا ؛ وقد نبكي وهذا أمر طبيعي ومن حقنا وقد نحزن لكن لا ننكسر أبدا ؛  لا تكره أحد حتى ولو أخطا في حقك لأن كل من يسيء لك تسئ له الدنيا أضعاف مضاعفة وأشفق على من ظلمك لأنه سيقف عاجز أمام تسويات الحياة ؛ فلا تعش نصف حياة ولا تمت نصف موت ؛ ولا تختر أبدا نصف حلم ولا تتعلق بنصف أمل ولا تصادف أنصاف الأصدقاء فاذا قررت أن تصمت فأصمت حتى النهاية ؛ وإذا قررت أن تتكلم فتكلم للنهاية لان النصف هو لحظة عجز الانسان عن الاكتمال ؛ وأنت لست بعاجز لأنك ببساطة لست نصف انسان ؛ أنت انسان وجدت في هذه الدنيا لتعيش حياة كريمة وليس لتعيش نصف حياة فلا تعيشوا أنصاف الحياة؛ فمن أعتاد على توزيع الورد والطيب فسيبقي شيء من عطره في يده مهما مر عليه الزمن ؛ فما دمت تفعل الخير سيصلك أثره وإن لم يكن في الدنيا فسيكون في الاخرة ؛ فعندما تكون نقيا من الداخل يمنحك الله نورا وبريقا من حيث لا تدري وتحبك الناس ؛ فمتي ما أصبح باطن الانسان جميلا أصبح ظاهرة أجمل وأبهي ؛ فعودوا أنفسكم أن تكون أيامكم احترام إنسانية احسان حياة عطاء ؛ فالبصمة الجميلة تبقي حتى وإن غاب صاحبها ؛ فالأوفياء والمخلصين حتى الأعمى يري جمالهم ؛ فاكتب لتعيش واحلم لتتنفس واحزن لتسعد وأبكي لتضحك هكذا تدور الحياة لتولد مشاعر أو تدفن أخرى وكل شخص فينا قادر على بناء حلمه أو هدمه بنفسه ؛ فكن مشرقا مهما استبد بك الضجر وكن بلسماً يهدي السرور لمن عبر؛  وتفاءل بما تهوي يكن فالصبح يأتي مشرقاً من بعد ليل مظلم وكن واثقاً مؤمناً وكن صبوراً ؛ وكن جميلاً تري الوجود جميل ؛  وعد الى نفسك وذاتك التي فطرك الله بها وعد الى انسانيتك وانشر المحبة والخير من حولك ؛ فكن أنت وأسمع نفسك وأرم قناعك وأعلم أنك تستحق الأفضل دائما؛ وثق بالله وبذاتك وتأكد أنك لو كنت مصباحاً لأضاءت العالم كله بنورك.

بقلم: د .نيرمين ماجد البورنو