مجلة جنى - "لقد كانت بطلة أميركا، شخصية رائدة لن ينسى إرثها أبدا". بهذه الكلمات نعى مدير وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) عالمة الرياضيات كاثرين جونسون، التي توفيت الاثنين 24 فبراير/شباط الجاري.
وقالت صحيفة لوموند الفرنسية في تقرير لها إن حسابات كاثرين جونسون أسهمت بدور كبير في مساعدة الولايات المتحدة على غزو القمر.
شخصيات مخفية
توفيت عالمة الرياضيات الأميركية -من أصل أفريقي- كاثرين جونسون عن عمر ناهز 101 عام، وألهمت مسيرة هذه الشخصية العظيمة بالنسبة للأميركيين السود فيلم "شخصيات مخفية" الصادر عام 2016، والمقتبس من كتاب مارجوت لي شيترلي، ويسرد مساهمة النساء السود، التي غالبا تم تجاهل ذكرها، في الغزو الأميركي للفضاء.
ولدت كاثرين في 26 أغسطس/آب 1918، لأم تعمل معلمة، وأب مزارع وحطاب. وكانت أصولها الأفريقية وبشرتها السمراء سببا في حرمانها من استكمال تعليمها بالمدارس العامة، إذ كان يحرم الطلاب الأميركيون الأفارقة من الدراسة بعد الصف الثامن.
عانت كاثرين من التمييز العنصري، رغم نبوغها وقدرتها على حل المسائل الرياضية المعقدة، ولكن عائلتها آمنت بقدراتها، فساعدتها على الالتحاق بمدرسة داخل الحرم الجامعي لولاية ويست فرجينيا، حتى تخرجت من المدرسة الثانوية، وكان عمرها 14 عاما، فالتحقت بجامعة ويست فرجينيا، التي كان يعرف عنها تاريخيا أنها جامعة السود.
التحقت كاثرين فور تخرجها بالعمل في مجال التدريس كمعلمة في مدرسة عامة للسود، لكن بعد زواجها انضمت لبرنامج رياضيات للخريجين، إلا أنها تركت عملها لرعاية أطفالها.
تغيرت حياة كاثري عام 1953 عندما سمعت من أحد أقاربها أن برنامج الفضاء الأميركي -الذي سيصبح ناسا لاحقا- في حاجة إلى تعيين مختصين في الرياضيات، تقدمت كاثرين للعمل في البرنامج، والتحقت بالوظيفة، لتصبح أول عالمة رياضيات أميركية أفريقية في البرنامج.
تدرجت كاثرين في الوظائف، حتى التحقت بفرع التحكم في سفن الفضاء، وكانت عالمة فريدة وامرأة خارقة في مجال الرياضيات، إذ حققت شهرة كبيرة في البرنامج، حتى أن جون غليت -أول رائد فضاء أميركي في المدار- طلب مراجعتها للعمليات الحسابية المعقدة الخاصة برحلته لثقته الشديدة في كفاءتها.
عزل السود
ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية أنه في ذلك الوقت كان التمييز العنصري قائما في الولايات المتحدة، وكانت العالمة تشغل وظيفة "بكمبيوتر ملون" مع العشرات من علماء الرياضيات السود الآخرين، المعزولين عن زملائهم البيض، ولم يدمج فريقها في أقسام ناسا الأخرى حتى عام 1958، ليكون جزءا من أول برنامج لرحلات الفضاء البشرية في الولايات المتحدة.
ساعدت كاثرين جونسون بعد ذلك في حسابات رحلة آلان شيبارد، وهو أول أميركي يصعد إلى الفضاء. خلال مسيرتها التي استمرت ثلاثة عقود مع وكالة الفضاء، طورت كاثرين جونسون معادلات مهمة مكنت الولايات المتحدة من إرسال رواد فضاء إلى المدار والقمر، وهي صيغ ما زالت مستخدمة في علم الفضاء المعاصر.
قامت العالمة الشابة بحساب مسارات أبولو 11، وهي المهمة التاريخية التي جعلت من نيل آرمسترونغ أول رجل يمشي على سطح القمر عام 1969.
كانت كاثرين تصف نفسها قائلة "أي شيء يمكن أن يخضع للحساب، أنا أقوم به". ظلت هذه العالمة غير معروفة نسبيا إلى أن منحها الرئيس باراك أوباما عام 2015 وسام الحرية الرئاسي، وهو إحدى أعلى الجوائز المدنية في الولايات المتحدة.
