ماذا لو كنا في الحجر المنزلي من دون وسائل التواصل الاجتماعي؟

مجلة جنى - من فايسبوك الى انستغرام فواتساب وسنابشات إلى تويتر وتيك توك، يا لنا من محظوظين! اننا نتشارك حجرنا الصحي معهم، بالطبع لا يمكن نسيان يوتيوب ونتفليكس امازون وApple Tv ايضاً، ولكن ماذا لو كنا اليوم في زمن كورونا بلا سوشيل ميديا وخدمات بث الفيديو هذه!

"الحجر الصحي من دون تطبيقات التواصل الإجتماعي هذه بمثابة سجن" يقول عبد الذي يقضي نهاره كاملاً من تطبيق الى آخر، أثناء وجوده في المنزل، مضيفاً :" أظهرت وسائل التواصل الإجتماعي بالفعل إيجابية في هذه المحنة التي نمر بها، لكونها ساهمت في التخفيف من الضغط على الناس في بيوتهم وتسليتهم مع بعضهم البعض من خلال مشاركة يومياتهم على إنستغرام وسنابشات او الفيديوات ومكالمات الفيديو مع الأهل والأصدقاء من بُعد عبر واتساب وفايسبوك".

بسبب فرض الحجر المنزلي على المواطنين، لجأ الكثير من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي لتخفيف بعض الضغط النفسي الذي يمرون به، والحصول على المشورة بشأن تجنب الملل والوحدة والحصول على بعض المرح فقط. بعض الناس باتوا يوثقون كل يوم من حياة حجرهم الصحي، سواء عبر تصوير قصص طهيهم لمأكولات معينة، او ممارسة الرياضة المنزلية او نصائح بأفضل الكتب او الأفلام وحتى في طريقة تمضية الوقت مع الأطفال.

#تيك_توك يلعب دوراً بارزاً في تمضية ايام الحصار، في جولة على التطبيق نلاحظ الكم الهائل من الفيديوات التي تُبرز يوميات الناس في الحجر الصحي. تقول جينيفير ان تيك توك يساعدها وزوجها في التسلية وتمضية الوقت على اختلاق افكار لفيديوات سوياً، بدلاً من الملل طوال الوقت او الشجار على تفاصيل صغيرة. وتتابع "المرح الذي يضيفه تيك توك، والتفاعل مع الآخرين وإبتكار افكار جديدة يمضي الوقت بسرعة ويبقينا على تواصل وإطلاع مع العالم الخارجي بطريقة ممتعة بعيداً من الضغط النفسي الذي نمر به والأجواء السلبية التي تحيط بحياتنا".

اما علي فلديه طريقة اخرى في تمضية وقته في المنزل. علي من عشاق الأفلام وبالتالي نتفليكس هو رفيق حصاره اليوم. يمضي علي طوال فترة بعد الظهر وحتى المساء في متابعة المسلسلات والأفلام وحتى الوثائقيات على خدمة البث هذه "هناك بعض المسلسلات التي كنت أنوي مشاهدتها في السابق ولم يتسنَّ لي الوقت بسبب وقت العمل، اليوم وبسبب الوباء والمكوث طوال النهار في المنزل، وضعت جدولاً لمشاهدتهم واحداً تلو الآخر." ويضيف علي: "للأسف البرامج والمسلسلات على التلفزيونات اللبنانية مملة وبعضها قديم، لذا نتفليكس هو متعتي الأولى الآن بعيداً من تطبيقات تواصل الإجتماعي التي لا أحبذها كثيراً".

ليس هذا وحسب، فقد فرض الحجر ايضاً على الموسيقيين والفنانين مشاركة مواهبهم على وسائل التواصل الاجتماعي بمبادرة منهم لرفع روح التفاؤل والتعاضد بين الناس ونشر بعض الإيجابية.

ماذا لو لم تكن وسائل التواصل موجودة؟

بحسب أمير بدّور، وهو متخصص في علم النفس، تأثيرات الحجر الصحي لا تتشابه مع جميع الناس، اذ علينا أولاً أن نفهم تأثير العزلة على كل شخصية. على سبيل المثال، الشخص الانطوائي قد يفضل الأنشطة الانفرادية بينما الشخص المنفتح يستمد طاقته من التفاعلات الاجتماعية، ولكن في نهاية المطاف، قد لا يتحمل كلاهما العزلة، لذا فهي المدة التي تحدد المعايير وكلما كانت العزلة أطول، كان الناس أكثر عرضة لمشاكل الصحة العقلية.

ويضيف بدّور أن منصات التواصل الاجتماعي تلعب دوراً أساسياً في إبقاء الأشخاص على اتصال، سواء بالتواصل مع العائلة والأصدقاء أو التحقق من التطورات على المستوى العالمي، هي تخلق إحساساً بالأمان، ووحدة مشتركة حيث يستكشف الناس كيف أن العزلة تؤثر على الجميع وكيف أن الجميع يقاتل ضدها.

في المقابل، اذ ما كنا نعيش في هذه المرحلة، في عالم خالٍ من منصات التواصل الاجتماعي، سيكون الناس أكثر عرضة لمواجهة مشاكل في صحتهم العقلية بسبب الحبس الانفرادي، وتحديداً الأفراد الذين لديهم تاريخ حافل من هذه المشاكل سيكونون أكثر عرضة للإصابة بالأعراض قبل الآخرين، بما في ذلك زيادة القلق والمخاوف، وأعراض اضطراب ما بعد الصدمة، والأعراض الاكتئابية، وتعاطي المخدرات أو إدمان الكحول .

وبحسب بدّور، فالتواصل الاجتماعي الافتراضي، والتواصل مع الآخرين، وإبقاء أنفسنا مشغولين على المنصات الاجتماعية قد يقلل من فرصنا في تطوير مشاكل صحية ونفسية وعقلية، ولكن المفتاح يكمن في استخدامها بشكل معتدل والحدّ من التعرض المفرط للأخبار التي قد تزيد من مستويات التوتر.

إذاً، سواء كنت من مستخدميها او لا ، لا يمكن إنكار إيجابية وسائل التواصل الاجتماعي في مساعدتنا اليوم على إبقاء مجتمعنا على اتصال في وقت يُطلب منا أن نكون منفصلين.