"تاريخ التمييز ضد النساء": كيف نبني مجتمعاً عادلاً

"مجلة جنى" كيف يمكن لأمر غير طبيعي أن يتحوّل إلى قاعدة؟ ذلك هو السؤال النظري العام الذي ينطلق منه كتاب "تاريخ التمييز ضد النساء" لكل من أدلين غرغام وبرتراند لانسون، الذي صدر مؤخراً عن منشورات "آركي" الفرنسية.

يعتمد الكتاب منهجية "أركيولوجيا المعرفة" التي أسّس لها المفكّر الفرنسي ميشيل فوكو حيث يعود إلى الأعمال الفنية والنصوص الأدبية باعتبارها التجلّي الأكثر تبلوراً لقناعات بيئة ثقافية ما. من هنا، فإن الباحثين الفرنسيين يقاربان تمظهرات التمييز ضد النساء في طيف واسع من الأعمال من منحوتات الحضارة الإغريقية القديمة إلى الأدب المعاصر، مروراً بالكتابات الفكرية وبالشعر ناهيك عن عدد من الأعمال الفنية.

يلاحظ المؤلّفان أن التمييز ضد النساء هو جزء من تكوين ثقافي سائد في الثقافة الغربية، حيث تنتقل قناعات الحطّ من المرأة بين المثقفين في ما يشبه العدوى العامة، ثم وباعتبار المركزية التي تمارسها الثقافة الغربية على بقية العالم فإن هذا التمييز يتحوّل إلى "ثقافة عالمية"، دون أن ننسى بأن الثقافات الأخرى قد تحمل هي الأخرى رؤى تمييزية ضد المرأة، حيث أن الأسباب التي جعلت الغرب ميزوجينياً قد تتوفّر في ثقافات أخرى باعتبار أن هذه الأسباب أنثروبوجولية بالأساس.

يدرس الكتاب هذه الأسباب في المجتمعات الأوروبية القديمة، حيث لا ينفصل هذ المبحث عن فهم تكوّن البطريركية تاريخياً، وتحوّل التمييز ضد النساء في العمل وتقسيم الثروة إلى جزء لا يتجزّأ ضمن منظومة القيم العامة.

يأتي هذا العمل ضمن موجة من الإصدارات تشهدها فرنسا في الأشهر الأخيرة، والتي تراجع الكثير من المفاهيم والنظريت مثل العنصرية والميزوجينية والتاريخ المشترك مع المستعمرات القديمة، ولا يمثّل ذلك حركة أكاديمية أو بحثية عفوية بل يأتي في سياق تحرّكات اجتماعية نشطت في العالم منذ سنوات.