ثنائية الجمال والقبح في البلاد الرمادية

"مجلة جنى" تساؤلات ودهشات متلاحقة تواجهنا، في محاولة استكشاف وفهم لما يدور حول تنقل «الطائر الأبيض» في المدينة التي دخلها دون تخطيط، حيث ضل الطائر طريقه، وهو يحاول اللحاق بسربه الذي تاه عنه. إنه «الطائر الأبيض في البلاد الرمادية» الذي استنطقته القاصة الكويتية إستبرق أحمد، ولا أدري هل أسميها «رواية»، حيث يحمل هذا المنتج الأدبي عناصر الرواية، ولكنه بلون جديد، بالرغم من أن هذا النوع من السرد ليس بجديد على عالم الأدب بشكل عام، ولكنه جديد بالنسبة للأدب العربي، حيث أننا تعرفنا على «أليس في بلاد العجائب» لمؤلفه تشارز لوديوج دودجستون، تحت اسم مستعار «لويس كارول».

الروايتان تتشابهان من حيث الخيال واستنطاق الجماد والحيوان، ولكن الزمان والمكان واللغة والتقنيات تختلف، ولا نريد أن ندخل في المقارنة. ما يهمنا هو سرد استبرق للطائر الأبيض ورحلته في البلاد الرمادية، حيث العنوان الذي جاء«بأل التعريف» للطائر وللبلاد، وهذا يعني التحديد للفرد، أو الطائر، وتحديدا أيضا للبلاد التي يعم بها الخراب، أيا كانت هذه البلاد.

إلى عالم ساحر خيالي اصطحبتنا الكاتبة أو طائرها الأبيض في رحلة لا يبذل فيها القارئ جهدا للبحث عن عمق الدلالة أو أبعادها، حيث سهولة النسج السردي، ما ساهم في استخدام لغة بسيطة ومفردات رشيقة ترشدك للقصد أو المعنى المباشر.

بينما عنصر المفاجأة أو الدهشة رافقنا منذ بداية النص، فجاءت النهاية المتوقعة، وهي هاجس الإصلاح الذي ينشده الجميع بعد خراب ودمار لمدينة من المفترض ألا تكون على هذا الحال من البؤس والغموض، ولكن بين لوثة الجمال ولوثة القبح ساد اللون الرمادي، ولم تكن لتتضح الرؤية إلا بعد أن زالت الدهشة والتساؤلات، فكانت الأسباب مقدمات للإصلاح.

الكاتبة كانت متفائلة جدا، أو ربما أخذتها الأحلام بعيدا، حيث الإصلاح جاء سريعا، وهذا ما جعل الطائر يترك هذه البلاد مطمئنا ليلتحق بسرب الطيور الذي ضل عنه.

المصدر: القبس