سعاد العامري...المعمارية والكاتبة الفلسطينية... الابداع والثورة

"مجلة جنى" ولدت سعاد العامري في دمشق عام (1951) لأب فلسطيني وأم سورية ودرست الهندسة المعمارية في الجامعة الأمريكية في بيروت.

تابعت دراستها في جامعتي أدنبرا وميشغان حيث نالت شهادة الدكتوراه ثم عادت بعد ذلك إلى فلسطين لتتزوج من الدكتور سليم تماري، باحث في مؤسسة الدراسات الفلسطينية. وقد عملت كأستاذة جامعية في كلية العمارة في جامعة بيرزيت- رام الله.

ساهمت العامري بالحفاظ على الموروث المعماري الفلسطيني عبر المشاركة في تأسيس مؤسسة (رواق) الغير حكومية والمعنية بإعادة إحياء المراكز التاريخية في الريف الفلسطيني وقد حازت المؤسسة على عدة جوائز عالمية.

صدر لها عدد من الكتب المعمارية، ومؤلفات روائية منها (شارون وحماتي) 2004، (مراد مراد) 2009، (جولدا نامت هنا) 2014، وكتابها(دمشقي) 2019.

سعاد العامري تقول ان أسلوبها الروائي حكواتي، وتصر دائماً على القول "أنا حكواتيه أكثر من كوني كاتبة". حيث تعج كتبها بالتفاصيل الحية في المزج بين الأحداث الواقعية المعاش ومبالغاتها الأدبية التي تقع في المخيلة أو الانطباعات الشخصية للكاتبة.

في روايتها الأولى " شارون وحماتي "ا تتحدث عن الإحباطات وبؤس الحياة اليومية في مدينة رام الله بالضفة الغربية.

في روايتها التي تشبه المذكرات تنقل الكاتبة إلى قارئها العراقيل التي يفرضها الاحتلال على الفلسطينيين في التنقل، وعن عذاب الوقوع في حب شخص من بلدة أخرى؛ وعلى سبيل المفارقة والعبثية، حصول كلبها على بطاقة هوية في القدس، بينما يعجز آلاف الفلسطينيين عن ذلك.

إنها العبثية التراجيكوميدية التي تجعل نص العامري فلسطينياً بحتاً.

 في كتابها "مراد مراد" تعرض سعاد العامري التناقضات اللامنطقية في الأراضي المحتلة حيث تروي العامري قصة فلسطينية تدور في العوالم المرهِقة للعمال الفلسطينيين من المهاجرين غير الشرعيين إلى إسرائيل بأسلوب تهكمي غير مألوف في كتابتها وتعرض يومياتها برفقة مجموعة من العمال: مراد، سعيد، محمد بأسلوب بسيط، أقرب للشاعرية في بعض الأحيان، لرحلتها التي استمرت 18 ساعة عبر الحدود الفلسطينية الإسرائيلية وهي تتنكر في زي رجل. الرحلة التي قضت معظمها في الركض أو الاختباء، كانت محاولة للتسلل إلى إسرائيل للوصول إلى سوق العمال، حيث أرباب العمل الإسرائيليون يطلبون هؤلاء الشباب للقيام بمختلف الأعمال اليدوية.

تستعرض العامري تأملاتها، ذكرياتها، أحلام اليقظة، وكوابيسها في تلك الساعات العصيبة. مضفية العمق التحليلي الذاتي لأفكارها الشخصية، مبتعدة عن اللغة التقريرية ومقتربة من مساحة التعبير الشعبية فيما لو أتيحت لأي من هؤلاء العمال. وتنسج استنتاجات وجودية وكأنها واحدة منهم، لتصل إلى عمق المأساة، عندما لاحظت بأن نقاط التفتيش العسكرية، والاختباء، والمطاردة، والاعتقالات، والطلقات النارية كانت تحدث في الضفة الغربية، أي في الأراضي الفلسطينية، وليس في إسرائيل.

 العامري في كتابها "غولدا نامت هنا " تضفي   وجوه على أرقام ضحايا الاحتلال الإسرائيلي، وسرد للتاريخ الطويل القابع تحت ركام القرى الفلسطينية.

عن زوج لن يعود إلى المنزل بعد اليوم، عن زوجة لن ترحب به بابتسامة على الباب، عن طفل لن يلطخ بأقدامه بلاط الدار، ولن يكبر أبدًا، عن "ركوة قهوة لا تزال دافئة في غرفة المعيشة المهجورة"، وعن قرى بأكملها يُروى تاريخها في الكتب فقط.

سعاد العامري تكتب كتابها “دمشقيّ" بحبر فلسطيني خاص فهناك ثمة تنافسية كبرى بين الشخصي والتاريخي والعائلي والخيالي، من دون أن يسود أحدها على الآخر، فالسرد فيها يتناوب على تقديم حيوات مترامية في دمشق بدايات وأواسط القرن العشرين، حيث تضعنا الكاتبة أمام نسيج حي من المصائر، والقول إن الشخصيات فيها من لحم ودم ليس بتوصيف واف، إذ أن حجارة دمشق وبيوتها وأزقتها وحاراتها وروائحها من لحم ودم أيضا.

فهذه الرواية تعيد تعريف التوثيقي، وتشخصن التاريخي، وتستخلص المتخيل من بين جدران قصر البارودي، كما لو أنها تطبق على دمشق متلبسة بأحداث عائلية مصيرية متداخلة مع تواريخ مفصلية.