منتهى انجاص" باحثة في الكيمياء التطبيقية من جامعة بيرزيت تخطف بتميزها الأضواء بجامعة "أولم" الألمانية

"مجلة جنى" يحتفل العالم في الحادي عشر من شهر شباط من كل عام، بـ"اليوم العالمي للمرأة والفتاة في ميدان العلوم"، وذلك تأكيداً على دور النساء ومساهمتهن في مجالات العلوم المختلفة، وأهمية هذه المشاركة في تطوير المجالات العلمية المختلفة، ما سيشكل فارقاً مهماً على هذا الصعيد.

وبمناسبة هذا اليوم، نسلّط الضوء على خريجة الجامعة منتهى انجاص، وهي نموذجٌ لامرأةٍ ناجحة وباحثة مرموقة في مجال الكيمياء التطبيقية في ألمانيا، وهي أول فلسطينيةٍ وعربيةٍ تقف على منصة التكريم في جامعة "أولم"، إحدى أقوى الجامعات الألمانية، بعد أن حصدت جوائز وزمالات بحثية عدة.

ركزت انجاص أبحاثها على تطوير مركبات كيميائية جديدة من جزيئات أكاسيد العناصر بالتركيز على مركبات أكاسيد الفاناديوم، ودراسة كفاءة هذه المواد على تخزين الطاقة الكهربائية في مجال بطاريات الليثيوم المستخدمة حاليّاً في الأجهزة الإلكترونية والمَركبات الكهربائية. وحاليّاً، تركز انجاص في أبحاثها على بطاريات ما بعد الليثيوم، كالصوديوم والمغنيسيوم، لمحدودية إنتاج بطاريات الليثيوم في الأعوام القليلة المقبلة بسبب استنفاد العناصر الأساسية لهذه المواد.

تخرّجت منتهى من برنامج البكالوريوس في الكيمياء بجامعة بيرزيت عام 2011 بتقدير امتياز، رغم أنّها كانت أماً لطفلٍ ومسؤولة عن بيتٍ وعائلة، لكنّ هذا لم يكن عائقاً أمام استكمال درجة البكالوريوس.

ومع نجاحها وبتفوّقٍ في قسم الكيمياء، تقدمت لمنحة "الداد" الألمانية لإكمال دراساتها العليا في إحدى الجامعات الألمانية، لكنّها لم تحصل على المنحة بسبب وضعها العائلي كونها زوجة وأم! للحظة، كادت أحلام منتهى أن تتحطم! لكنّ ثقتها بنفسها دفعتها لتتقدم بطلبٍ للالتحاق ببرنامج ماجستير المواد المتقدمة في جامعة "أولم" الألمانية، فكانت النتيجة إيجابية وحصلت على القبول.

وبدعمٍ من زوجها وأهلها، غادرت منتهى فلسطين وحيدة متجهةً إلى ألمانيا وهناك التحقت بجامعة أولم، بدأت رحلتها وهي تنتظر رد المنحة وحضور عائلتها لألمانيا. لم يكن رد الداد لانجاص إيجابيّاً في البداية، ولكنها لم تستسلم، وواصلت دراستها في الجامعة حتى سمعت خبر حصولها على منحة الداد التي تُمنح للطلبة المتفوقين من جامعة أولم. 

وأخيراً، لُمَّ شمل العائلة، وظلّت انجاص لعام ونصف العام تتنقل بين الجامعة ودراستها وأبحاثها وبيتها وعائلتها، وذلك حتى نهاية عام 2015، لتحصل على درجة الماجستير في علوم المواد المتقدمة، وتم قبولها في برنامج الدكتوراة في دائرة الكيمياء غير العضوية مباشرة بعد إنهائها لبرنامج الماجستير. 

جمعت انجاص في مرحلة الدكتوراة بين القياسات النظرية والتجارب العلمية لدراسة كفاءة مواد تخزين الطاقة الكهربائية. تقول: "بكل شغف، بدأت أبحاثي في مجال تطوير مواد جديدة لتخزين الطاقة الكهربائية، كان مشروعي البحثي مشتركاً بين دائرتي الكيمياء غير العضوية والكيمياء الكهربائية في جامعة أولم وشركة Helmholtz-Institute Ulm، كبرى شركات الأبحاث في ألمانيا في مجال تخزين الطاقة الكهربائية وتطوير مواد ذات كفاءة عالية في مجال البطاريات، فكنت أتنقل بين تلك المباني وأتعامل مع كافة أعضاء المجموعات البحثية فيها. جمعتُ في أبحاثي بين الحسابات النظرية والتجارب العملية، وهو ما ميّز رسالتي الدكتوراة عن غيرها".

تميُّز أبحاثها في مرحلة الدكتوراة، مكنّ انجاص من الحصول على جائزة ميلفيفا اينشتاين- ماريج Mileva Einstein-Marić Prize  للعام 2017. وتمنح هذه الجائزة للنساء المتميزات في مجال الأبحاث العلمية، اللواتي سيكون لهن تأثير على تشكيل جامعة أولم كمؤسسة علمية بالتزامن مع الجمع بين الحياة المهنية والمسؤوليات العائلية بطريقة مثالية.

توالت إنجازات انجاص بعد ذلك لتُمنح جائزة Südwestmetall-förderpreis 2020، التي تهدف إلى تقدير الشباب الباحث والعالم وتحفزهم لمزيد من الأنشطة المبتكرة، حيث تمنح سنويّاً لتسعة من الباحثين المتميزين على مستوى جامعات ولاية بادن فوتمبرغ، وتم اختيار انجاص لهذا العام لتكون الحاصلة على الجائزة من جامعة أولم. وليس هذا وحسب، فبعد فترة وجيزة، تم إعلام انجاص بحصولها على منحة Margarethe-von-Wrangell Habilitation Fellowship for Women، التي تتقدم لها عدد كبير من النساء الحاصلات على درجة الدكتوراة ويطمحن في الحصول على درجة بروفيسور. 

وعن هذه المنحة، تقول انجاص "سعيدة جدا لحصولي على تلك المنحة التي ستكون بداية خطواتي نحو درجة بروفيسور، تلك المنحة هي عقد عمل لي مع جامعة أولم للتدريس والعمل على أبحاثي المستقلة وكذلك إنشاء مجموعة بحثية مستقلة. وحاليّاً، أنا مشرفة على عدد من طلاب الدكتوراة، وأحضر لمساقات لطرحها للتدريس في الفصل الدراسي القادم".

وأخيراً، اختيرت انجاص من بين الخمسة والأربعين مرشحاً للمرحلة النهائية في جائزة Reaxys PhD Prize 2020، التي يتقدم لها عدد كبير من الحاصلين على درجة الدكتوراة عن طريق تقديم وعرض ملخصات أبحاثهم وأهم نتائجها وأهمية وتأثير تلك الأبحاث، وقد تم نشر ملخص أبحاثها على مستوى العالم على صفحة Elsevier وانضمت لنادي Reaxys Prize.

وتتطلع جامعة بيرزيت لعودة انجاص إلى فلسطين، لرؤية وجوه نسائية أكاديمية وباحثة وعالمة في مجالات العلوم. تقول انجاص "إن لم يكن قد حان الوقت بعد لعودتي أنا وعائلتي إلى فلسطين، فنحن بانتظار ذلك اليوم بفارغ الصبر".