هيفاء البشير.. رائدة العمل التطوعي

"مجلة جنى" هيفاء مسعود ملحيس البشير - سيدة أردنية رائدة في العمل الاجتماعي كما أن لها العديد من الأعمال الأدبية.

بطاقة تعريفية

ولدت في نابلس عام 1931، حصلت على شهادة المترك بفلسطين من كلية دار المعلمات بالقدس عام 1948 ثم شهادة البكالوريوس في التمريض من الجامعة الأردنية عام 1983 ، ثم شهادة الدبلوم العالي في الدراسات السكانية من الجامعة نفسها عام 1988.

عملت مدرسة في نابلس من عام 1948-1954 ثم في السلط من عام 1954- 1966 ثم في عمان من عام 1966- 1970 ثم تفرغت للعمل التطوعي والخيري في ميادين الصحة ورعاية كبار السن والمرضى النفسيين وقضايا المرأة.

أسست ورأست جمعية الأسرة البيضاء، ودار الضيافة للمسنين التابعة للجمعية ومديرة منتدى الرواد الكبار، وشغلت عضوية المجلس الصحي العالي ومجلس أمانة العاصمة، وهي من مؤسسات الاتحاد النسائي الأردني العام ورئيسته الأولى وتولت منصب نائبة رئيسة الاتحاد النسائي العربي العام، وأسهمت في فتح الباب أمام فتيات في الأردن المتزوجات ليزاولن حقهن في العمل.
وقد حصلت البشير على العديد من الجوائز وأوسمة عدة من أبرزها وسام الحسين للعطاء المميز من الدرجة الأولى، جائزة من المركز الثقافي الإيطالي في روما تقديرا لدورها في العمل العام، جائزة جلالة الملكة نور للقصة القصيرة، جائزة الأسرة المثالية من دولة الامارات وجائزة ملتقى الرواد والمبدعين العرب الذي يعتبر منبرا للمثقفين والمبدعين.
وهي مؤسِّسة منتدى الروّاد الكبار التابع للجمعية ورئيسته، وهي رئيسة جمعية التأهيل النفسي، ومؤسِّسة مركز الصفصاف التابع للجمعية.
وصدر للبشير العديد من الأعمال الأدبية والقصصية للأطفال: “الفرح والسعد” وتضم عشر قصص للأطفال، “حكايات جدتي”، “فرح وبرج الحمام”، “يوم ماطر وقوس قزح”، “الفرح والسعد”، كما صدر لها كتاب بعنوان “محطات في رحلتي مع الحياة”، وهو سيرة ذاتية.

أقدس العمل والعلم، وهو ليس مقصورا بعمر معين، وأكبر فخر للإنسان ليس عدم السقوط بل النهوض مجددا إذا تعثر.. تجرأت أن أكون قائدة، وأدعو المرأة دوما أن تكون منتجة، وأن يكون دورها فاعلا من أجل حقوقها ومصالحها". بهذه العبارات تلخص الأردنية السيدة هيفاء مسعود ملحيس والمعروفة باسم "هيفاء البشير" تجربتها عبر أكثر من 70 عاما من العمل التطوعي والإنساني.

هيفاء البشير.. رائدة وملهمة

آمنت أن لا مستحيل في العمل التطوعي إذا توفرت الإرادة والنفس الطويل والتخطيط السليم، أما المال فسيأتي، فأبواب الخير لن تغلق يوما في هذه الحياة، لافتة إلى أن ذوي المبادئ يصلون لأهدافهم، مهما كانت الصعوبات وطالت الطريق.

تزوجت عام 1954 من الدكتور محمد البشير وانتقلت للعيش معه في مدينة السلط، وما بين التأقلم في بيئة جديدة وحنينها لنابلس وضيقها من عدم إمكانية استئناف العمل في التعليم -إذ كان القانون آنذاك يحظر عمل النساء المتزوجات- أنجبت ابنها البكر مازن عام 1955، وشاء القدر أن حقق رغبتها بالعودة للتدريس، إذ تصادف شغور موقع معلمة اللغة الإنجليزية في المدرسة الثانوية بالسلط، فتطوعت للعمل ريثما يجدون بديلة.

وعندما لم يتمكنوا صدر قرار استثنائي عام 1956 بتعيينها رسميا لتدريس اللغة الإنجليزية لطالبات المرحلة الثانوية في السلط، وكانت أول امرأة متزوجة تنال هذا الحق، وخلال 5 أعوام أصبحت أما لـ 4 أطفال ذكور، وقد مكّنها دعم زوجها من مواصلة التدريس.

تقول هيفاء "لم تجرِ الأمور لصالحي، إذ كان وزير التربية والتعليم ضد عمل المرأة المتزوجة، فأصدر عام 1962 قرارا تعسفيا بنقلي لمدينة الكرك، مما دفعني لتقديم الاستقالة".

ريادة العمل التطوعي

في عام 1970 عين الدكتور محمد البشير وزيرا للدولة ثم وزيرا للصحة، وتقول "هنا أدركتُ أن عليّ كريادية وزوجة لوزير الصحة، مسؤولية المبادرة لصنع التغيير، فاتصلت بزوجات الأطباء للتشاور معهن لتأسيس جمعية خيرية لدعم قطاع التمريض، وتوافقنا على إنشاء "جمعية الأسرة البيضاء"، وتوجهنا لمدارس البنات لتوعيتهن بأهمية مهنة التمريض.

وامتدت خدمات أعضاء الجمعية التطوعية لدعم السلك التمريضي بالمستشفيات، ولاحظ رئيس الوزراء، دولة وصفي التل، نتائج جهودنا، فدعانا للاهتمام أيضا برعاية المسنين الذين لا تتوفر لهم رعاية أسرية.

تحديات وصعوبات

وتتابع "دفعتني الخسارة المبكرة لزوجي إلى استجماع طاقتي لتحقيق حلمنا معا، فنذرت العمر لتربية الأبناء، كما تمنى والدهم، وإعدادهم لتحمل مسؤوليات المواطنة الصالحة، وتفرغت للعمل التطوعي والخدمة العامة، رغم الضغوطات النفسية والمادية، وقررت استئناف دراستي الجامعية عام 1979، والالتحاق بكلية التمريض بعد انقطاع عن الدراسة لأكثر من 3 عقود، لإكمال رسالة زوجي التنويرية بأهمية رسالة التمريض، وحصلت عام 1983 على شهادة البكالوريوس في حقل التمريض مع مرتبة الشرف من الجامعة الأردنية".

وتضيف أن "تفصيلات الحياة مؤلمة وموجعة، لكن لا بد من القول إن الحياة بنتائجها وليس بتفصيلاتها، أفقدني الله جلت قدرته من جديد، بأن اختار ابني الأعز "مازن" إلى جواره، وكانت الضربة التي لا قبل لي بها، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

بعد كل خسارة تلحق بي، أشعر وكأني فقدت قوتي وأطرافي، حتى تغلق الحياة بوجهي، وأشعر أنني انتهيت ولا أستطيع إكمال دوري.

هذه نصيحتي للمرأة

"أيتها المرأة لا تقولي دوري انتهى بتكوين أسرة، هناك متسع في الحياة والعمل، اقهري الخوف والتردد، آمني بنفسك ودورك، وليكن قلبك كبيرا لتعطي الآخرين، تجرأي على الريادة لتصلي للنجاح

أما أنا فأتوكأ اليوم على عصاي أواصل العطاء لخدمة المجتمع بذات الهمة والإصرار والعزيمة، لعل ذلك يلأم جراح الروح، ويخفف الأسى اللامحدود".