رولا معايعة: وزيرة السياحة والآثار

رولا معايعة .. الطالبة.. المرأة .. الوزيرة  .. في ميزان الحياة المهنية.

تقرير نجيب فراج - بابتسامتها العريضة وبترحيب منقطع النظير استقبلتنا وزيرة السياحة والاثار رولا معايعة في مكتبها الجديد الذي يقع في شارع جمال عبد الناصر وسط مدينة بيت لحم  حيث تشعر هي وكافة أفراد طاقمها بفخر واعتزاز ازاء هذا المقر الذي تحول من مدرسة هيرمان جماينر التابعة لقرى الاطفال العالمية التي  جرى اغلاقها للأسف الشديد  لأسباب كما تقول ادارة المؤسسة العالمية تتعلق بأزمة مالية خانقة الى مقر لوزارة السياحة والاثار رغم ان الوزيرة ذاتها بذلت من بين من بذلوا جهودا من اجل تخطي الازمة وابقاء المدرسة على قيد الحياة.

مقر تراثي

المقر الجديد هو كبير نسبيا ومبني منذ عقود ويحمل في طابعه العام ارثاً تراثياً بامتياز وهذا كان واضحا في جدرانه وطبيعتها والغرف الكبيرة نسبيا اضافة الى البلاط القديم النادر وجوده الان  وهذا لربما من بين الاسباب التي تجعل الوزيرة ان تعبر عن افتخارها في هذا المبنى الاثري الذي يحكي حكايات عديدة عن  المدينة الساحرة التي قررت الحكومة الفلسطينية ان تكون المقر الرئيسي لوزارة السياحة وهي الوزارة الوحيدة التي يقع مقرها الرئيسي في مدينة بيت لحم، اما الوزارات الاخرى فهي تقع كما هو معلوم في مدينة رام الله العاصمة المؤقتة للسلطة الفلسطينية.

الأواني الفخارية ميزت مكتب الوزيرة

ان الداخل لمكتب الوزيرة يلحظ بسهولة اواني فخارية تراثية قد وضعت خلفها بشكل ملحوظ في اشارة واضحة الى مدى ربط السياحة بالتراث الفلسطيني الذي يشكل معلما راسخا لمدى ارتباط الشعب الفلسطيني بأرضه واصوله حيث يشكل التراث الهوية الوطنية كما تقول الوزيرة والتي تشدد دوما ان فلسطين هي البلد الوحيد الذي يحتوي على اماكن دينية بارزة ارتبطت برسالات الرسل السماوية الثلاث.

وخصت الوزيرة معايعة مجلة "جنى" بلقاء مطول استهل بالحديث عن حياتها الخاصة رغم انها لم تخفي رغبتها بعدم الحديث عن ذاتها وعلى ما يبدو من قبيل التواضع مشيرة الى انها من مواليد مدينة القدس رغم انها لا تحمل هوية القدس "الزرقاء " الاسرائيلية وهي من عائله فلسطينية تعيش في مدينة رام الله ولكنها تسكن الان في مدينة بيت لحم بعد زواجها من رجل اعمال فلسطيني من عائلات مدينة بيت لحم ولها من الابناء ولد وبنت، اذ قالت في سياق حديثها انها لا تراهم الا بالوقت القصير نظرا لطبيعة عملها المنهك.

حياتها الاكاديمية

التحقت رولا معايعة بجامعة بير زيت عام 1988 بكلية الاحياء ونظرا لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية الاولى  حيث كان الوضع الامني متوتر جدا واثرت الممارسات الاسرائيلية على مناحي الحياة الفلسطينية المختلفة بما فيها المسيرة التعليمية في الجامعات والتي تعطلت كثيرا فمكثت في الجامعة ست سنوات بدلا من اربعة وذلك للإغلاقات المتلاحقة التي كانت تفرضها هذه القوات على الجامعة وفي كثير من الاحيان كان الطلبة يلجؤون الى التعلم في البيوت بدلا من الحرم الجامعي.
وخلال وجودها في الجامعة انتمت مبكرا في صفوف حركة الشبيبة الطلابية التابعة لحركة فتح ومنذ الفصل الاول خاضت انتخابات داخلية للشبيبة وتمكنت من الفوز بمقعد في الهيئة القيادية وتبوأت منصب لجنة العلاقات العامة وكانت ايضا من مؤسسي منظمة الشبيبة الفتحاوية على مستوى الضفة الغربية وكانت مسؤولة العلاقات الدولية لهذه المنظمة التي كانت جزءا من الاتحاد العام للطلبة  والتي يراسها ابراهيم خريشة ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في الامم المتحدة.

حياتها العلمية

وبعد تخرجها من الجامعة كانت منظمة التحرير الفلسطينية قد وقعت اتفاق اوسلو التي قالت عنه كنا نريد ان يحصل الافضل حسب تعبيرها والتحقت في وزارة الشباب والرياضة وذلك في العام 1995، وشغلت منصبا في دائرة العلاقات الدولية التابعة للوزارة وبعدها حصلت على دبلوم متخصص من جامعة بيت لحم بالتعاون مع جامعة ميلان في ايطاليا ومن ثم انتقلت الى وزارة العدل وقبل أربع سنوات تبوأت منصب وزيرة السياحة والاثار في السلطة الفلسطينية.

المرأة متواجدة في مختلف الميادين

وعن وضع المرأة الفلسطينية بشكل عام تجيب معايعة  بان المرأة متواجدة في كل المجالات والميادين ومع ذلك فنحن نقول انها تستحق الافضل ولقد واجهت المرأة الكثير من المصاعب بما في ذلك جراء القيود التي تفرضها قوات الاحتلال الاسرائيلي وخاصة زمن الانتفاضة الاولى فوجدت نفسها امام عراقيل كبيرة جراء الحد من حرية التنقل وما شابه، ومع مرور الوقت توسع تمثيل المرأة في المؤسسات المختلفة بما في ذلك المؤسسات الحكومية ولا بد من ان تحصل على دور اكبر من ذلك بكثير.
واعتبرت معايعة ان المرأة  في المؤسسات الحكومية غير مهمشة وقد اعطيت مجالا كبيراً ورفضت الراي الذي يقول بانها تتأثر من اثار المجتمع الذكوري واكدت ومن خلال وجودها في الحكومة بانه لا يوجد أي تمييز ضدها وان الوزراء متساوون  في الواجبات والحقوق وهناك احترام كبير للمرأة الفلسطينية في المؤسسات المختلفة وهناك الانظمة والقوانين التي تضمن حقوقها وهذه القوانين والانظمة تتطور باستمرار.

رئيسة وزراء
وأجابت الوزيرة عن سؤال ما إذا سوف نشهد رئيسة وزراء في السنين القادمة بقولها انه لا يوجد على الاطلاق ما يمنع ذلك وان كل الاحتمالات واردة بهذا الاتجاه وان المطبخ السياسي الفلسطيني لا يضع أية عراقيل ازاء هذا المنصب أمام المرأة.

من هي المرأة الفولاذية في فلسطين؟

كما أجابت عن سؤال حول على من يمكن إطلاق لقب "المرأة الحديدية" بدون تردد بقولها ان المرحومة ربيحة ذياب التي توفيت قبل نحو العام وهي المناضلة الفلسطينية في حركة فتح ومن مؤسسي منظمة الشبيبة بالجامعات وسبق وأن اعتقلت لأكثر من خمس سنوات في سجون الاحتلال وتبوأت أيضاً وزيرة المرأة في الحكومة الفلسطينية وكانت عضوا في المجلس التشريعي الفلسطيني واصفة اياها بأنها مناضلة وصلبة وحازمة ولديها حرص كبير على القضية الوطنية الفلسطينية، وهذا لا يعني عدم وجود نساء قادرات وذو مواهب كبيرة أن تحصل على مناصب عليا.

المجال السياحي
وتطرقت معايعة خلال اللقاء الى عملها في وزارة السياحة حيث اشارت بوجود تقدم كبيرة في السياحة الفلسطينية "مع ملاحظة ان الوضع يكون مختلفا لو اننا نعيش في دولة فلسطين المستقلة التي لها معابر خاصة ومطار وميناء وتمارس كل مهامها بحرية وبدون اية املاءات من الاحتلال الاسرائيلي لكنا نتحدث عن سياحة مزدهرة بامتياز ولها مميزات خاصة تميزها عن كل محيطها، ومع ذلك فقد ولى الوقت الذي كان فيه السائح يأتي الى المناطق الفلسطينية لساعة او ساعتين ومن ثم يعود ادراجه للمبيت في الفنادق الإسرائيلية، هذا الوقت ولى وبغير رجعة فأضحى السائح يأتي  الى فلسطين ويبيت فيها ونقصد هنا بالتحديد بيت لحم والقدس واريحا، والمقصود هنا بالقدس انه حين يبيت في الفنادق الفلسطينية بالقدس الشرقية،  وان اقناع السائح المبيت في مناطقنا وفنادقنا لم تكن بالمهمة السهلة وذلك في مواجهة التحريض الاسرائيلي المنظم الذي كان يدعي ان المناطق الفلسطينية غير امنة وتشكل خطرا على حياتهم وهذا التحريض قد باء بالفشل بعد كل الجهود التي بذلناها في دحض هذه التحريضات فبعد أن جرب السياح مناطقنا تأكدوا أن الوضع فيها آمن بكل ما تحمل الكلمة من معنى.

العلاقة المقطوعة
واكدت الوزيرة الفلسطينية بانها لم تلتقي اطلاقا بوزير السياحة الاسرائيلي من دون ان تضيف أي تعليق بهذا الصدد ولكن الاجابة بلا قاطعة اوحت بوضوح  ان العلاقة الفلسطينية الاسرائيلية في المجال السياحي ناشفة الى حد كبير ومنقطعة على الاطلاق على مستوي وزيري الطرفين.
وفجأة دخل جريس قمصية مدير العلاقات العامة في وزارة السياحة وقطع المقابلة التي استمرت قبالة الساعة مستأذنا بوجود موعد اخر مع فريق سياحي هام  من ايطاليا لربما من رجال الاعمال وهو فريق كبير ينتظرون لقاء الوزيرة   ولهذا اضطررنا الى قطع اللقاء حيث كان بالإمكان ان يحمل مزيد من التفاصيل عن سيرة حياة وزيرة السياحة الخامسة منذ تأسيس السلطة الفلسطينية.