رجل غامض.. "بانكسي" يدافع عن الإنسانية برسوم الشوارع


ظهر الرئيس الأمريكي وهو يعانق أحد أبراج المراقبة الإسرائيلية

" مجلة جنى " يملك شهرة عالمية واسعة، وتباع أعماله بمئات آلاف الدولارات، اسمه يتردد بين الفنانين وفي وسائل الإعلام، لكن لا أحد يعلم من هو! ولا يجني أي ربح من أعماله التي يتركها للناس لا هدف من ورائها سوى إيصال رسالة ما.

"بانكسي" اسم له عشاق ومعجبون في شتى بقاع الأرض، لكن لا أحد يعرف شكله أو اسمه الحقيقي أو أي تفاصيل خاصة عنه، وقد عُرف من خلال رسوماته في الشوارع.

ركز بانكسي في أعماله على الصور الشهيرة، ودمجها مع الشعارات، التي غالباً ما تتحدث عن الموضوعات السياسية، والحروب، والرأسمالية، والنفاق، والجشع.

وتشمل رسوماته أيضاً حيوانات وشخصيات بعضها معروفة عالمياً، في حين يعتبر الأطفال موضوعات أساسية في رسوماته.

بالإضافة إلى ذلك فإن بانكسي عرف بإبداعه الكبير في فن التركيب والتشكيل، وقد ظهر ذلك في أعمال مختلفة.

فنان الغرافيتي الشهير يفاجئ جمهوره صباحاً باستمرار، حين تظهر رسوماته على جدار ما؛ فهو يتخذ من الليل وقتاً لمزاولة الرسم، وأوضحت أعماله أنه فنان برع في التخفي.

بانكسي نجح في انتشال رسومات الشارع من الإسفاف واكتظاظ الألوان المتعبة بصرياً، لتكون فناً جميلاً يحمل بعداً فكرياً وفلسفة فنية، وذوقاً عالياً ورسائل سياسية واجتماعية وثقافية.

ذلك ما جعلها تختلف كلياً عن رسومات الشارع التي عرفها الناس وتثير سخط كثيرين.

القضايا الإنسانية في رسومات بانكسي

لا يعرف أحد من هو بانكسي، وكل ما يُعرف عن هويته أنه فنان بريطاني من مواليد بريستول عام 1974، وقد انتشرت أعماله ولمع نجمه في أواخر التسعينيات.

غموض بانكسي بهذه الطريقة لغز حقيقي، فكيف لفنان أن يبتعد عن الأضواء لهذه الدرجة، تاركاً شهرة أعماله العالمية بلا صاحب، وكيف له أن يترك رسوماته تُباع بملايين الجنيهات، ويحصدها غيره؟

فبانكسي فاز عام 2007 بجائزة أعظم فنان يعيش في بريطانيا، ولم يحضر لتسلم الجائزة وهو ما كان متوقعاً.

منذ بداية الألفية الثالثة بدأت رسومات بانكسي تظهر في الشوارع، وتنتشر في عدة دول منها أستراليا وأمريكا وكندا والمكسيك.

مناصرته للقضايا الإنسانية أكدها برسومات مختلفة، فبانكسي كان له موقف واضح من قضية المهاجرين الذين رمت بهم ويلات الحروب إلى الهروب من بلدانهم، وأعرب عن رفضه لما يتعرض له المهاجرون بلوحات عديدة.

وعرّف العالم بأن واحداً من أشهر الشخصيات التي يدين لها العالم بالفضل، جاء والده مهاجراً إلى أمريكا، وأنه من أصل سوري، وهو ستيف جوبز مؤسس شركة آبل.

بانكسي في غزة

كذلك فإن القضية الفلسطينية كانت بين أحد أهم اهتمامات بانكسي، إذ تحدث في لوحات له عن الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون على يد الاحتلال الإسرائيلي.

مرات عديدة زار بانكسي فلسطين، بل وصل إلى قطاع غزة ورسم مجموعة من أشهر رسوماته.

عقب العدوان الإسرائيلي عليها في 2014، زار بانكسي غزة، حيث أصر على الوصول إلى هناك عبر الأنفاق، ورسم أعماله على جدران وأبواب البيوت المهدمة.

فضلاً عن ذلك نشر فيلماً قصيراً أشار فيه إلى أن عملية الجرف الصامد دمرت 18 ألف منزل، ساخراً من عدم السماح بدخول الأسمنت لقطاع غزة بعد العدوان، للفت أنظار العالم إلى ما يجري في القطاع.

بانكسي وجدار الفصل العنصري

أعرب بانكسي عن سخطه من جدار الفصل العنصري، حين رسم عليه في أحد أعياد الميلاد السيدة مريم العذراء ويوسف النجار وهما يواجهان جدار الفصل في طريقهما إلى بيت لحم، بالإضافة إلى رسوم أخرى تتحدث عن الموضوع نفسه رسمها أيضاً على الجدار ذاته.

الجمعة 4 أغسطس، كان آخر ما رسمه الفنان بانكسي، في فلسطين.

وفوجئ الفلسطينيون بلوحتي غرافيتي مرسومتين على الجدار العازل في مدينة بيت لحم، جنوبي الضفة، موقعتين باسم الفنان الشهير "بانكسي" يظهر فيهما الرئيس ترامب.

وفي اللوحة الأولى ظهر الرئيس الأمريكي وهو يعانق أحد أبراج المراقبة الإسرائيلية الملحقة بالجدار العازل، في حين يظهر ترامب في لوحة أخرى وهو يخاطب الجدار بالقول: "سأبني لك شقيقاً"، ربما في إشارة إلى الجدار الذي تعتزم الولايات المتحدة إقامته على حدودها مع المكسيك.