معرض دمشق الدولي علامة فارقة في الاقتصاد السوري

 لي فيك يا بردى عهد أعيش به...عهد كآخر يوم في الخريف بكى...

" مجلة جنى " هاهي دمشق تعيد لياليها الملاح بعد سنوات حرب سبع دمرت كل شي معها، بعد 7 سنوات من الحصار والحرب الاقتصادية العالمية، تعود سورية مجدداً بأضخم فعالية اقتصادية عبر تاريخها، فعالية رسمت عبر تاريخها الطويل أبجدية خاصة بها، لم تكن يوماً مجرد فعالية اقتصادية فقط بل اجتماعية سياحية وفنية بلياليها المشهورة التي سكبت النغم وعتقته بأصوات العمالقة.. وبفيروز الرائعة التي غنت:

شام أهلوك أحبابي وموعدنا

أواخر الصيف آن الكرم يعتصر

نعتق النغمات البيض نرشفها

يوم الأماسي لا خمر ولا سهر

معرض دمشق الدولي يعود بعد غياب لم يطل كثيراً.. فقد اشتاقت دمشق للياليه وأيامه.

أيلول عام 1954 أهم وأكبر تجمع اقتصادي وسياحي على مستوى العالم العربي في قلب العاصمة دمشق. الدورة الأولى لمعرض دمشق الدولي مع نجاح فاق التوقعات بأكثر من مليون زائر. رقم كبير جداً في تلك الأيام تعجز عن تحقيقه كبرى الدول الصناعية.

آب 2017 الولادة الثانية أو القيامة، سموها ما شئتم، لا تتوقف أهميتها عند الجانب الاقتصادي بل هي تعبير بالغ الأهمية عن قدرة الإنسان السوري على النهوض والتعافي بعزيمة أقوى وأصلب.

كانت الأبعاد الاجتماعية والحضارية والثقافية والسياحية تأخذ دوراً لا يقل أهمية عن البعد التجاري والاقتصادي، عند الحديث عن معرض دمشق الدولي الذي لطالما شكل لدى السوريين عموماً والدمشقيين خصوصاً، أحد أهم شعائر ليالي الصيف الممتزجة بنسائم قاسيون وعبق بردى ملتقى العشاق وباحة الأدباء ومضمار الطامحين من تجار وصناعيين، يعود اليوم وعبق التراب من دماء الشهداء ونسائم عليلة من عرق الكادحين تغمر المكان، تعلن انتصار الأرض والإنسان على كيد المجرمين صهاينة ومتصهينين.

فمن الظلم أن نتحدث فقط عن مردود أو جدوى اقتصادية لهذه المناسبة في ظل وجود جبال من العقبات والاختلالات الاقتصادية، التي يشكل معرض دمشق الدولي حلقة واحدة في سلسلة الحلول التي يجري بناؤها لتجاوز الأزمة ببعدها الاقتصادي والتي هي مسؤولية كل مواطن بقدر ما هي مسؤولية الدولة ومسؤولية أصحاب القرار.

هذه مباركة لسورية عرسها في السابع عشر من آب الجاري ودعوة لكل مواطن ومسؤول يداً بيد للاضطلاع بما يمليه الضمير والحس الإنساني تجاه أمّنا سورية. على الرغم من تراجع أهمية صناعة المعارض كوسيلة ترويجية اقتصادية بسبب التطور في عالم التجارة الإلكترونية والتواصل عن بعد إلا أن المعارض لا تزال تكتسب أهمية سياحية وترويجية عامة تلفت الأنظار إلى البلد الذي يقيم المعرض، ويمكن أن تحفز التجار والصناعيين على توسيع دائرة تصريف منتجاتهم وتنويع فرص عقد الصفقات والتحالفات، وتمكنهم من التعرف بشكل أفضل من التعرف على أذواق المستهلكين المحليين والأجانب.

تحقيق هذه الأهداف بالشكل الأنسب يحتم على الحكومة اتخاذ كل الإجراءات والأسباب المساعدة، بالتعاون مع اتحادات غرف الصناعة والتجارة، لا سيما ما يتعلق بالنقل والضرائب وتسهيل معاملات التصدير والاستيراد لوسائل الإنتاج،  وهذا ما نعتقد أن الحكومة لن تغفل عنه.