المتدفقة كالنهر.. إضاءات على حياة الكاتبة جورج صاند

المتدفقة كالنهر .. إضاءات على حياة الكاتبة جورج صاند

جورج صاند هو الاسم المستعار للروائية الفرنسية أمانتين أورو لوسيل دوبين، أولى قصصها كانت (السيدة الاولى) عام 1831، حين بدأت بالكتابة لإعالة طفليها بعد طلاقها وإقامتها في باريس، لتتلاحق ورائها إبداعاتها مثل (المستنقع المسحور)، (قارعو الناقوس)، (إنديانا)، (أحاديث جدتي)، (قصة حياتي)، وغير ذلك الكثير مما يتراوح بين القصص الرومانسية وقصص الإصلاح الاجتماعي.

كان يمكن أن تكون امرأة مختلفة لو انها قررت التحمل والبقاء بالقرب من زوجها كازيمير دودوفان. كانت أورور شابة وفتية جدًا حين قررت الزواج منه وذلك لتهرب من الرجال المقيتين الذين كانت أمها تفرضهم عليها لاختيار الزوج! كانت الفتاة ابنة الثامنة عشرة من دون خبرة في الحياة، الراكضة واللاهية في المناطق القروية الشغوفة بالفلسفة  وأرسطو وليبنيز أو روسّو في مكتبة جدتها…

وهي اعتقدت بصدق أنها كانت سعيدة إلى جانب زوجها في البداية. ومن ثم، بدأ الملل يتسرب إلى حياتها وقد استهلك كل قواها وتركها من دون أي احساس بالشجاعة لمواجهة الحياة، وكانت دائمًا دامعة العينين. لم يكن كازيمير وأورو يملكان أي قاسم مشترك، باستثناء أفكارهما السياسية الجمهورية: كل ما كان يثير اهتمامها هي، كان يشعره هو بالنعاس وبقلة الصبر. لم يكن يحب سوى الصيد وحياة الريف والكحول والفتيات. لم يكن رجلاً سيئًا لكنه لم يكن على قياسها.

وفي رسالة اعتراف كتبتها له من 22 صفحة، كتبت: (اكتشفت انك لم تعد تحب الموسيقى)!

هي  ابنة الثورة الفرنسية ولدت سنة 1804م وتمثل فيها كل ما في الثورة من تحرر وانطلاق وتفاؤل واستبشار، وتطلع نحو المستقبل وكان أسلوبها سهلاً لا تكلف فيه تكتب بيسر كما لو كانت تغرف من بحر.

أثارت دهشة معاصريها عندما ارتدت أزياء رجالية ودخنت السيجار، وقد تعرفت علي كبار الكتاب في عصرها وبوجه خاص الفرد موسيه وجوستاف فلوبير وأقامت علاقة وثيقة مع الموسيقي شوبان.

لقبت بروائية الأرياف و قال عنها المؤرخ والفيلسوف الفرنسي (إيرنست رينان) – (1823ـ1892): (ستظل روائع جورج صاند تُقرأ بعد ثلاثة قرون).

وقال عنها فولتير إنها الروائية التي تجسد المجد الفردي للأدب النسائي. في حين اعتبرها دوستويفسكي رمزًا للمرأة الفريدة في موهبتها.

رثاها فيكتور هوغو فقال: (لم تفتقر هذه المرأة المجيدة الى شيء اذ كانت قلبا كبيرا وفكرا عظيما وروحا نبيلة ولا بد من الاقرار بان ما يميز روائعها من غيرها وما يجعلها قوية التأثير شيئان: عذوبتها ودعوتها الى الخير).

ولعل أكثر ما اشتهرت فيه صاند هو أدب الرسائل، إذ كتبت رسائل تفوق مرتين عدد أيام عمرها، كما يُعرف أنها كانت سريعة في الكتابة الى حدّ لا يوصف: كتبت رواية (فاديت الصغيرة) وهي من أجمل رواياتها في غضون أربعة أيام، فلُقّبت آنذاك (بالكاتبة المتدفقة كالنهر).

والجدير ذكره أيضًا أن السينما الفرنسية قد جسدت حياة هذه الكاتبة في أكثر من فيلم كان آخرها فيلم (أولاد القرن) وأدت دور صاند الممثلة الفرنسية جولييت بينوش.

(الجسرة)