مفاهيم خاطئة في خدمة العملاء

إن العمل بنجاح مع العملاء أو الزبائن أو المستهلكين أو المستفيدين أو ما نطلق عليهم أحياناً “الجمهور” علم وفن، فهو علم من منطلق أن التعامل مع الأفراد يحتاج إلى الدراسة والمعرفة والفهم لخصائصهم وشخصياتهم ودوافعهم وسلوكياتهم، وهو فن من منطلق أن التعامل معهم يحتاج إلى اكتساب مجموعة من المهارات، منها: مهارة الإنصات، والاتصال، والحديث، والإقناع، وفهم لغة الجسد، وهذه المعرفة والقدرة لا تأتي من فراغ، إنما من خلال القراءة والمحاولة والتدريب، والموظفون الذين يحققون النجاح في علاقاتهم بالعملاء يصنعون ولا يولدون.

أما المفاهيم الخاطئة في خدمة العملاء، فهي:

1- العميل على حق: هذه الجملة المشهورة في عالم خدمة العملاء وفي الشركات يُعتقد أنها صحيحة، ولكن على العكس تماماً، هذه الجملة من المفاهيم الخاطئة، ومثال على ذلك: عانت شركة SOUTH WEST من شكاوى إحدى عميلاتها التي تستخدم خطوط الشركة الجوية بشكل مستمر، وكانت دائمة الشكوى بشكل مستفز من كل شيء: المقاعد غير مريحة، الدرجة الأولى شكلها غير لطيف، أزياء العاملين سيئة، وغيرها من الشكاوى، وفي الواقع هي تكره كل شيء في الشركة، وعلى الرغم من ذلك تتعامل معها في رحلاتها الجوية باستمرار.

وقد عجز قسم خدمة العملاء بأكمله عن التعامل مع هذه العميلة وإرضائها انطلاقاً من مبدأ “العميل دائماً على حق”، فقاموا بتقديم تقرير شامل عنها في رسالة واحدة وضعوها على مكتب المدير التنفيذي للشركة مع عبارة صغيرة “هذه العميلة لك” إشارة إلى عجزهم عن التعامل معها بشكل مطلق.
وجاء رد المدير التنفيذي بعد 60 ثانية فقط بجملة واحدة لتلك العميلة المزعجة: “سنفتقدك كثيراً”.

2-الكذب على العميل قرار صائب: أن الكذب روايات من الخيال، فلا تثبت في العقل مع ما بها من تزييف للحقائق، بينما الحقائق تُرى وتُسمع وتُدرك بكل الحواس، فمن الصعب نسيانها، وأن تظن أن الكذب هو السياسة المناسبة للتعامل مع العميل الغاضب بسبب تأخر الخدمة/السلعة عن الوصول إليه، فهذا – عن تجربة – أقصر الطرق لمحو العلامة التجارية الخاصة بك من السوق، كذلك تحت بند الكذب أن تعد بما لا يمكنك الوفاء به، هذا الخطأ من أشد الأخطاء تأثيراً على الشركة، ليس لأنه يُفقد الشركة المصداقية فحسب، ولكنه يُفقدها سمعتها لدى العملاء المحتملين، تذكر قوة التسويق بالكلمة Word Of Mouth.
لماذا تلجأ الشركات إلى الكذب؟
قسم خدمة العملاء الذي يعتمد على الكذب غالباً يعْلَق في كذبه، ويفتضح أمره أمام العميل، وبدلاً من اللجوء إلى الكذب، اشرح للعميل الوضع بوضوح شديد، ولا تخفيه، واترك له حرية اتخاذ القرار سواء بالاستمرار معك أو بإلغاء التعاقد، ولكن الذي أؤكد لك عليه في كلتا الحالتين هو أن العميل سيحترمك للغاية على صراحتك واحترامك له ومساعدته في اتخاذ القرار الأفضل لمصلحته.

3- العميل له حق الغضب بلا حدود: لجوء الشركة إلى “التدليل الشديد” للعميل، فيأخذ العميل ما يروق له من الشركة، وعلاوة على ذلك يغضب بأي طريقة وبلا حدود، وقد يتجاوز حدود الأدب واللياقة بدون داعٍ، سلوك مرفوض بشكل عام، وكون الموظف يتقاضى راتبه لمساعدة العملاء في الحصول على خدمة جيدة، ليس معناه أن يتحمل سقطات وغضب العميل المُبالغ فيه.
هناك حدود أخلاقية ملزمة للعميل لا يجب أن يتجاوزها، وإن حدث وتجاوزها، فلا حاجة للشركة في هذا العميل، فحفظ كرامة ممثل الشركة مهما كان موقعه من كرامة الشركة، ورضا العملاء لا يعني أبداً إهانة ممثل الشركة.
4- خدمة العملاء عبر تلقي المكالمات فقط: هذا القسم مسؤول فقط عن تلقي مكالمات وشكاوى العملاء، وليس له أي علاقة بإشباع العميل، وحسب مدرسة التسويق الداخلي Inbound Marketing في علوم التسويق الحديث، فإن إشباع العميل ليس هو المرحلة النهائية في منهجية التعامل معه، ويجب أن يتصل مسؤولو خدمة العملاء بالعميل للاطمئنان على تمام وصول الخدمة/المنتج كمرحلة أولى، ثم للاطمئنان على مدى رضا العميل في التعامل مع الشركة، والمرحلة المتقدمة من هذه الممارسات تتمثل في إبهاج العميل وإعطائه قدراً غير متوقع من البهجة والسرور.
خدمة العملاء مسؤولة عن جهل العميل المطبق: خدمة العملاء غير مسؤولة عن تثقيف العميل؛ لأن ذلك يسبب فقدان الكثير من الوقت والموارد، وهي مسؤولة فقط عن توضيح سوء التفاهم لدى العميل الفاهم أو نصف الفاهم، وليس شرح أمر جديد للعميل؛ لأن ذلك من اختصاص قسمي التسويق والمبيعات، وحتى بالنسبة لقسمي التسويق والمبيعات، هناك مستوى معين مقبول من الجهل لدى العملاء، وما دون هذا المستوى لا يتم وضعه في خانة العملاء في الأساس.
مسؤول خدمة العملاء يمثل نفسه وليس الشركة: هذا المفهوم يتواجد في الأساس لدى موظف خدمة العملاء نفسه، فهو يظن أن العميل يخاطبه هو لذاته ولشخصه، وفي الواقع العميل لا يعرفك ولا يعلم عنك أي شيء، وأنت بالنسبة له عبارة عن قناة يتواصل من خلالها مع الشركة، أنت بالنسبة له الشركة، والعميل الغاضب والعصبي والمنفعل أو الذي يتحدث بشكل مستفز لا يخاطبك أنت لشخصك، ولكن يخاطب الشركة، فلا تأخذ الأمر على نحو شخصي، وتعامل معه بالمزيد من المرونة والتفهم لوضعية ونفسية العميل، وهذا لا يناقض أن هناك مستوى معيناً من الحوار يجب أن يلتزم به العميل حال الحديث معك كموظف خدمة العملاء.

5- التعامل مع الأرقام والإحصائيات باستهتار: كافة أنظمة خدمة العملاء الآن توفر العنصر الإحصائي حتى النظام اليدوي، ومثل هذه الأنظمة وغيرها توفر عشرات الأنواع من المعلومات المختلفة التي تستطيع استخدامها في وضع تصور عن مستوى الخدمة الذي يطمح إليه عميلك، وقياس ذلك بالإمكانيات المتاحة للوصول إلى هذا المستوى، ومهما كان مستوى التقنية الذي تستخدمه، لا تهمل أبداً أصغر مكالمة أو مقابلة أو انطباع لدى عميل من الممكن أن يفيدك في قراراتك التسويقية المقبلة، فالخدمة المتميزة للعملاء هي إحدى الوسائل التي تسعى بها أي شركة إلى تصدّر السوق ضد المنافسين وزيادة الأرباح والوصول إلى مستوى معين من التوازن بين متطلبات العملاء وإمكانيات الشركة بشكل لا يؤثر على أي من الطرفين