روكسلانا


روكسلانا

مجلة جنى - خُرَّم سلطان (06/1500 – 15 نيسان 1558) هي زوجة السلطان العثماني سليمان القانوني، ووالدة ابنه وخليفته سليم الثاني، وتُعرف أيضاً باسمها الأصلي “روكسيلانا” (Roxelana). تواجه اتهامات تاريخيّة بضلوعها في إعدام الصدر الأعظم إبراهيم باشا وأكبر أبناء القانوني والمرشح لخلافته مصطفى، وإن لم يُثبت ذلك قطعياً.

الأصول

ولدت خُرَّم في بلدة اسمها ‘روهاتين’ يسكنها الروس لكن يسيطر عليها البولونيون([1]Rohatyn) (في غرب أوكرانيا حاليا) ويعتقد أن والدها قس أرثوذكسي روسي. في1520، اختطفت من تتار القرم أثناء هجماتهم المعتادة على شبه الجزيرة وبيعت جارية لقصر السلطان سليمان. هناك، بدأت خُرَّم في القصر السلطاني كجارية، ثم تحولت إلى الإسلام.

أسماء

لا تذكر المصادر العثمانية المزامنة لعصر خُرَّم اسمها الكامل، وتكتفي بأنها خُرَّم خاصيكي سلطان (HürremHaseki Sultan) حيث تعني Hürrem: الباسمة أو الضاحكة، وهو اسم يعود إلى جذره الفارسي (خُرَّم Khurram)، أما خاصيكي -أو خاصكي- سلطان فهو لقب عثماني يشير إلى الزوجة الرئيسية للسلطان، وأول من حصل عليه هي خُرَّم سلطان.

وقد سميت الجارية الروسية ألكساندرا ولما أسلمت سماها السلطان سليمان القانوني الذي عشقها ” هُرَّم “، أما في المصادر العربية فتعرف باسم خُرَّم أو حُرَّم أو هُرَّم أو كريمة أو أم محمد ، كما تتكرر الإشارة إليها باسمها الأوروبي ذي التنويعات المختلفة: روكسولينا، روكسلانا، روكسولانا، روكسلين، روكسيلانة و عرفت أثناء عرض المسلسل التركي المدبلج إلى العربية القرن العظيم و المعروف عربيا بحريم السلطان بالسلطانة هيام ، وتصف الكثير من الكتب التاريخية خُرَّم بـ”الروسية” حينما كانوا جميعالسلافالشرقيون روسيّين قبل إنقسامهم إلى روسيين ،أوكرانيين و بلاروسيين.

وتطلق الأدبيات الأوكرانية اللاحقة على خُرَّم اسم “أناستاسيا/ناستيا” ويرد اسمها في المرويات البولندية – حيث كانت أوكرانيا جزءًا من المملكة البولندية – اسم “ألكساندرا ليسوفسكا”.


نصب تذكاري لخُرَّم في “روهاتين” بأوكرانياحيث ولدت.

كما كانت أول جارية تتزوج سلطانا من سلاطين الدولة العثمانية ، فقد كانوا لا يتزوجون من الجواري.

حياة القصر

سرعان ما استقطبت خُرَّم اهتمام سيدها السلطان سليمان القانوني ، وتتفق معظم المصادر التاريخية على تأثيرها الكبير عليه. وتظهر في الرسائل المتبادلة بين الإثنين علاقة حب متأججة.

في إحدى رسائلها إلى السلطان، كتبت خُرَّم:

" سيدي، إن غيابك عني قد أجج ناراً لا ينطفئ لهيبها. ارحم هذه الروح المعذبة وسارع في الجواب، لأنني قد أجد فيه ما يخفف عني. سيدي، حين تقرأ كلماتي ستتمنى لو أنك كتبت إلي أكثر للتعبير عن شوقك.

العلاقة الخاصة بينها وبين السلطان، فسّرت وقوف القانوني في صف خُرَّم حين نشوب خلافات بينها وبين “ماه دوران” زوجة السلطان الأولى. كانت والدة السلطان عائشة حفصة تتدخل للتهدئة بين الزوجتين، إلا أنه بعد وفاتها عام 1535، اشتدت شراسة الخلافات وصولاً إلى الاشتباك بالأيدي.

رسالة تهنئة من خُرَّم إلى زيغمونت بتوليه العرش عام 1549.

الاشتباك المعروف، والأخير، ألحق أضرارًا جسدية بخُرَّم، وكان وراء نفي السلطان لـ”ماه دوران” إلى اماسيا مع ابنها، أكبر أبناء القانوني، مصطفى؛ رغم أن هذا النفي قُدّم بوصفه إجراءً بروتوكوليًا معتادًا لتجهيز مصطفى لولاية العهد.

برحيل منافستها، باتت خُرَّم توسع نفوذها، ومارست خلال ولاية زوجها السلطان سليمان أدوارًا سياسية تفصح عنها مراسلاتها مع زعماء العالم آنذاك، وازداد موقعها أهمية مع تقديمها ستة أبناء للسلطان: الأميرة مهرماه، وسليم الثاني، وشاهزاده بايزيد، وشهزادهعبدالله، وشهزادهجيهانغير، وشهزاده محمد.

إتهامات تاريخية

يدافع بعض المؤرخين عن السلطانة خُرَّم باعتبارها راعية للكثير من الأوقاف الخيرية ، ولوقوفها خلف زوجها الذي بوأته إنجازاته موقعًا فريدًا في سلسلة السلاطين العثمانين؛ غير أن مؤرخين آخرين يحمّلونها مسؤولية أحداث دموية وسياسية ضخمة ضمن مفهوم “سلطنة الحريم”.

إعدام ولي العهد

يتهم بدورها في تحريض السلطان على ابنه وولي عهده مصطفى لإفساح الطريق لابنها سليم صوب العرش العثماني. وساعدها في ذلك زوج ابنتها محرمة، الصدر الأعظم رستم باشا، الذي انتهز فرصة قيادة مصطفى لإحدى الحملات العسكرية إلى بلاد فارس ليكاتب السلطان بأن ابنه، بمساعدة من العسكر المعجبين به، ينوي الانقلاب عليه. عام 1553، سافر السلطان إلى فارس، واستدعى ابنه إلى خيمته، ليتم خنقه فور دخوله بخيط من الحرير وفقًا للتقاليد العثمانية في إعدام الشخصيات المهمة.


خُرَّم كما تخيلها رسام في لوحة من القرن الثامن عشر.

وكتب سفير النمسا في بلاط القانوني، الذي ألف كتابًا عن الدولة العثمانية طبع عام 1633 ، يمتدح السلطان العثماني ويعدد مزاياه قبل أن يتطرق إلى حادثة قتل ولي العهد؛ يقول:

.. ولكنه كان مغرمًا بزوجته وحبه المتزايد لها جعله يقتل ابنه مصطفى. وحتى هذه النقيصة تنسب عادة إلى غلبتها عليه بجمالها الخلاّب وإكسير الحب. ومن المؤكد أنه بعد أن اختارها لتكون زوجته الشرعية لم يلامس أية امرأة أخرى مع أن شريعتهم لم تمنعه من ذلك.

أعمال خيرية

استثمارًا لموقعها النافذ، قدمت خُرَّم العديد من الأوقاف والمنشآت الخيرية في العاصمة العثمانية، كما ولكونها زوجة خليفة المسلمين فقد شملت أعمالها مكة المكرمة والقدس.

من أوائل أعمالها، مسجداً ومدرستين قرآنيتين ومستشفى نسائي في إسطنبول، إضافة إلى حمام لخدمة المصلين في آيا صوفيا.

وفي القدس، ما يزال الوقف الذي دشنته روكسلانا عام 1552 يقدم خدماته إلى الفقراء، ويعرف اليوم باسم “خاصكي سلطان” إشارة إلى اللقب الفخري للسلطانة خُرَّم. “وفي شهر رمضان بالذات يظل لهذا المعلم التاريخي والحضاري حضور وعطاء خاصين حيث يتوافد الفقراء واليتامى والمساكين وعابري السبيل بكثافة للتزود بوجبات الإفطار”[9]

الوفاة

توفيت خُرَّم في 15 نيسان 1558، ودفنت في ضريح مقبب يتبع للمسجد السليماني، وقد دفن زوجها السلطان لاحقاً قريباً منها.