مهندسان غزّيّان يبتكران حجراً بلاستيكياً الأول من نوعه عربياً .. ضمن أفضل 100مشروع على مستوى العالم

"مجلة جنى" تمكن المهندسان أيمن عاشور وأحمد الجدبة، كلاهما (24 عام)، من صناعة حجر بناء من مخلفات البلاستيك، وهو الأول على مستوى الوطن العربي .

“أيسر” هو حجر بلاستيكي بديل عن أحجار الريبس التقليدية المصنوعة من الإسمنت والحصمة، ويتميز بخفة وزنه، إذ يقل عن الأخير وزناً بنسبة 60 في المئة، الأمر الذي يوفر على مستخدمه من 15 – 20 في المئة  من تكلفة البناء.

وفي هذا السيّاق، قال أيمن عاشور خريج الهندسة المدنية من الجامعة الإسلامية بغزة عام 2016 لـ “المشرق نيوز” :” كنت أفكر وزميلي أحمد الجدبة في فكرة غير مألوفة لمشروع التخرج، وتسهم في حل مشكلة قائمة بقطاع غزة، فوجدنا مشكلتين بغزة ، الأولى هي مخلفات البلاستيك، والثانية هي تكاليف البناء المرتفعة”.

ويبلغ وزن حجر أيسر كيلو ونصف جرام وثمنه ثلاثة شواكل ، أما حجر الخرسانة فوزنه يترواح من 17 – 20 كيلو جرام  وثمنه ثلاثة شواكل.

وأضاف :”يوفر حجر أيسر من 15 – 20 في المئة من التكلفة الكلية للبناء ؛ لأن استخدام حجر أيسر سيخفف من وزن السقف، وكلما نقص وزن الأخير ؛ قل عدد الأعمدة وحجم قواعد البناية” .

وتابع:” وفي حال استخدام حجر أيسر فإن المسافة بين الأعمدة تصل إلى تسعة متر، أما في حال استخدام حجر الخرسانة؛ فإن أقصى مسافة بين الأعمدة هي خمسة أو ستة أمتار”.

وعن البداية، قال عاشور:” مررنا بحالات أمل وإحباط، بدأنا نبحث عن معلومات خاصة لمشروع التخرج مدة شهرين ونحن في السنة الدراسية الرابعة في الجامعة عام 2015، وثم وجدنا أن تكلفة الإنتاج لحجر أيسر هي عشرة آلاف دولار، ونظراً لذلك تركناه ونفذنا مشروع أخر”.

وتابع:” وبعد التخرج، بقيت الفكرة في رأسي، وبالصدفة وجدت إعلان لمشروع مبادورن 3، فقدمت طلب التحاق، وكان هناك ثمانية آلاف طلب لمشاريع مختلفة، ثم تم تقليصهم إلى 120  تقريباً بناءً على معايير حاضنة الأعمال والتكنولوجيا، ثم التحقنا في دورة إدارية تنموية بالحاضنة لمدة ثلاثة أيام ، ومن ثم تم تصفيتنا إلى 45 مشروع، ومن ثم اختاروا 20، وكنا منهم”.

الجدير بالذكر أن “مبادرون 3” هو مشروع تنفذه حاضنة الأعمال والتكنولوجيا بالجامعة الإسلامية بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي “”UNDP، ومؤسسات محلية أخرى ؛ لتحويل الأفكار الريادية إلى الشركات ناشئة، من خلال دعم مالي يتروح من 4 – 6 آلاف دولار أمريكي، بالإضافة لدورات مختصة في الإدارة والتسويق وغيرها، كما وتوفر لهم مكاتب ليتابعوا أعمالهم .

وأردف عاشور:” قدمت لنا حاضنة الأعمال والتكنلوجيا أربعة آلاف دولار، ورغم  ذلك ظلت هناك مشكلة لأن تكلفة المشروع هي عشرة آلاف دولار، فدفع شريكي أحمد الجدبة ألف دولار، وقمت بدفع خمسة آلاف دولار وهم مهر العروسة ، ونفذنا المشروع”.

وتجدر الإشارة إلى حجر أيسر يمر بثلاث مراحل، الأولى هي جمع المادة الخام “مخلفات البلاستيك”، وغسلها بواسطة آله مختصة، والمرحلة الثانية هي إذابة المادة الخام وصبها في قالب، والمرحلة الثالثة هي تبريد حجر”.

وقال عاشور:”تمكنّا من تنفيذ المشروع، وذهبنا إلى شركات المقاولة المحلية لنعرض عليهم الحجر، فكانت شركة مرتجى  حسونة للمقاولات المحلية تريد أن تنفذ مشروع بناء مدرسة المتنبي في محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة لـ ” “UNDP ، وكانت المدرسة ثلاثة طوابق، كل طابق 1200 متر، وبالفعل وافقت الشركة بعد عرض الحجر على مهندسي الـ”UNDP”، وقمنا بتوريد 21 ألف حجر بلاستيكي إليهم”.

بدوره، قال المهندس أحمد الجندبة صاحب مشروع أيسر لـ “المشرق نيوز” :” ليس لدينا خط إنتاج، واستأجرنا مصنع لأحجار البناء لتنفيذ طلبية الـ “UNDP””.

وأشار الجدبة إلى أنهم نفذوا طلبيتين فقط، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها قطاع نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض عليه من قبل إسرائيل منذ أحد عشر عام، بالإضافة لتأثير الأزمة الخليجية وحصار قطر على توقف مشاريع البناء، نظراً لأن قطر كانت تمول الأخيرة. ناهيك عن أن الناس تخاف من تجربة أي شيئ جديد.

يذكر أن السعودية ومصر والإمارات واليمن وجزر المادليف قاموا بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر ، نتيجة الأزمة الخليجية التي بدأت في الخامس من يونيو/حزيرن ؛ بسبب بث وكالة الأنباء القطرية تصريحات لأمير قطر يعادي فيها ما أسماه “المشاعر المعادية لإيران”، وقالت قطر أن وكالة أنباءها تعرضت للاختراق .

وعن جودة حجر أيسر، قال الجدبة :”إنه لا يتأثر بالعوامل الجوية، لأنه مغمور بالاسمنت لأنه بالأساس لا فائد له في المبنى إلا لسد الفراغ في اسمنت السقف، إلا أنه لا يمتص الماء كالخشب، ووزنه خفيف”.

وأشار الجدبة إلى أن المواد البلاستيكية الخام متوفرة بكثرة في غزة، إذ ينتج القطاع يوميا 172 طن من البلاستيك .

وأضاف :”في حال تحسنت الظروف في غزة، نتوقع أن ينتشر الحجر بشكل أكبر من حجر الخرسانة ؛ لأن ثمن البلاستيك رخيص جداً، وإعادة تدويره غير مكلفة، وهذا يعطيه مميزان أكثر من حجر الخرسانة”.

ويسعى المهندسان إلى السفر إلى تركيا أو الإمارات للمباشرة في تنفيذ مشروعهم على نطاق واسع، وقال الجدبة :”نريد أن نبدأ مشروعنا هناك لحين أن تحل مشاكل قطاع غزة”.

ولفت إلى أنهما يريدان أن ينشئا أول شركة تختص بالصناعات البلاستيكية على مستوى الوطن العربي.

وتم اختيار مشروع أيسر في 2016 من ضمن أفضل ألفي مشروع  من أصل 40 ألف مشروع  في مسابقة نجوم العلوم التي تقام كل عام في قطر .

وفي هذا السّياق، يقول المهندس أيمن عاشور لـ “المشرق نيوز” :” بعد أن تم قبول مشروع أيسر في نجوم العلوم، أرسل المشرفون على المسابقة التأشيرة إلي، وعندما وصلت إلى الجانب المصري، تم حجزي إحدى عشرة ساعة ؛ لأني أريد أن أذهب إلى قطر”، واستدرك :”حينها منعت السلطات المصرية من يريدون السفر إلى تركيا والجزائر وقطر والسعودية، وأعادوا إلى غزة 21 مسافر”.

وبعد ذلك، سجل المهندس عاشور في فعاليات “ستارتب اسطنبول”، ونجح في مقابلتين أون لاين عبر الإنترنت، وتم اختيار مشروع أيسر ضمن أفضل 100 مشروع على مستوى العالم، وأرسل القائمون على فعالية “ستارتب اسطنبول” دعوة سفر لعاشور؛ لكن إغلاق معبر رفح المتكرر منعه من السفر .

بدوره، قال الدكتور سمير شحادة الأستاذ المشارك في كلية الهندسة في الجامعة الإسلامية بغزة لـ “المشرق نيوز” :”إن المواد المستخدمة في الحجر جعلته أخف وزنا من حجر الخرسانة، وهو إضافة جديدة في مجال البناء”.

وأشار إلى أن انتشار حجر أيسر مرهون بجهود المهندسين التسويقية، بالإضافة لسعره مقارنة بحجر الخرسانة .

وأضاف:” في حال أردت أن أبني بيتا جديدا، سأستخدم حجر أيسر إن كان سعره أقل من نظيره الخرسانة “.

من جهته، قال منسق حاضنة الأعمال والتكنلوجيا أشرف حجازي لـ “المشرق نيوز” إن مشروع أيسر ساهم في حل مشكلة بيئية سيّما أن المخلفات البلاستيكية لا تتحلل”.

وأشار إلى أنهم يسعون إلى دعم المشاريع التي تسهم في حل مشاكل قطاع غزة .

 ويعاني قطاع غزة من حصار إسرائيلي خانق منذ أحد عشر عام، ومن إغلاق معبر رفح المتكرر، الأمر الذي حد من حركة الأفراد والبضائع من وإلى القطاع .