مشروع حياة: التمكين الاقتصادي لمواجهة العنف

"مجلة جنى" لم تتردد السيدة (أم ميرفت) اسم مستعار في التوجّه إلى مشروع حياة لحماية وتمكين النساء المعنّفات من أجل المطالبة بإنقاذها من واقع العنف الذي كانت تعانيه منذ سنوات لتحصل على الطلاق ومن ثم تواجه واقعًا صعبًا مفاده حاجتها إلى الإنفاق على نفسها.

تقول السيدة الأربعينية إنها بعد أن تلقّت الدعم النفسي والاجتماعي اللازم انخرطت في دورة تدريبية حول التصنيع الغذائي ينفذها المشروع، ثم تم اختيارها هي وأربع نساء أخريات لديهن ذات المعاناة للعمل في مشروع إنتاجي ضمن المشروع، ويجري حاليًا تدريبهن ليكونوا مدربات ينقلن خبرتهن لغيرهن من النساء.

جولة في أروقة المشروع الذي يقع مقرّه في شارع الجلاء بمدينة غزة، تشعر الزائر بحالة الهدوء النفسي التي يوفرها المبنى المكوّن من ثلاثة طوابق، أحدهما للإدارة والثاني لاستقبال النساء والثالث طابق بأكمله هو قسم المبيت الذي يضم جناحين مكتملي الأثاث.

عودة إلى السيدة أم ميرفت والتي كانت تعدّ مجموعة من الوجبات تستعد لتسويقها برفقة زميلاتها فقالت غنها تلقت تدريبات مكثفة في مجال التصنيع والدعاية والتسويق، وهي ترى أن المرأة التي تعتمد على نفسها أكثر قدرة على تخطي وتجاوز الأزمات.

السيدة أم ميرفت واحدة من عشرات النساء اللواتي يتلقون خدمات الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني من مشروع حياة أحد برامج مركز الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة، تأسس عام 2011 استقبل بعد العدوان الأخير على قطاع غزة عشرات الحالات الجديدة، إضافة إلى 156 حالة خلال عام 2017 فقط، فضلاً عن عشرات الحالات من الاستشارات الهاتفية.

تقول تهاني قاسم مركز حياة منذ تأسيسه يعمل على حل مشاكل النساء المحتاجات لتدخل طويل المدى، على الصعيد النفسي والاجتماعي والقانوني إضافة إلى الإحالة إلى المؤسسات الصحية والنفسية المعنية، ومن خلال التواصل مع كل أطراف المشكلة، قبل الاحتياج إلى التدخل القانوني، والانتباه إلى الحاجة للدعم النفسي والاجتماعي، كي تكون الرعاية شاملة.

وقالت قاسم بأن أهم أقسام المركز وهو قسم الإيواء المخصص للنساء المعنفات المهددات، لا يعمل بسبب عدم الحصول على ترخيص من قبل الحكومة منذ العام 2011، رغم وجود قسم متكامل مكتمل التأثيث، مع وجود حراسة وكاميرات مراقبة تكفل سلامة المكان.

وأوضحت أن المركز أصبح يقدم خدمة التمكين الاقتصادي وهو مشروع بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبتمويل من الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي، لأن ترك النساء بعد التدخل النفسي والقانوني للوضع الاقتصادي السيء يجعل المشكلة تراوح مكانها، مضيفة أن مشروع التمكين الاقتصادي الذي يعملون عليه حاليًا سينفذ لاحقًا تدريبات مكثفة للنساء الخمس من أجل نقل تجاربهن لغيرهن من النساء اللواتي تعرضن لتجربة العنف.

لكن قاسم أوضحت أن العمل في قسم المبيت ما زال معطلًا رغم جهوزية المكان، بسبب أزمة انقطاع التيار الكهربائي التي يمكن أن تتسبب في توقف كاميرات المراقبة ولو مؤقتًا وارتفاع ثمن البدائل كالسولار وألواح الطاقة الشمسية، وهذا يعني أن عمل القسم مرهون بتوفير هذه البدائل وزيادة عدد الطاقم على مدار الساعة.

أما الأخصائية النفسية سمر قويدر والتي تستقبل الحالات بشكل يومي، فتقول إنها تعمل بداية مع النساء حيث عادة يعانين مجموعة من الضغوطات النفسية ومشاكل في العلاقات الاجتماعية والتوتر الزائد الناتج عن الضغط النفسي، إضافة إلى العزلة والانطواء وقلة النوم واضطرابات ما بعد الصدمة.

وأضافت قويدر إنها تعمل معهن على صعيد التعرف على المشكلة وبناء الثقة ومن ثم تشخيص طبيعة الأعراض التي تعانيها ووضع آليات التدخل سواء بالعلاج السلوكي أو المعرفي، ثم تدخل اجتماعي بالتعاون مع الأخصائية الاجتماعية عند استدعاء أطراف المشكلة.

عودة إلى منسقة المشروع تهاني التي أكدت أن المشروع يهدف إلى حماية النساء من العنف المبني على النوع الاجتماعي، ويعمل أيضاً على تشجيع علاقات اجتماعية خالية من العنف؛ وحماية النساء والفتيات والأطفال ضحايا العنف.

وتابعت قاسم بأن المركز يستقبل حالياً الكثير من حالات العنف والخلافات العائلية الناتجة عن سوء الوضع الاقتصادي والاجتماعي والحصار الخانق، مؤكدةً أن الاعتداءات الثلاث التي شهدها قطاع غزة، أدت كذلك إلى تفاقم العنف ضد النساء.

الناظر لحال النساء في قطاع غزة، يدرك أهمية الجهود التي تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني، ما يفرض على الجهات المتنفذة في صنع القرار تقديم التسهيلات لا وضع المزيد من التعقيدات.

المصدر: شبكة نوى