"مجلة جنى" عندما فازت السيدة فريال الحمايدة بمقعد رئيس الملتقي البلدي في مدينة رفح جنوب قطاع غزة؛ ثار ضدها الكثيرون زاعمين أن النساء لن تتمكن من تولي مثل هذه المواقع الذكورية، موقفٌ صدم الحمايدة خاصة وأنه يأتي بعد أكثر من 25 عامًا من جهد متواصل للمؤسسات النسوية التي سعت لتغيير هذه النظرة منذ بداية قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية.
رفض ومناهضة
تشرح الحمايدة ما حدث معها لنوى بأن الملتقى الذي تشكّل من مجموع 14 مجلس حي في مدينة رفح تقرر بعد نقاش طويل أن يتم حسم الفائز وفقًا لمن يحقق الأصوات الأعلى في الانتخابات، وحين فازت عادوا للاعتراض وطلبوا باجتماع الرجال الأربعة ليكون أحدهم رئيسًا والحمايدة نائبًا له رغم أنها الفائزة.
ما عانته الحمايدة في تجربتها تطرح سؤالًا مهمًا حول الطريقة التي تتعامل بها بلديات قطاع غزة الـ 25 مع النساء المتطوعات في المجالس المحلية ولجان الأحياء، وإن كان هناك إيمان حقيقي بأهمية مشاركتهن في وضع أجندات العمل والمهمات التنفيذية، أم أن هذا التواجد “ديكوري” بغية إرضاء الممولين الذين يشترطون تمثيل النساء، سؤال طرحته نوى على نساء خضن التجربة.
عودة إلى قصة الحمايدة إذ رفض الرجال منذ البداية ترشحها لهذا الموقع، لكنها تمسكت بحقها حتى النهاية، موضحة ان هناك نوع من المماطلة في تنفيذ التوصيات وهم يخضعوا لرغبات المؤسسات الداعمة عند إشراكهم للنساء وليس من منطلق القناعة بأهمية دورهن.
مشروع تمكين
وكان المجلس النرويجي للاجئين نفذ مشروعًا بعنوان “النزوح الحضري خارج نطاق المخيمات”، من أبرز أهدافه إشراك النساء في الهيئات والمجالس المحلية للبلديات في قطاع غزة، إذ تم اختيار 17 من أصل 25 بلدية للعمل معها بعد تزويد النساء بالتدريبات اللازمة في كتابة المشاريع وتنسيقها، والإسعاف الأولى، إضافة غلى التعاون مع مؤسسة فلسطينيات وائتلاف أمان في تدريبهن على كيفية مناهضة الفساد، إلا أن هذه التجربة شابتهاش بعض المعوقات لأسباب اجتماعية.
واقعٌ أكدته فداء أبو حدايد عضو المجلس المحلي لبلدية الفخاري وبيّنت انه في كثير من لأحيان يتم اتخاذ قرارات دون مشورة النساء، فهم يتعاملوا معهن حسب رغبة الممولين، فعندما يتشرطوا إشراك النساء فقط يتم إشراكهن.
وتوضح أبو حدايد إن أكثر المهمات التي تشارك بها النساء متعلقة بجهود التوعية والتثقيف في المنطقة وبعض النشاطات العامة، مضيفة إنهم طلبوا أكثر من مرة موعد من رئيس البلدية لمناقشة أمور مهمة وحتى اللحظة لم يتمكنوا من التقائه، إذ هناك إهمال واضح للنساء في الملتقيات، على الرغم من أن الكثير من القضايا المهمة تتمكن النساء من إنجازها بشكل أفضل خاصة تلك المتعلقة بالتواصل المباشر مع ربات البيوت.
أما فريال زعرب عضو المجلس المحلي في رفح فأكدت أهمية مشاركة النساء في المجالس المحلية، فهن يشكلن الآن ما بين 20-30%، إلا أن الكثير من البلديات ما زالت تتعامل مع الأمر باعتباره أمر واقع رغم وجود نساء صاحبات خبرة متنوعة في شتى المجالات.
عن أبرز المشاكل التي تواجه المتطوعات توضح إن تجديد التطوع يمثل أحد المعوقات إضافة إلى عدم تزويدهن بالحوافز اللازمة للاستمرار مثل صرف بدل المواصلات، مشددة على ضرورة استمرارهن في هذا العمل نظرًا لأهميته باعتباره حلقة الوصل بين المواطنين والبلديات.
معوقات
هلا رزق، المنسقة السابقة لمشروع المجلس النرويجي للاجئين قالت إن فكرته نبعت بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وملاحظة شكوى النساء النازحات من قصور تلبية المساعدات لحاجاتهن وأولوياتهن، مضيفة أنه تم التركيز على تدريب النساء والأطفال من ناحية الجهوزية في الطوارئ وإشراك النساء في الدور السياسي المتعلق بصناعة القرار.
وأضافت رزق أن النساء اللواتي تم تدريبهن في إطار المشروع واجهن الكثير من المعوقات خاصة في المناطق الحدودية والمهمشة حيث يغلب الطابع الذكوري على عمل البلديات حتى في المسائل الخدماتية المتعلقة بالنساء.
وذكرت أنهم عملوا على حل المشاكل التي ظهرت بمواصلة التدريبات للجنسين والتوسط لحل الخلافات، وعدّت أن هناك بلديات يعتبر مشاركة النساء فيها إنجاز حقيقي حيث كان مثار استهجان في بداية الأمر، لكن بالجهود المتواصلة حافظت النساء على دورهن.
ما تم طرحه يؤكد أن مشاركة النساء جاءت استجابة لطلب الممولين وهذا يعني أن النساء ما زالوا يواجهن مشاكل حقيقية تعيق قدرتهن على تنفيذ البرامج والاقتراحات اليت من أجل شاركن، وهذا يعني ليس فقط ضرورة التوسع في إشراك النساء بل أيضًا العمل مع الرجال بشكل أفضل ليؤمنوا بأهمية العمل التشاركي.