الكاتب حسن البطل .. شخصية العام الثقافية 2018

"مجلة جنى" أعلن وزير الثقافة د. إيهاب بسيسو، أمس، عن الكاتب والإعلامي الزميل حسن البطل شخصية العام الثقافية للعام 2018، وذلك خلال إطلاقه فعاليات يوم الثقافة الوطنية لهذا العام، من قصر رام الله الثقافي.

وقال بسيسو في تسويغ اختيار البطل شخصية العام الثقافية: "إن اختيار الكاتب المبدع القدير حسن البطل شخصيةَ العام الثقافية يأتي لكون سيرته ومسيرته تعكس الكثير من المعاني التي تشكل مفاصل حياة الكثير من الفلسطينيين، كالنكبة، واللجوء والمنفى، والعودة، والأمل، وكل شيء يحرص شعبُنا على تدوينه كي يبقى شاهداً ووثيقة.

وأضاف بسيسو: لماذا حسن البطل؟ لأن البدايات تحمل سيرة المكان الأول، ولأن المسيرة لم تنفصل عن الجغرافيا، بل استعانت بالتاريخ والذاكرة الشخصية كي تصون بقاء الرواية في الكتاب اليومي للحياة، ولأن العودة مزيج تقشف وثراء، فهي صورة حاضر هش لامسه هواء البلاد فانتفض وصار حصاناً مجنحاً يجوب فضاءات الأمكنة رغم قيد خفي في معصم الروح.

وتابع: لماذا حسن البطل؟ لأن الكتابة لا تعرف المستحيل، ولا تتقهقر أمام شكل محدد من أشكال الإبداع، فهي فعلُ التواصل الذي يجعل المعنى ممكناً كما ضاقت الطرق على الأحلام. هي الشعرية المتدفقة في السرد، وهي السرد المشغول باليومي، وهي اليومي الطالع من نبض الأمكنة يجمع تدفق الروح في مقالات هي الإرادة والأمل وإصرار متقن على ترويض المستحيل.

وشدد بسيسو: اقرؤوا حسن البطل كما كنتم تقرؤونه في المنفى وحين عاد، اكتشفوه مرة أُخرى في براعة النص المتجدد أملاً وحياة، اكتشفوا في لغته عالماً خصباً يعج بالتفاصيل .. تفاصيل بلاد شقتها العواصف على أرصفة المنافي، واحتلتها بنادق الغرباء لتَنبت من خوذات المستعمر معتقلاتٌ وجدران. لكن البلاد لم تستسلم لجنونٍ عابر في مفردات الحكاية، بل قاومت وتقاوم وناضلت وتناضل، ولم تُهزم .. لن تُهزم.

اقرؤوا حسن البطل، لتستعيدوا قبس الضوء من ضباب عابر تشكل في ازدحام الطرق بصخب الحواجز وجنود كسالى في أبراج الحراسة، وعند مداخل المدن والقرى والمخيمات، اقرؤوه لتستعيدوا في الكلمات سر البساتين البعيدة حيث الحكايات الخفية مزيج بلاد وموسيقى .. اقرؤوا حسن البطل لتكتشفوا مرايانا، كم هي متعبة ومرهقة ذواتنا في المرايا، وكم هي مشرقة حين يلتقط حسن البطل صورة من صورنا اليومية ليوجه إليها الضوء فنعود مرة أخرى للأمل، وإن كان بسيطاً ومحدوداً ومتقشفاً كما الوقت.

"لماذا حسن البطل؟ لأن الحكاية التي وُلدت من قسوة كارثة بعيدة، وامتزجت بسيرة طفل أبصر النور في طيرة حيفا قبل أن يصبح لاجئاً في المنفى لم تمت، ولأن حيفا رمز من رموز الحكاية، ولأن الحكاية صارت أسماء وجغرافيا وشهداء ونشيداً يواجه نكبة البلاد والمنفى، ولأن المنفى لم يَهزم الحكاية بل خجل من مفرداتها حين تبعثرت المدينة، وصار المخيمُ شاهداً ووثيقة، ولأن سبعين عاماً ما زالت تذكرنا بما كنا قبلها، وكيف صرنا بعدها، وماذا سنصنع غداً، فإن حسَن البطل، هذا الجسد المشدود كوتر قيثارة، المشحون كمجاز ثري في نص الحكاية يختصر سيرةَ الوطن الذي لم يذب في النسيان، حين ظن صانعو العدوان أن أهل البلاد سينسون ويكبرون بعيداً عن جذر الحكايات".

وأكد بسيسو: حسن البطل واحدٌ من هؤلاء الذين لم ينسوا، وواحدٌ من هؤلاء الذين كتبوا، وواحدٌ من هؤلاء الذين لم يكسرهم المنفى، ولم ينل منهم اليأس، بل هو المثقف والكاتب الذي يعِد بالأمل، هذا الأمل الذي يُطل من "أطراف النهار" عبر صفحات "الأيام"، ليصبح دليلاً إضافياً أننا ما زلنا نحيا رغم جراح غائرة ومناف وقسوة في مفردات الحاضر.

وختم: ما زلنا نحيا، ونصنع الابتسامة، فلحسن البطل شخصية العام الثقافية للعام 2018 كل التقدير منا لما قدمه ولا يزال يقدمه لفلسطين والثقافة الفلسطينية، فحضورُه يتجاوز المفهوم الضيق للفعل الثقافي إلى صورة المثقف الأكثر اتساعاً من تعريف محدد، فهو امتدادُ سيرة وحياة .. حين نعلن حسن البطل شخصية العام الثقافية فإننا نقدم شهادةً واسماً من أسماء الحكاية لجيل جديد من أبناء فلسطين، علنا نهزم صمت الخزان ونحن نقرع جدران العزلة، كي يُطل الغد من بين أصابع الشباب، وهم يستندون في مسيرتهم لسيرة المناضلين الأوفياء، كاشفاً عن إطلاق أعمال حسن البطل في معرض فلسطين الدولي للكتاب، في أيار المقبل على أرض المكتبة الوطنية الفلسطينية، بالتعاون مع المكتبة الوطنية، ليكون الحضور متمماً للانطلاق اليوم .. يوم الثقافة الوطنية.

ووصف البطل تسميته بشخصية العام الثقافية بـ"المفاجأة غير المتوقعة، خاصةً أن من سبق وحصلوا على هذا اللقب جُلهم يعملون بشكل مباشر في حقل الثقافة" .. وقال: هذه المرة الأولى التي يسمى فيها كاتب عمود يميل نحو الثقافة، ونحو الفلك، والسير الذاتية، وغير ذلك، وهذا يدعوني لتوجيه الشكر لمن اختاروني شخصية العام الثقافية للعام 2018"، لافتاً إلى أنه "منذ عامين تقريباً بات لدينا وزارة ثقافة ذات طابع مؤسساتي على أرض البلاد".

وشدد البطل على حقيقة أن "الثقافة مقاومة، ونحن الشعب العربي الوحيد الذي كرَّم مؤسس الوطنية الفلسطينية، وكرَّم شاعره القومي"، ويعني الرئيس الشهيد ياسر عرفات والشاعر محمود درويش.

البطل من مواليد طيرة حيفا في 14 تموز 1944، واجتاز مراحله المدرسية الأولى في دوما بالعاصمة السورية دمشق، وحصل على درجة الماجستير من الجامعة نفسها العام 1968، في الجغرافية الجيولوجية.

وعمل البطل محرراً يومياً في إذاعة فلسطين بالعاصمة العراقية بغداد، وكاتباً لتعليق يومي ما بين العامين 1972 و1994، وطُرد من عمله بسبب خلاف سياسي على برنامج منظمة التحرير الفلسطينية المرحلي.

وانضم إلى هيئة تحرير مجلة "فلسطين الثورة" في العاصمة اللبنانية بيروت، محرراً للشؤون العربية، ومن ثم للشؤون الإسرائيلية، كما كتب فيها مقالة أسبوعية بعنوان "فلسطين في الصراع"، ومقالة يومية في جريدة "فلسطين الثورة" بعنوان "في العدو"، واستمر كذلك حتى الخروج من بيروت.

وعاد البطل إلى فلسطين العام 1994، والتحق بهيئة تحرير "جريدة الأيام" اليومية الفلسطينية بمدينة رام الله، ومنذ تأسيسها في 25 كانون الأول من العام 1995، ويكتب فيها عموده اليومي "أطراف النهار"، وبشكل يومي حتى شباط من العام 2016، حيث باتت تظهر "أطراف النهار" ثلاث مرات في الأسبوع.

ونال البطل جائزة فلسطين في المقالة العام 1988، حين كان الشاعر محمود درويش رئيساً للجنة التحكيم، كما حصل على وسام ودرع اتحاد الصحافيين العرب في القاهرة العام 2015، بمناسبة اليوبيل الذهبي للاتحاد.