%15.5 فقط من السير الذاتية على «ويكيبيديا» عن النساء

"مجلة جنى" تعتبر «ويكيبيديا - Wikipedia» هي الموسوعة الأكبر والأشهر في عصرنا الإلكتروني، وهي تتمتّع بميزة إستثنائية لكونها مفتوحة المصدر؛ أي بإمكان أي مستخدم على الإنترنت المشاركة في صناعة موادها وتحريرها.

ولكن بالرغم من إتاحة فرص التحرير أمام الجميع، تم رصد فجوة جندرية/جنسية كبيرة في التحرير والتمثيل على حدّ سواء، حيث تشير إحصاءات أجريت عام 2013 أن المحررات النساء لا يتعدين نسبة 16.1% من مجموع محرري ويكيبيديا (الإنجليزية)، كما أن 15.5% فقط من السير الذاتية التي تحتويها «ويكيبيديا» هي عن النساء.

وبحركات مثل «#MeToo - أنا أيضا»، بدأ الرأي العام العالمي، مؤخرا، في تسليط الانتباه بشكل متزايد إلى التمييز المنهجي الذي يواجه النساء في عدد من المجالات المهنية، بدءا من هوليوود، والصحافة، إلى البنوك والحكومة والوزارات.

وفي تقرير على موقع «PBS News» الأمريكي، جاء أن التمييز هو أيضا مشكلة في المواقع التي تعتمد على المستخدمين، مثل ويكيبيديا.

و«ويكيبيديا» هو الموقع الخامس الأكثر شعبية في جميع أنحاء العالم.

وفي يناير/كانون الثاني، امتلكت النسخة الإنجليزية من الموسوعة على الإنترنت أكثر من 7.3 مليار مشاهدة وتصفُّح لصفحاتها، وهي نسبة تبلغ أكثر من 2000% من المواقع المرجعية الأخرى على الإنترنت مثل «IMDb» أو «Dictionary.com».

وأشار الموقع الأمريكي إلى أن حجم حركة المرور والمشاهدات على موقع «Wikipedia - ويكيبيديا»، إلى جانب دمجها في نتائج البحث والمساعدات الرقمية مثل «Alexa» و«Siri»، يجعل «ويكيبيديا» مصدر المعلومات الأكبر والأكثر استخداما على الويب.

وحتى موقع «YouTube» قد أعلن مؤخرا أنه سيبدأ في تضمين روابط «ويكيبيديا» أسفل مقاطع الفيديو المنوطة بالموضوعات التي تعتبر محل خلاف وجدل كبير.

وعلى الرغم من كل تلك الأرقام، والقاعدة الجماهيرية الضخمة حول العالم، لكن تم التوصل إلى أن المحتوى الخاص بالنساء، أقل من المتوقع بشكل صادم.

بفضل مجموعة تضم أكثر من 33 مليون من المحررين المتطوعين، يمكن تحديث محتوى «ويكيبيديا» على مدار الساعة تقريبًا، وهذا يجعله مصدرا رئيسيا للأحداث الحالية والثقافة الشعبية والرياضية ومواضيع أخرى متطورة بشكل متلاحق.

لكن نظام الاعتماد على المتطوعين يؤدي إلى اقتراف تحيزات مقصودة وغير مقصودة، سواء في إنشاء المحتوى أو تحسينه، وقد قدرت دراسة أجريت عام 2013 أن النساء يشكلن 16.1% فقط من إجمالي قاعدة محرري ويكيبيديا.

ويعتقد المؤسس المشارك لـ «ويكيبيديا»، «جيمي ويلز» أن هذا العدد لم يتغير كثيرا منذ ذلك الحين، رغم العديد من الجهود المنظمة.

وإذا لم تقم النساء بتحرير المواضيع ذات الاهتمام المشترك بين بنات جنسهن على «ويكيبيديا»، بنفس المعدل مع الرجال، فإن الموضوعات التي تهم المرأة معرضة لتلقي تغطية منخفضة بشكل غير متناسب.

ووجدت إحدى الدراسات أن تغطية «ويكيبيديا» للنساء كانت أكثر شمولاً من الموسوعة البريطانية على الإنترنت، لكن الإضافات التي تمت لسير النساء البارزات الذاتية عبر التاريخ، لا تزال تشكل أقل من 30% من تغطية السير الذاتية.

وكثيرا ما تتصل الإدخالات المتعلقة بالمرأة بالمدخلات على الرجال أكثر منها على العكس، ومن الأرجح أن تتضمن معلومات عن السيدات فيما يتعلق غالبا بالعلاقات الرومانسية والأدوار الأسرية فقط.

ولكن الرد الرسمي للقائمين على القاعدة المعلوماتية الأشهر، يشير دوما إلى تبرير أن السير الذاتية الخاصة بالنساء البارزات في المجتمع والمجالات العلمية بأنواعها، لم يتم تدوينها على مدى تاريخ كان يتعامل معها بشيء من التمييز والاضطهاد وعدم الاعتراف، وهو ما يؤدي لصعوبة التأكد من محتوى المعلومات المتداولة عنهن بحيث يتم إرفاقها ونشرها على الموقع.

وتقلّ الصفحات التي تتناول سير ذاتية لنساء رائدات، حتى إذا ما عدنا إلى ما قبل القرن العشرين، فلن نجد سوى صفحات معدودة عنهن.

ويطغى عليها الحديث عن تفاصيل حيواتهن الشخصية والعائلية، من دون عرض إنجازاتهن في المجالات السياسية والنقابية والإنسانية.

كذلك، يُلاحظ في السير الذاتية الخاصة بالنساء، تواتر معلومات حول أقاربهن الرجال من زوج وأب ووصي، يقابله تعتيم على نشاطهن المهني والإجتماعي.

كما أنهن يُنسبن، في مقدمات المقالات التي تتناول سيرهن، إلى أزواجهن، مع التركيز على أدوارهن داخل الأسرة.

وهذا بالطبع لا ينطبق على المقالات التي تتناول ذكورا، ولا ينطبق على «ويكيبيديا» الإنجليزية بقدر نسختها العربية.

وفي جولة في ويكيبيديا العربية، يلحظ المستخدم شدّة التغييب الذي لحق نساء عربيات فاعلات في مجال العلم والمسرح والموسيقى والنضال.

مضيفة أن المرء قد يظن أن قول «الرجال يكتبون التاريخ» لم يعد ينطبق على عصرنا الحالي الذي حررت فيه التكنولوجيا هذه الكتابة وأتاحتها للجميع لتعرض أمام الملايين عبر شبكة الإنترنت، موضحة أنه «سلاح» متاح للذكورية كما هو متاحة لمناهضيها، وللنساء على حد سواء.

وبحسب مقال سابق للكاتبة «يارا نحلة»، باسم «نساء ويكيبيديا.. وين الملايين؟»، قالت إن واقع «ويكيبيديا» هو «دليل على استمرار تغييب النساء عن التاريخ، فعلا وتوثيقا».

لافتة إلى أن التاريخ ما زال يُكتب ويقارب من وجهة نظر «رجالية»، حتى في «ويكيبيديا»، لكن هذه المرة تحمل النساء جزءا كبيرا من المسؤولية عن هذا الإقصاء، على حد تعبيرها.

 

المصدر الخليج الجديد