إنتاج العالم للنفايات 13 مليار طنًّا في 2050 و 8 مليارات عام 2025

خلال دراسة أممية تحت شعار "نحو اقتصاد أخضر" .. إنتاج العالم للنفايات 13 مليار طنًّا في 2050 و 8 مليارات عام 2025

"مجلة جنى" توقعت منظمة الأمم المتّحدة للبيئة "UNEP" من خلال دراسة أصدرتها بعنوان "نحو اقتصاد أخضر" أن تصل كمية النفايات التي يُنتجها العالم سنويًا ما يزيد عن 13 مليار طنًّا عام 2050، كما يتوقّع أن يصل إلى 8 مليارات ونصف المليار طن عام 2025، وقد تنخفض إلى نحو النصف إذا ما اعتُمدَت سياسة "الاقتصاد الأخضر".

وكان العالم ينتج سنوياً أكثر من 3 مليارات طنّ فقط من النفايات، وفق تقريرٍ صدر عن المنظمة ذاتها عام 2009، فيما بلغ مجموع النفايات في المطامر نحو 8 مليارات طنًّا عام 2011.

وكشفت المنظمة في دراستها عن سلسلة من العمليات والإجراءات المتنوعة التي لجأ إليها العالم، للاستفادة من تلك النفايات وإعادة تدويرها في صالح البيئة، خاصة بعد أزمة تفشي الكوليرا عام 2000 جنوب أفريقيا، إضافة إلى دور العلماء في إعادة تدوير الفضلات البشرية وكيف تمكنوا من إمكانية تناولها من جديد.

كما تمكنت الولايات المتحدة من إنتاج الطاقة من المطامر، واستطاعت السويد من استغلال 99% من نفاياتها وهو ما سيتم عرضه بالتفصيل.

طعام للحيوانات من المخلفات

بعد تفشي الكوليرا في عام 2000، قامت بلدية إيثكويني – التي تضم ديربان بجنوب أفريقيا – ببناء أكثر من 85,000 مرحاض جاف، تنقل البول إلى المناطق الريفية في ضواحيها، وتسرّب البول المنقول إلى الأرض، وطلبت السُّلطات من الأُسَر دفن المواد الجامدة في الأراضي المملوكة لهم، لكن عملية الدفن شكّلت عبئًا على القطاع السكاني المتزايد من كبار السن، كما ترتب على الكثافة السكانية الزائدة انخفاض الأراضي المتاحة لدفن المواد فيها.

وحتى أثناء تحلل البراز تحت الأرض، ظلت الكائنات المسبِّبة للأمراض حية لفترة أطول مما كان متوقَّعًا، أراد تيدي جوندين وزملاؤه في إدارة المياه والصرف الصحي جمع هذه المخلفات، لكنه تساءل قائلًا: "ماذا سنفعل بها؟"، فحيث إنها تحتوي على نسبة صلبة أكبر من مياه الصرف، فسوف تعلق بمحطات معالجة الفضلات السائلة، ولأنها لا تحتوي على البول، فهي تفتقر إلى المواد المغذية التي قد تكون سمادًا جيدًا، كما أن التخلص منها في مواقع المخلفات الخطرة قد يكون باهظ التكلفة.

ثم نما إلى علم جوندين وزملائه أن نوعًا معينًا من الذباب قد يساعد على صنع منتجات أفضل قيمة من السماد، يشكل الذباب عادة خطرًا صحيًّا، لأنه يتغذى على براز الإنسان وطعامه، فينقل مسبِّبات الأمراض أثناء تنقله من مكان إلى آخر، لكن ذبابة "الكتماء المعتمة" Hermetia illucens، التي تعيش في المناخ الاستوائي مختلفة؛ فهي تتغذى بشراهة حين تكون في مرحلة اليرقة فقط – حين تبقى في مكان واحد – ولا تتغذى على الإطلاق حين تصل إلى مرحلة البلوغ؛ مما يجعلها أقل خطرًا بكثير على الصحة.

واستفادت شركة "أجريبروتين" AgriProtein، ومقرها كيب تاون، – من هذا النوع من الذباب في التغذي على مخلفات الطعام، حيث بَنَتْ الشركة بعض المصانع؛ لاستغلال العادات الخاصة لهذه الذبابة.

وتقوم الشركة بتربية الذباب في أقفاص، بحيث يفقس البيض في حضّانة، ثم تنقل اليرقات إلى مخلفات الطعام، حيث تأكل حتى تمتلئ، وبعد أسبوعين من فقس البيض، تنتقل اليرقات بصورة طبيعية من المخلفات لتصبح في الطور الانتقالي، مما يسهل جمعها هي والمادة المركبة المتبقية بشكل منفصل.

وتقوم المصانع بإزالة المياه من اليرقات، لتنتج طعامًا للحيوانات، أو لتستخلص زيتًا دهنيًّا يُستخدم في أغراض متعددة، من بينها: مواد التجميل، والوقود الحيوي. تصبح المادة العضوية المتبقية مادة محسِّنة للتربة. وفي العام الماضي، افتتحت شركة "أجريبروتين" أول منشأة صناعية من هذا النوع، وتخطط الشركة للتوسع حول العالم قريبًا.

مع نجاح عملية مخلفات الطعام بشكل جيد، انتقلت الشركة إلى مصدر أكثر صعوبة؛ وهو المخلفات البشرية، تحت اسم "بيوسايكل" BioCycle. ويوضح ديفيد ويلكو درو – مدير الشركة، والمشارك في تأسيسها – أن اليرقات تغذّت على النوع الجديد من المخلفات، كما فعلت مع سابقه، وبالمشارَكة مع بلدية إيثوينكي، وبدعم من مؤسسة "بيل وميليندا جيتس"، افتتحت الشركة منشأة تجريبية في مقر محطة لمعالجة مياه الصرف في ديربان في نهاية عام 2016.

ويقول درو إنه قد تبينت صعوبة التعامل مع فضلات البشر، بسبب النفايات التي يلقيها مستخدمو المراحيض، وقد صُدِم بأفعال بعض الناس، لا سيما أن المراحيض ليست بالضرورة حُفَرًا مفتوحة.

ويقول درو: "كيف يتخلص شخص من هاتف قديم في ماسورة مرحاض على شكل حرف U؟" ولأنها تعي جيدًا المخاطر الصحية المصاحِبة للحمأة، قامت "بيوسايكل" بتعديل عملية مخلفات الطعام؛ لتناسب المصدر الجديد؛ إذ تُجري اختبارات صارمة؛ بحثًا عن مسببات الأمراض والمواد الثقيلة. وبدلًا من إنتاج مواد يستفيد منها المجال الزراعي، فإن مصانعها تضغط اليرقات؛ لتنتج زيتًا، كما تحوِّل المادة العضوية المتبقية إلى قوالب صلبة، ويُستخدَم كلاهما كوقود.

بدأت عمليات التوصيل من المراحيض الناقلة للبول في أواخر شهر يوليو 2017، وسوف تستقبل المحطة – حين تعمل بكامل طاقتها – 40 طنًا من المواد من المراحيض الناقلة للبول يوميًّا، وتقوم بخلطها مع مخلفات الطعام، يقول درو: "هذا هو أكبر موقع لحشرات البراز؛ دون شك".

ومع إجراء المزيد من الأبحاث، قد تتمكن ذبابة "الكتماء المعتمة" من معالجة حمأة نظام الصرف الصحي في المدينة، يقول جوندين: "الفوائد المحتملة كثيرة، وحكومات أخرى تترقب النتائج".

ولتسهيل الأمر على البلديات الأخرى، للانضمام إلى فكرة معالجة الحمأة، قام فريق ستراندي بتأليف كتيب ودورات تدريبية على الإنترنت؛ لمساعدة المهندسين المحليين على تصميم أنظمة يمكنها أن تفرز منتجات قابلة للتسويق. وللتوصل إلى فَهْم أفضل للمدخلات في هذه الأنظمة، يعمل فريق دولي يقوده باحثون من جامعة "كوازولو ناتال" في ديربان على صياغة طرق وإجراءات قياسية؛ لتوصيف خصائص حمأة البراز، مثل الرطوبة، والقمامة، ومحتوى مسبِّبات الأمراض، والقيم الغذائية والحرارية.

ويقول درو إن جميع الناس يتغوطون، وهو يحلم بأن "يسهم جميع سكان العالم في سلسلة التوريد الخاصة بمشروعنا".

إعادة تدوير الفضلات البشرية لتناولها من جديد!

قام علماء بتطوير أسلوب جديد لتحويل الفضلات البشرية إلى مصدر غذاء يمكن لرواد الفضاء الاعتماد عليه فى بعثات المريخ المستقبلية باستخدام الميكروبات القادرة على تحطيم النفايات الصلبة والسائلة.

قال البروفيسور كريستوفر هاوس، الباحث فى مجال الميكروبات بجامعة بنسلفانيا الأمريكية أن الأسلوب الجديد يمكن أن يؤدى إلى انتاج طعام ذو طعم حلو يشبه الخضروات من خلال فضلات البشر.

ويعتبر توفير المؤن الغذائية أحد أصعب العقبات التى تواجه رحلات الفضاء طويلة الأمد، حيث أن الأحمال الزائدة على المركبة تمثل استخدام إضافى للوقود مما يعنى تكاليف إضافية للرحلة، وبالتالى فإن إعادة تدوير النفايات يعتبر حل جيد للمشكلة.

ورغم التجارب التى أجريت بالفعل لإعادة تدوير النفايات البشرية على متن محطة الفضاء الدولية، واستخراج المياه من بول رواد الفضاء، إلا أن الأسلوب الجديد لا يزال قيد التجربة ولا يمكن تطبيقه فى الوقت الحالى.

إنتاج الطاقة من المطامر في الولايات المتّحدة

ويصل إنتاج النفايات المنزلية في الولايات المتحدة إلى ما يقارب 254 مليون طن سنوياً، يُعاد تدوير نحو 35 إلى 40% منها. وتقارب قيمة سوق النفايات فيها 50 مليار دولار.

ويوجد نحو نحو 2300 مطمر في البلاد، يُجمع الغاز في 520 منها ويُستخدم لإنتاج طاقة كهربائية تكفي لإنارة نحو 700 ألف منزلٍ، وتسدّ ما نسبته 1% من الطلب على الغاز الطبيعي محلّياً، وفقًا لما ذكرته وكالة حماية البيئة الأمريكية "The Environmental Protection Agency".

ومن أشهر المطامر المستغَلّة في الولايات المتّحدة مطمر “بوينتي هيلز” Puente Hills في مقاطعة لوس أنجلس، الذي يُعدّ الثاني من حيث الحجم. هذا المطمر يولّد 50 ميغاواطاً من الكهرباء أي ما يكفي حاجة 50 ألف منزل. كما يتمّ ضغط الغاز فيه لاستعماله كوقود للآليات العاملة فيه.

وبالإضافة إلى ذلك، تقوم دائرة إدارة النفايات في ولاية هيوستن بتشغيل خمسة من أكبر المطامر في الولايات المتّحدة، لتولّد منها 500 ميغاواط من الكهرباء. وفي مطمر ألتامونت التابع لإدارة النفايات في هيوستن، تمتدّ أنانيب لجمع نحو 93% من الغاز المنتَج من نفاياته ولإنتاج 10 آلاف غالون من الغاز السائل الذي يُستخدم كوقود.

وتسعى بعض المدن الأمريكية إلى تخطّي النسبة العامة لتدوير النفايات في البلاد، وتعمل على ذلك من خلال بدء الفرز من المصدر عبر تثقيف التلاميذ بشأن أهمّية الفرز ونقل هذا التثقيف إلى أهاليهم. على سبيل المثال، تعيد مدينة فريسنو في كاليفورنيا تدوير من 30 إلى 50% من نفاياتها وتخطط لتدوير ما يقارب 75% من تلك المرمية في المطامر، وصولاً إلى 90%.

وإذا امتلأ المطمر، توجد حلول أخرى كتلك التي تنتهجها “غرين ماونت باور” Green Mountain Power في ماساتشوستس. تعمد هذه الشركة إلى استغلال أسطح الأراضي غير الصالحة للزراعة أو السكن، لزرع ألواح الطاقة الشمسية عليها. وبما أن عدد المطامر المنتهية الصلاحية يفوق الـ10 آلاف، تحقق هذه الخطوة منافع عدّة تبدأ ببناء حواجز لمنع تسرّب التربة الفاسدة، واستغلال أمثل للمساحات، وبالتالي الحصول على طاقةٍ نظيفة ومتجدّدة.