"مجلة جنى" في الدّورة التاسعة لمهرجان الفيلم العربيّ في برلين، سيُعرض فيلم “واجب” للكاتبة والمخرجة الفلسطينيّة آن ماري جاسر، وذلك ضمن جولة عروض للفيلم في محافل سينمائيّة عديدة، في العالم العربيّ، أوروبا وأمريكا. كان قد رُشح الفيلم لجائزة الأوسكار 2018 عن فئة “أفضل فيلم أجنبيّ”، حيث كانت هذه المرة الثالثة التي يُرشح فيها فيلمٌ لآن ماري جاسر لجائزة الأوسكار، وذلك بعد فيلم “ملح هذا البحر” في 2009 ومن ثم فيلم “لما شفتك” في 2013.
“واجب”، فيلم روائيّ فلسطينيّ، تبدأ أحداثه مع عودة شادي الابن (صالح بكري) من إيطاليا إلى الناصرة لحضور حفل زفاف أخته، ومساعدة والده (محمد بكري) في تحضيرات العرس، فتقودهما هذه الرّحلة إلى صراعات عديدة على المستويات السياسيّة والاجتماعيّة والشخصيّة، مما في الفيلم من تسليط ضوء على النّاصرة كنموذج للداخل الفلسطينيّ وناسه.
فن: “السينما كوسيلة مقاومة”، فكرة أعتقد بأنك تؤمنين بها، تقولينها وتمشين حسبها، كمخرجة فلسطينيّة. هل تختلف السينما الرّوائيّة عن الوثائقيّة فيما يتعلّق بكونها وسيلة مقاومة؟
آن ماري: لا أرى اختلافاً بين الوثائقيّ والرّوائيّ. أؤمن أن على السينما أن تكون صادقة، وأحياناً الأفلام الرّوائيّة صادقة أكثر من الوثائقيّة. وبما يتعلّق بكوني فلسطينيّة، فكل فعل هو شكل من أشكال المقاومة.
عندما يعيش الناس في ظلّ الاحتلال العسكريّ، ويحرمون يومياً من حقوقهم الأساسيّة، عندما يوضع الناس داخل سجن، يُحرمون من حرياتهم، وبنفس الوقت، يواصلون الإصرار على وجودهم، لذلك، كل فعل هو مقاومة. عندما تعيشين في مكان لا يمكنك زيارة عائلتك، ولا أن تأخذي طفلك إلى المدرسة بالسّيارة، ولا أن تتعلمي أو تعملي، ولا فعل الأشياء الأساسيّة، عندها الحقيقة البسيطة التي تكمن بالاستيقاظ كلّ صباح، وإيجاد سبيل للبقاء على قيد الحياة ورفض أنك شخص غير مهمّ، كل هذا هو مقاومة أيضاً.
فن: أنت من أوائل مخرجات الأفلام النّساء الفلسطينيّات، لماذا هنالك نقص في عدد النساء المخرجات مقارنة بحضورهن القويّ في التمثيل على سبيل المثال؟
آن ماري: في فلسطين، هنالك العديد من المخرجات النساء وأنا واحدة من كثيرات. إنها حقيقة في كل العالم العربيّ، وبإمكانك بسهولة ملاحظة أن في أي مهرجان سينمائيّ عربيّ عدد المخرجات النساء هو نصف الاختيار. للأسف، ليس هذا هو الحال في العديد من المهرجانات السينمائيّة الأوروبيّة والأمريكيّة الكبرى.
فن: فيلم واجب، هو فيلم عن الداخل الفلسطينيّ، وبشكل خاص الناصرة، وهو أول فيلم لك يتطرق إلى هذه المناطق. كيف أثّر مسار عمل الفيلم عليك؟ وماذا أعطتك التجربة كإنسانة وكمخرجة؟
آن ماري: كنت قد صوّرت في فلسطين التاريخيّة، ومناطق الـ 48، في فيلمي الروائيّ الأوّل “ملحُ هذا البحر”، ولكن في فيلم “واجب”، أردت تسليط الضّوء بشكل حميميّ أكثر على مدينة النّاصرة، وعلاقة أب وابنه في هذا السّياق. الناصرة ليست مدينة سهلة للتصوير، لأسباب عديدة. ولكن، وجود المُنتج أسامة بواردي من الناصرة معي، ساعدني كثيرًا بالتأكيد. من خلال الفيلم، أردتُ التقاط الأجواء السياسيّة والاجتماعيّة، من وجهة نظري، لهذا المكان وهذه العلاقة، وبالمقابل، الاستمتاع بروح الدعابة التي تأتي من الإحباط.
فن: فيلم واجب في جولة الآن، قبل أيام افتتح مهرجان حيفا المستقلّ للأفلام بدورته الثالثة، من ثم عُرض في أيام بيروت السينمائيّة والآن في مهرجان الفيلم العربيّ في برلين. ما أهمية وجود منصة سينمائيّة، مثل مهرجان الفيلم، تُسلط الضّوء على الأفلام العربيّة في هذا الوقت تحديداً؟
آن ماري: لم أتوقّع أن يكون واجب حاضراً في أماكن عديدة خلال نيسان/ أبريل، وهو شهر مهمّ بالنسبة إلينا لأننا افتتحنا صالات سينما في إيطاليا، إسبانيا ولبنان. سعيدة جداً لعرض “واجب” في برلين مع مهرجان الفيلم، لأنه من المهمّ جداً عرض الفيلم ضمن مهرجان أسّس كيانه على تقديم نوع معيّن من السّينما من منطقة محددة، وهذا يعني بأن مهرجان الفيلم بنى جمهوره الخاص على مدار السّنوات السّابقة، وهذا يعنيني كثيراً، لأنه ليس من السّهل فعل ذلك.
بالإضافة إلى جولات عروض “واجب”، تعمل آن ماري جاسر مع عائلتها هذه الأيام على ترميم وتجديد منزل تابع لأسلاف عائلتها في بيت لحم، عمره 127 عامًا، من أجل فتحه كمساحة ثقافيّة متخصّصة بالفنون والأبحاث، “نعمل فيه يومياً منذ عاميْن، وخلال العام 2018 سيتم فتحه لاستقبال الجمهور”، تقول آن ماري. وتتابع: “هو مشروع أهتم به بشدّة، وأشعر بأن هذا النوع من المساحات المفتوحة، الاجتماعيّة والثقافيّة، مهمّة للغاية بالنسبة إلينا.