صافية كتو .. قلم أنثوي متمرد من أجل الحرية

مجلة جنى - من هي صافية كتو ؟

هي زهرة رابحي ، ولدت يوم 15 نوفمبر 1944 بمدينة عين الصفراء، حيث يعود أصلها إلى عائلة رابحي من عرش أولاد سيدي يونس القاطنون مدينة الجلفة و ضواحيها حاليا.
تلقت تعليمها الأول على أيدي بعثة تبشيرية مسيحية، كان والدها يحلم بأن يراها طبيبة أو مُدرّسة، شغلت عدة وظائف بين التعليم و الإدارة، حيث عملت مع مطلع الاستقلال كمدرّسة للغة الفرنسية بإحدى مدارس عين الصفراء، انتقلت في سنة 1969 إلى الجزائر العاصمة، و هي في سن ال25، كان هذا حدثا ثوريا في تلك الأيام بالنسبة لفتاة من أسرة صحراوية محافظة، اشتغلت كمتعاونة في وزارة التربية والتعليم، ثم موظفة مؤقتة في شركة مهتمة بالفلاحة.

في بداية سنة 1973 التحقت بالصحافة حيث باشرت مهامها في وكالة الأنباء الجزائرية، تدرجت في مهنتها إلى أن بلغت قسم التحقيقات الصحفية، اشتهرت خلال سنوات الثمانينيات بكتاباتها في العديد من الصحف والمجلات مثل: Algérie actualités ، Révolution Africaine، Afrique Asie ... فكان لزهرة أن قربتها مهنة الصحافة من فضاءات الأدب و شغف المطالعة و لذة الكتابة التي تعتبرها ( هروبا من اليأس ).

أصدرت في سنة 1979 باكورة كتابتها الشعرية التي تمثلت في مجموعة (صديقتي القيثارة) موقعة باسم مستعار هو "صافية كتو"، وكان الناشر دار أنطوان نعمان – كندا. كشفت مجموعتها تلك حساسيةً جديدةً في التجربة الشعرية الجزائرية، تنأى عن الأسئلة الإيديولوجية المبتذلة، ولعبة اللغة الساعية إلى إبهار المتلقي، مفضلة كتابة تدنو أكثر من السرديّة الشعرية، افتتحت ذلك الديوان ببيان عرفان لروح الشاعر التشيلي "بابلو نيرودا".
أصدرت في سنة 1983 مجموعة قصصية تحمل عنوان (الكوكب البنفسجي)، و كذا مسرحية وضعت لها عنوان (أسما) مثلت في القناة الإذاعية الثالثة، ومجموعة قصصية للأطفال لم تطبع سمّتها (وردة الرمال)، ورواية تهتم بالشق النفسي والاجتماعي لم تنشر، وتعد "صافية كتو" من الكتاب السباقين في مجال أدب الخيال العلمي بالمغرب العربي.

دوافع الكتابة عند صافية كتو
صافية كتو واحدة من الأديبات الجزائريات اللائي تميزن على مستوى الكتابة، إذ أنها سجلت اسمها في صنوف عديدة من أنماط الكتابة بداية من المقالة ونهاية بأدب الأطفال مرورا بالشعر والقصة ...
إن المتأمل لكتاباتها خصوصا ما تركته في متتاليتها القصصية "الكوكب البنفسجي" و"المنتخب الشعري"، "صديقتي القيثارة"، سيدرك لا محالة أهم ملامح الأدب عندها انطلاقا من موضوعات الكتابة.

إذ أن الكتابة بالنسبة لها كانت لحظة تنفيس جمعت بين الألم والفرح، الألم لأنها كانت تجسد صوت الأنثى الذي كان شبه مغيّب، فقد كان من العسر الشديد في ذلك الزمن أن تكتب المرأة معبرة عن أنوثتها وكينونتها، أما الفرح فكان معبرا عنه بلحظات الانتشاء والتفريغ أو في لحظات الكتابة بالمعنى الذي يؤسس تصالحا مع الذات.
لقد مارست "صافية كتو" الكتابة في مجالات متعددة، تغنت بالطفولة وبكت آلامها خصوصا ما تعلق بالأبناء المهجورين الذين يولدون ويتركون على قارعة الطريق .
كما كتبت عن الأم أشعارا شجية، فرغم فراق الشاعرة لأمها حينما اتجهت من مدينتها الأصلية العين الصفراء الواقعة في الجنوب الغربي الجزائري إلى الجزائر العاصمة، إلا أن التغني بها والعودة الدائمة إلى حضن الحنان الصادق كانت حالة ملازمة لصافية كتو، فها هي تؤكد لأمها بأنها كانت سعيدة وهانئة في بطنها:

أمي لقد كنت سعيدة في بطنك
مدة تسعة أشهر ما عرفت الأحزان
مدتها كنت سابحة في الحنان (...)
أمي رغم الفراق والبعد
لازلت ناصعة متلألئة .

كما يظهر الأدب عند صافية كتو في الكتابة المخلدة للوطن، سواء في الشعر أو في فضاء القصة .
فعلى مستوى الشعر تغنت صافية كتو بالوطن، الذي أحبت رؤيته طليقا متطورا، الشيء نفسه يتضح من خلال (الكوكب البنفسجي) حينما يتغلب الإحساس بالوطن على الإحساس بالأمومة ومثال ذلك "سعدية الممرضة" التي آثرت أن تتجه إلى الجبل لتضميد جراح المجاهدين على أن تبقى لرعاية زوجها المقعد أو أن تراعي ابنها الوحيد .
زيادة على ذلك فقد تمثلت صافية كتو أفراح وأحزان المرأة وتغنت خصوصا بشجاعة المرأة الريفية التي تحملت المشاق العديدة من أجل رعاية أسرتها وخدمة وطنها ..
إن أعمال صافية كتو تظهر بلا مجال للشك أنها كانت نصيرة لقضايا الخير والحق والجمال في ضوء سياق صعب عاشت فيه، إذ كان من العسر الشديد أن تبرز الأنثى على مستوى الكتابة .
لكن كتابة صافية كتو تبقى شاهدة على تفردها، خصوصا اعتبارها رائدة لأدب الخيال العلمي على المستوى المغاربي، وهذه الشهادة قدمها الناقد التونسي حمادي عباسي في جريدة الوقت التونسية المكتوبة باللغة الفرنسية. وعلى سبيل المثال فقصة "الكوكب البنفسجي" تعبر عن حضور أدب الخيال العلمي، حيث تخيلت الكاتبة كوكبا بنفسجيا يسكنه أناس لا يهرمون ولا يسأمون، أما في قصة "القمر يحترق" فتتحدث صافية كتو عن سفرية اتجاه القمر، عن طريق الخطوط الجوية القمرية يعيش أصحابها وضعا مربكا يكتشفون من خلاله بأن القمر يحترق.

زيارتها إلى الجلفة
في أواخر شهر أوت من سنة 1988 قامت "صافية كتو" رفقة أخيها "رضوان رابحي" الذي كان آنذاك مفتشا عاما بوزارة البريد المواصلات و كذلك زوجته، بزيارة عائلية إلى بيت البشير رابحي والد الكاتب والفنان التشكيلي بن علية رابحي، حيث صرح هذا الأخير:
.. كانت ترتدي قميصا أصفرا و بنتلونا بنيا فاتحا و كان شعرها الأشقر المتموج منسدلا بشكل فوضوي على كتفيها، بدت و كأنها تخفي حزنا عميقا، كانت ابتساماتها غامضة و كلماتها متثاقلة، في بيتنا الواقع بحي البرج (القرابا) أخرجت آلة التصوير و راحت تأخذ لنا صورا جماعية، كأنها كانت تودع عائلتها الكبيرة، لأنها غادرت الحياة بعد خمسة أشهر...
وفاتها
في يوم 29 جانفي 1989، تم التبليغ عن جثة هامدة أسفل جسر تيليملي بالجزائر العاصمة، حسب ما جاء في مقالة منشورة للكاتب سعيد خطيبي (.. ذكرت تقارير الشرطة عن أحد الشهود، أنّه رأى امرأة تنزل من سيارة أجرة عند الثامنة صباحاً، دفعت للسائق أجرته، ثمّ انحنت يمنةً، سارت بضع خطوات وقفزت من أعلى جسر تيليملي في وسط الجزائر العاصمة ..)، لكن البعض يشكك في حادثة الانتحار مثل الكاتب الروائي عبد القادر ضيف الله ابن مدينة عين الصفراء و رئيس جمعية صافية كتو حيث يقول :
" لا أعرف كيف وجدت نفسي داخل سيارة الأجرة وأنا أحدث ذلك السائق عنها وعن موتها التراجيدي، فجأة أدار بأصابعه مرآته العاكسة وراح يبصر فيّ بعمق، بعدها زفر وهو يسألني إن كنت أعرف صافية حقا، هته التي سمعني أردد اسمها وأنا أركب سيارته، قلت له أنا ابن مدينتها ومهتم بكتاباتها لهذا تجدني في كل ذكرى وفاتها أجيء إلى هذا الجسر لأعيد حكاية الارتطام، ثم أردفت له: شجاعة كبيرة أن يرمي الإنسان بنفسه من ذاك العلو ( تبسم بصمت ثم رد : ومن قال لك أنها رمت بنفسها من هناك ؟).
كدت أقول له: وأنت ماذا يعنيك إن كانوا قالوا لي ذلك أو استنتجته بنفسي، لكنني تراجعت لأنني كنت أدرك أن الكل كان يعرف أنها انتحرت أو على الأقل أن هذا ما كتبته شرطة العاصمة في تقريرها حينما عاينت حادثة الموت يومها.
هز رأسه وبدأ يردف في كلام لا أعرف كيف شعرت بأنه كما السهام الحادة يخترق توازني حتى أحسست بارتعاد كما الحمى الباردة في جسدي.
تذكرت حينها أخت صافية الصغيرة التي قالت لي يوما أنها لا تصدق أن صافية أقدمت على ذاك الفعل وهي التي كانت تصاب بالغثيان لمجرد رؤية قطرة دم على أحد أصابعها، لحظتها تابع السائق كلامه: تلك فترة انعطاف في حياة هذه البلاد ،أتعرف الرئيس الذي كان في تلك الفترة ؟ كان يريد أن يقدم بعض الأسرار عن تلك التحولات المتسارعة والانهيارات التي بدأت تمس البلاد، وقد جيء بصافية لتكون هي مسجلة تلك الأسرار باعتبارها صحفية متميزة، سجلت كل تلك الأسرار التي كانت محفوفة بسرية كاملة، وحينما خرجت صافية في ذاك اليوم بعد ذاك اللقاء، غابت وبعدها كان خبر موتها يا صديقي.
هزني هذا الكلام قلت ربما هذا مخبر يريد أن يجرجرني بالكلام عن السياسة حتى أصدق فرضيته، لهذا لم أعرف بماذا أرد عليه، اكتفيت بالصمت ودون أن ادري وجدتني أشير له كيما يتوقف عند المحطة البرية التي كنا نمر بجانبها، نزلت مسرعا حتى لا يفوتني موعد الحافلة وأسئلة الحيرة تتآكل في رأسي: ترى هل أصدق قصة انتحار صافية كتو أم قصة اغتيالها ؟ "

جنازتها
في أواخر شهر جانفي سنة 1989، وفي صباح رصاصي ممطر ومهيب استقبلت مدينة عين الصفرة نعش الكاتبة والصحفية صافية كتو، كان الموكب محدودا وإذ ذاك حان موعد الدفن فكثرت وشوشات وغمغم النزر القليل من الحضور بأصوات غير مفهومة و ما انفكت أن تحولت إلى لغط وجدال وصل بالبعض إلى الدعوة إلى عدم الصلاة عليها، وكادت الشاعرة ألا تدفن وألا يعرف لها قبر وشاهدة، لم تكن الطريقة التي دفنت بها صافية كتو في أحداثها "الجنائزية المؤلمة" بعيدة عن ما عانته في حياتها جراء نضالها كصحفية شرسة وشاعرة وقاصة، فالمرأة كانت تمثل معادلة نسوية في الساحة الأدبية الجزائرية، تلك الخمرية ذات الشعر الفحمي الآتية من عمق مدينة تحفها الكثبان مدينة عين الصفراء، لكن وشائج المكان المتغير بين المدينة والريف لعبت على أوتار قيثارة جعلته صديقا حميما فأهداها ذات يوم ألحانا من الفرح وأغنيات للحرية ووصف الوطن، كانت الشاعرة كتومة تعمل بصمت ولا يعرف عن أخبارها إلا النزر القليل إلى غاية موتها سنة 1989، رحلت صافية كتو بالطريقة التي رحل بها عبد الله بوخالفة بعدها بسنة، رحل عبد الله شاكري وبختي بن عودة.

مقتطفات مترجمة من شعرها
ترجمة مشتركة بين محمد عاطف بريكي و سمير قسيمي
لعل الأمر الذي دفعنا إلى ترجمة ونظم هذه القصيدة ،هو موضوعها الذي يجعلها تلاءم الوضع الذي عاشته الجزائر في العشرية الأخيرة، رغم أنها كتبت قبل أزيد من ثلاثين عاما، ومثل هذه المصادفة الغريبة تجعلنا نتساءل حول العنف في الجزائر، هل هو عنصر من عناصر شخصيتنا الجزائرية وجزء من تاريخنا الموغل في القدم؟
نعتقد أن القارئ سيستمتع لجمالية هذه القصيدة المترجمة من الفرنسية التي نتصور أنها من أجمل ما كتب قلم الشاعرة صافية كتو على الإطلاق :

العنف قد سكن القلوب كما العقيدة و الجنون
وتمادى في قهر الرجال ، فلا ضجيج ولا سكون
قد أرهب الضحكات ، في أفواهنا زرع المنون
جعل الحداد قصيدة تروى كما تروى المتون


العنف ينظر في وجوه الناس بالموت اكتحل
جمعت عيونه "آه" شعب لم ير نور الأمل
الموت والصرخات يجمع في عيونه والأجل
يا ساخرا يهوى القنابل أن تغازله المقل
وتميت طفلا في فراش المهد إيه لم يزل

ونسّب في الدنيا ونشتم جهرا تلك الحياه
"ما الدنيا ما معنى الحياة وما الوجود إلى مداه
إن نحن نرفض كل شيء حتى ما شاء الإله"


"لا …لا حوار ولا كلام ولا سلام"
تهذي شفاهنا لم نفق ، وعلى عزيمتنا اللجام
نهوى الجريمة، لا نعير السمع ان وجب الكلام
نهوى حديث النفس مصلوبا على وتد الحرام.

سيزورنا الموت المعظّم في مواكبه الجليله
كنسيم ريح في ثوان كنّ في عدّي قليله.

بعض يكيد لبعضنا وبجوفنا حمى الجريمه
وجحافل الحمى الرهيبة تعتلي النفس السقيمه
ونجيد طبخ الكادحين على موائدنا وليمه
ونرانا نعجب، والتعجب قصة فينا قديمه.

العنف حيّ بيننا، في كل حي قد يقيم
في كل نفس،صمته الأزلي يصرخ من الجحيم
كفن الصغار يخيطه بدم ملوّث مستديم
سيخيط أفواه التساؤل بالجرائم لا يهيم
ويخط دربه ضاحكا متضاحكا فوق السقيم.
مواسم / ترجمة محمد عاطف بريكي
آه ، يا قلبي
على إيقاع المواسم تتلون
مثل يسروع هندي
آه يا قلبي
لما يجيء الربيع تروح تنتظر
غنوة النسمة العليلة
مثل أجنحة فراشة
آه يا قلبي
ولما يجيء الصيف تحمل زادك
صوب الحصاد المدّوخ
مثل ليال مشرقية
آه يا قلبي
ولما يأتي الخريف يسكن
الخوف قلبك
من الأوراق الذاوية
مثل عبرات رقراقة
آه يا قلبي
و حين يحل الشتاء يغادرك الأمل
في موكب الأناسي
والأغصان عارية
آه يا قلبي
على إيقاع المواسم
تروح تتحول
مثل شرنقة بومباي
****
1- إليك
سأمنحك دموعي
و روحي
سأهديك امتدادي
و أفراحي المجنونة
سأعطيك طفولتي
على حواف القرية
سأهديك صمتي
مزدان بنخلات مذهبة
سأمنحك آخر قصيدة
و معها حناني...

2-  بابلو التشيلي
بابلو أنت لم تمت
رسالتك باقية
في عمق الذكريات الحزينة
بابلو أنت حي
كيف و روحك تسري في الطرقات الحمراء
بعد مطر الدم.
كم هو رديء طقس التشيلي
نظرات الأرامل لا تطاق
إليندي
العصبة المجرمة حطمت التناغم
في كثير المدن
و زحفت إليها الضغائن
تفرق شمل الأسر
و تاه الأطفال في البكاء
و معهم القيثارات المكسرة
هيهات، بعدما باع الخونة الشرف
بطرف قلم
و حوّلوا سانتياغو إلى جهنم
لم يضع شيئا بابلو
فأشعارك منثورة
في كل مكان كالنجوم
كل من يقرأها يثور
كل من يقرأها يسأل
متى،متى تجيء الحرية
إلى متى كل هذا الخوف في التشيلي.

3- عبء
أحس بثقل في قلبي
كأنما يحمل أثقالا
أقبل بكل حمل
حتى و لو كان لمجرمين
منهك أنا بكاهلي الثقيل بالخطايا
بضجيج المحطات المكتظة
في كل يوم أزداد انحناء
تحت عبء آخر
يهبط و يضغط على صدري الضيق
المخنوق بالملل
قليلون هم من يفكروا في معاناتي
و لا من يواسيني
و لو بكلمة، بابتسامة
ربما لأني مجرد عتّال
قالوا عنها
قال الباحث والقاص محمد بوزرواطة:
.. الراحلة زهرة رابحي التي اشتهرت باسم "صافية كتو" تعدّ امرأة متمردة وصحفية مغامرة تميزت بالعطاء والتأمل والصمود و تأرجحت بين سكون اللحظة الشعرية الهادئة وحس الطبيعة الدفاق الذي يتلمسه القارئ ..
قال الناقد التونسي حمدي عباسي:
.. كانت صافية كتو سبَّاقة إلى أدب الخيال العلمي بقصصها المحققة الفضائية (1967م) و القمر يحترق (1968م) و الكوكب البنفسجي (1969م)، ..
قال الكاتب الصحفي بودويا بلحيا :
.. كل الذين عرفوها أطلقوا عليها اسم زهرة اللوتس أو فراشة الكوكب البنفسجي، لأنها كانت حالمة ومقبلة على الحياة ، لكن الحياة لم تكن في وجهها سوى كما صورة الموت الذي كان سيجيء ساحبا الدمار معه لكل وطنه..
قال الشاعر و المترجم محمد عاطف بريكي:
.. صفية كتو كانت تمثل معادلة نسوية في الساحة الأدبية الجزائرية تلك الخمرية ذات الشعر الفحمي الآتية من عمق مدينة تحفها الكثبان تسمى مدينة عين الصفراء ذلك المكان الذي شكل التناقض بين الحب والألم في غربتها المستعصية كما في أشعار الإسباني بيثنتي ألكسندري، لطالما كانت مدينة عين الصفراء مبعث فخر و اعتزاز الشاعرة كأصل متجذر منذ الولادة و بين المدينة العاصمة التي فتحت لها صدرها ووفرت لها أسباب حضورها الأدبي و انطلاقتها في الحياة، أديبة وصحفية من طراز بديع .
قال الروائي واسيني الأعرج:
".. إن سقوط شاعرة بحجم صافية كتو ليس من السهل أن يمر علينا هكذا كسحابة صيف عابرة إنه يشكل إرهاصا لما حدث فيما بعد، تماما كما الكائنات البرية التي تتحسس عمق الأرض ترقبا لحدوث زلزال وشيك .."
قال الكاتب و الصحفي سعيد خطيبي:
" .. وحين بادرت السلطات الجزائرية في منتصف الثمانينيات، إلى شراء حقوق نشر أعمال كتاب جزائريين صادرة عن دور نشر أجنبية، قامت بالمسعى ذاته مع أعمال رشيد بوجدرة ومالك حداد ومولود معمري وغيرهم… إلا أعمال صافية كتو بقيت بعيدة عن القارئ الجزائري، وظلّت الكاتبة تعيش منفيّة داخل وطنها.."

المصدر: جزائريين